البهية
01-04-2019, 10:48 PM
عمر الشتاء قصير في البر شمال جدة .. يحدنا البحر من الغرب والجبل من الشرق ..
حدد البر والبحر طبيعة حياتنا لقرون .. البعض يرعى الغنم والابل والبعض يصطاد السمك ..
وكما ان عمر الشتاء قصير فالمطر نادر هنا .. ولكن عندما يهطل يتحول الى سيول عارمه ..
تتكون بحيرات جميله يشرب منها الطير وذئاب الجبل وقطط الصحراء ..
تخضر الصحراء وتتحول الى جنة ارضية ..
تظهر الزهور البيضاء ..
تظهر الفراشات والطيور والحشرات ...
تجد الاغنام والابل مراعي تكفيها شهور قبل ان يحل القحط ..
هل شاهد احد منكم صحراء وقد اخضرت وازدهرت بالحياة من قبل ؟!
انا رأيتها كثيراً وعشت فيها وتنسمت هوائها الذي يختلط برائحة التربة المروية بالمياه العابق بشذا الزهور النابته ..
انا بنت بر ذهبان شمال جدة .. التي تزحف بجنون لتصل الينا بمبانيها وبشرها وقمامتها وملايين من اكياس البلاستيك المتطايره التي تاكلها الحيوانات فتختنق بها ..
لا مكان لدينا نفر اليه من الزحف القادم من الجنوب .. لا مكان ...
***********************
مع هطول المطر يأتي الجميع الى البر للتخييم والشواء واللعب و****و .. هناك اماكن مغلقه مخصصة للخواجات .. سمعنا عن خمور تراق ونساء ترتدي اللاشيء وتلهو وتلعب في البحر كما يردن !!
لم اصدق في البداية ولكن الكل اجمع على ذلك .. في النهاية هم خواجات وحياتهم غير حياتنا ..
ارتدى العباية السوداء التي تغطيني تماماً من الرأس حتى القدمين .. عندما اذهب الى السوق في جدة لا يعرفني ابي .. انا اعرفه اما هو فلا .. مئات النسوة يرتدين العبايات السوداء ووجوهن مغطاه .. لا هوية للنساء هنا خارج البيوت ..
عندما سمحوا للنساء بقيادة السيارات حسم ابي الامر ببساطة : ابناء القبائل لا يرضون بمثل هذه الامور ..
انتهى الامر قبل ان يبدء ..
حظي من التعليم انتهى عند الثانوية فقط .. دخول الجامعه كان خارج نطاق احلامي ..
الزواج هو المصير والمنتهى ..
مواصفات الزوج وقبيلته وفخذه ونسبه يحددها رجال البيت ..
ابي واخي ..
لكم تمنيت ان اكون فراشه مثل تلك الفراشات التي انتشرت بعد هطول المطر .. بعضها ابيض وبعضها ملون وبعضها تتخفى بلون ورق الشجر النامي ..
لا اريد ان اصبح حرة مثل بنات جدة .. ولا مثل بنات مصر في المسلسلات والافلام فهذا اقرب الى الجنون .. فقط اريد ان اصبح فراشه ولو كان لي عمرها الذي يمتد لايام قليله ..
*************************
انتقل اخي للعمل في الجبيل بعيداً .. وابي انتقل بعد تقاعده من العسكرية للعمل في شركة نفط رابغ على بعد عشرات الكيلومترات ويعود في كل صباح ..
اصبح الليل ملكيه خاصه لنا نحن فتيات البيت ... ليل الشتاء الطويل ببرودة ذهبان المعتدلة ..
احب ارتداء عبايتي والتسلسل عندما ينام الجميع لتنسم نسمات البحر الباردة المشبعه باليود وشذا الزهور ورائحة مياه الامطار المختلطة بالتراب بالاعشاب الناميه مع انفاس منتصف الليل النديه وهو مزيج لن تتنسمه الا هنا !!
وهناك بالقرب من شاطيء البحر التقيته لاول مره .. كان يجب ان اخاف منه .. الرجل كائن مخيف هنا .. والمرأة الوحيده بعد منتصف اليل ايضاً كائن جدير ببث الخوف .. كان يجب ان يخاف مني ..
ولكننا لم نخف من بعضنا البعض .. كان يدخن بهدوء وهو يتامل البحر .. رأيته وشممت رائحة تبغه وهو رأني وشم رائحة عطري ..
لم يظنني جنيه ولم اظنه قاطع طريق مغتصب ..
ابيض البشره يرتدي الشماغ الاحمر المنقط بالابيض والعقال الاسود والثوب الابيض .. فبدا واضحاً تحت نور القمر ..
- السلام
- وعليكم السلام
- من اين انتي ؟!!
- من هنا ... ذهبان
- انا من جدة .. هل هو الارق من اخرجك في هذه الساعه وحدك ؟!!
- عشق البحر والبر والمطر والنماء من اخرجني
- نفس سبب خروجي ولكني قطعت 70 كيلو متر لانفرد بنفسي
- هل قطعت عليك خلوتك
- ابداً ولكني لم اتخيل ان تخرج فتاه هنا وحدها في هذه الساعه من الليل
- انه العشق كما قلت لك
- نعم العشق لا لوم عليك !!!
************************
اسمه فيصل واسمي العنود ..
يبحث عن عمل ولم يجد سوى تطبيق كريم لسيارات الاجرة كطوق نجاه من الغلاء والفراغ ..
عرف المكان عندما اقل اسرة اليه منذ ايام واحبه ..
مع مرور الايام وتكرار ساعات لقاءنا شعرت بالالفه تجاهه .. وشعر بالالفه تجاههي ..
لم يحدث ان تبادلت الحديث مع غريب من قبل ولكن هناك حائط ما سقط حياله فوجدتني وكأني اعرفه من سنين ..
جمعنا عشق البحر والبر ورائحة المراعي الخصيبه ..
جمعنا الالم والحزن والفرص الضائعه .. جمعنا الضيق رغم رحابة الكون ..
سمعت كثيراً عن هذا الكائن الخرافي المسمى "الحب" ولكني لم اقابله ..
فهل ما اشعر به تجاه هذا الشاب هو "الحب" ؟!!
هل هذا هو ما تتحدث عن الفتيات ونجمات السينما والمسلسلات عبر البحر في القاهرة البعيدة ؟!!
كشفت وجهي له ..
هذه الحروف البسيطة ليست مجرد حروف هي عبور كامل من شاطيء ذهبان الى ذلك الشاطيء البعيد على الجهه الاخرى ...
انا مثل تلك الفتيات الان هناك .. احب ولي حبيب ويعرف شكلي وملامحي ..
الرجال ليسوا قطاع طرق مغتصبين كما كنت اظن .. فهناك في الحياة رجال يشبهون هؤلاء الذين يظهرون على شاشة التلفاز .. لطفاء محبين عاشقين للبحر والبر والفراشات !!
*****************************
حدد البر والبحر طبيعة حياتنا لقرون .. البعض يرعى الغنم والابل والبعض يصطاد السمك ..
وكما ان عمر الشتاء قصير فالمطر نادر هنا .. ولكن عندما يهطل يتحول الى سيول عارمه ..
تتكون بحيرات جميله يشرب منها الطير وذئاب الجبل وقطط الصحراء ..
تخضر الصحراء وتتحول الى جنة ارضية ..
تظهر الزهور البيضاء ..
تظهر الفراشات والطيور والحشرات ...
تجد الاغنام والابل مراعي تكفيها شهور قبل ان يحل القحط ..
هل شاهد احد منكم صحراء وقد اخضرت وازدهرت بالحياة من قبل ؟!
انا رأيتها كثيراً وعشت فيها وتنسمت هوائها الذي يختلط برائحة التربة المروية بالمياه العابق بشذا الزهور النابته ..
انا بنت بر ذهبان شمال جدة .. التي تزحف بجنون لتصل الينا بمبانيها وبشرها وقمامتها وملايين من اكياس البلاستيك المتطايره التي تاكلها الحيوانات فتختنق بها ..
لا مكان لدينا نفر اليه من الزحف القادم من الجنوب .. لا مكان ...
***********************
مع هطول المطر يأتي الجميع الى البر للتخييم والشواء واللعب و****و .. هناك اماكن مغلقه مخصصة للخواجات .. سمعنا عن خمور تراق ونساء ترتدي اللاشيء وتلهو وتلعب في البحر كما يردن !!
لم اصدق في البداية ولكن الكل اجمع على ذلك .. في النهاية هم خواجات وحياتهم غير حياتنا ..
ارتدى العباية السوداء التي تغطيني تماماً من الرأس حتى القدمين .. عندما اذهب الى السوق في جدة لا يعرفني ابي .. انا اعرفه اما هو فلا .. مئات النسوة يرتدين العبايات السوداء ووجوهن مغطاه .. لا هوية للنساء هنا خارج البيوت ..
عندما سمحوا للنساء بقيادة السيارات حسم ابي الامر ببساطة : ابناء القبائل لا يرضون بمثل هذه الامور ..
انتهى الامر قبل ان يبدء ..
حظي من التعليم انتهى عند الثانوية فقط .. دخول الجامعه كان خارج نطاق احلامي ..
الزواج هو المصير والمنتهى ..
مواصفات الزوج وقبيلته وفخذه ونسبه يحددها رجال البيت ..
ابي واخي ..
لكم تمنيت ان اكون فراشه مثل تلك الفراشات التي انتشرت بعد هطول المطر .. بعضها ابيض وبعضها ملون وبعضها تتخفى بلون ورق الشجر النامي ..
لا اريد ان اصبح حرة مثل بنات جدة .. ولا مثل بنات مصر في المسلسلات والافلام فهذا اقرب الى الجنون .. فقط اريد ان اصبح فراشه ولو كان لي عمرها الذي يمتد لايام قليله ..
*************************
انتقل اخي للعمل في الجبيل بعيداً .. وابي انتقل بعد تقاعده من العسكرية للعمل في شركة نفط رابغ على بعد عشرات الكيلومترات ويعود في كل صباح ..
اصبح الليل ملكيه خاصه لنا نحن فتيات البيت ... ليل الشتاء الطويل ببرودة ذهبان المعتدلة ..
احب ارتداء عبايتي والتسلسل عندما ينام الجميع لتنسم نسمات البحر الباردة المشبعه باليود وشذا الزهور ورائحة مياه الامطار المختلطة بالتراب بالاعشاب الناميه مع انفاس منتصف الليل النديه وهو مزيج لن تتنسمه الا هنا !!
وهناك بالقرب من شاطيء البحر التقيته لاول مره .. كان يجب ان اخاف منه .. الرجل كائن مخيف هنا .. والمرأة الوحيده بعد منتصف اليل ايضاً كائن جدير ببث الخوف .. كان يجب ان يخاف مني ..
ولكننا لم نخف من بعضنا البعض .. كان يدخن بهدوء وهو يتامل البحر .. رأيته وشممت رائحة تبغه وهو رأني وشم رائحة عطري ..
لم يظنني جنيه ولم اظنه قاطع طريق مغتصب ..
ابيض البشره يرتدي الشماغ الاحمر المنقط بالابيض والعقال الاسود والثوب الابيض .. فبدا واضحاً تحت نور القمر ..
- السلام
- وعليكم السلام
- من اين انتي ؟!!
- من هنا ... ذهبان
- انا من جدة .. هل هو الارق من اخرجك في هذه الساعه وحدك ؟!!
- عشق البحر والبر والمطر والنماء من اخرجني
- نفس سبب خروجي ولكني قطعت 70 كيلو متر لانفرد بنفسي
- هل قطعت عليك خلوتك
- ابداً ولكني لم اتخيل ان تخرج فتاه هنا وحدها في هذه الساعه من الليل
- انه العشق كما قلت لك
- نعم العشق لا لوم عليك !!!
************************
اسمه فيصل واسمي العنود ..
يبحث عن عمل ولم يجد سوى تطبيق كريم لسيارات الاجرة كطوق نجاه من الغلاء والفراغ ..
عرف المكان عندما اقل اسرة اليه منذ ايام واحبه ..
مع مرور الايام وتكرار ساعات لقاءنا شعرت بالالفه تجاهه .. وشعر بالالفه تجاههي ..
لم يحدث ان تبادلت الحديث مع غريب من قبل ولكن هناك حائط ما سقط حياله فوجدتني وكأني اعرفه من سنين ..
جمعنا عشق البحر والبر ورائحة المراعي الخصيبه ..
جمعنا الالم والحزن والفرص الضائعه .. جمعنا الضيق رغم رحابة الكون ..
سمعت كثيراً عن هذا الكائن الخرافي المسمى "الحب" ولكني لم اقابله ..
فهل ما اشعر به تجاه هذا الشاب هو "الحب" ؟!!
هل هذا هو ما تتحدث عن الفتيات ونجمات السينما والمسلسلات عبر البحر في القاهرة البعيدة ؟!!
كشفت وجهي له ..
هذه الحروف البسيطة ليست مجرد حروف هي عبور كامل من شاطيء ذهبان الى ذلك الشاطيء البعيد على الجهه الاخرى ...
انا مثل تلك الفتيات الان هناك .. احب ولي حبيب ويعرف شكلي وملامحي ..
الرجال ليسوا قطاع طرق مغتصبين كما كنت اظن .. فهناك في الحياة رجال يشبهون هؤلاء الذين يظهرون على شاشة التلفاز .. لطفاء محبين عاشقين للبحر والبر والفراشات !!
*****************************