Ayman Hefny
04-09-2018, 03:53 PM
الجزء الاول
لما توعد أى إنسان بأى وعد ، خليك أد كلامك ، اوعا فى يوم تغدر بيه و تسيبه فى أزمة وقع فيها بسبب انه كان حاطط كل ثقته فيك .. و انت بتمد إيدك للعهد ، ابقا اتأكد الأول انها نضيفة مافيهاش اى اعتبار للمصالح ، و اتأكد كمان انك مش لابس جوانتى يمنع تمام العهد و اكتماله و يسيب ثغرة تبرر بيها لنفسك بعدين ، خليك دايما شجاع و جرئ - فى وعودك - و ماتتراجعش عن تنفيذها مهما كانت المعوقات ، اوعا تخلى مصالحك الشخصية تمنعك عن وفائك بالعهود ، اوعا تبدل شجاعتك للجبن ، و تحول شهامتك لخسة و ندالة ، اوعا تنسى كل كلمة قلتها فى عهدك .. إياك تكون بتوهم نفسك إنك هاتوفى و انت مش ضامن نفسك و لا واثق من ظروفك ، و اوعاك تخلى الظروف حجة او شماعة تعلق عليها ندالتك ، إياك تخذل الناس اللى وثقت فيك و شافت انك الحصن اللى بيحميهم و السند اللى بيقويهم ، و الحب اللى يضلل عليهم و يكون ليهم المأوى و السكن ، مهما كلفك الأمر و كان التمن غالى ، الوفاء أغلى المعانى ، يستاهل مننا كل التضحيات ، خصوصا لما تلاقى الناس بتبنى مستقبلها على وعودك ، و بتمشى فى الدنيا على خطاك و انت فى عيونهم القائد اللى بيوجههم .. اوعا تسيب عقلك يتفاوض مع شيطانك على المصالح و بس او تنسى مع المناقشة الميثاق اللى قطعته على نفسك بأنك تكون الدرع اللى بيحمى و ما بيهربش تحت أى ظرف ، افتكر نظرة الثقة اللى طلت من عيون الناس اللى استأمنوك و سلمولك امرهم بكل أمان .. الدنيا بحالها و بكل ما فيها ماتساويش لحظة تقف فيها متهم بالندالة قدام حد انت كنت بتمثل له كل شئ فى يوم من الأيام ..
بهذه الكلمات بدأ ( هانى ) حديثه مع صديقه الأنتيم ( أسامة ) و هو بيبكى و الدموع فى عنيه ، حاول أسامة يهديه شوية و يطبطب عليه و يهون عليه أزمته و يفهم منه ايه اللى حصل علشان يوصل هانى للحالة دى من الحزن و الاكتئاب ، و يحاول يخليه يفضفض يمكن يفرغ شحنة الهموم اللى جواه و يزيح عن صدره الألم الرهيب اللى خلاه يروح لأسامة الساعة 3 بعد منتصف الليل و هو فى حالته دى من الألم و الحزن و جلد الذات ..
هانى عمره تجاوز الثلاثين بقليل ، متزوج و عنده أولاد ، و أسامة كذلك فى نفس السن و نفس الحالة الاجتماعية ، الاتنين أصدقاء من سنين بعيدة اوى و بيشتغلوا فى مكان واحد فى إدارة المعاشات ، حياتهم مرتاحة ماديا ، هما الاتنين عندهم أملاك و عقارات و ميراث كبير ، و ظروفهم الاجتماعية مستقرة بشكل كبير ، و ساكنين فى مدينة راقية جدا فى إحدى محافظات الوجه البحرى ، كانوا متشابهين فى حاجات كتيرة اوى ، لكن كل واحد فيهم له طبع خاص شوية ، بمعنى إن هانى طول حياته متمرد على كل التقاليد ، طايش بمعنى أصح ، بيدور على غرايزه و بيحاول يرضى نفسه و بس .. لكن أسامة كان نموذج للإنسان الملتزم ، بيراعى التقاليد و عارف يعنى إيه يروض نفسه و يمنعها عن الاستجابة للطيش او النزوات أو البحث عن المتع اللى خارج حدود اللياقة ..
لكن طباعهم المختلفة عمرها ما كانت سبب فى اختلافهم وجدانيا ، كان أسامة بيحاول كتير انه يوجه هانى و ياخد بايده للالتزام و الانضباط ، لكن هانى كان من وقت للتانى يسرح مع شيطانه و يعمل العملة و يرجع بعدها بشوية يحكى لأسامة و هو بيضحك و واخد الأمور بشكل عادى خالص و لا مبالاة غير عادية ، و لا كأن فيه حاجة حصلت ، و لا كأنه عمل حاجة غلط ، و كان أسامة بيزعل فى نفسه لكنه ماكانش بيحاول يقسى عليه بحكم صداقتهم ، لكنه كان بيأنبه و يلومه صحيح ، إنما لما بيلاقيه يبدأ يشعر بالخزى و الكسوف كان بيغير الموضوع علشان ما يخليهوش يحس بأنه أهانه أو قلل من شأنه ..
لكن المرة دى ، هانى بيروح لأسامه البيت بعد ما فضل يأنب نفسه و يوبخ نفسه بنفسه ساعات و ساعات ، و لأول مرة يحس أسامه ان هانى مش محتاج لوم لأن اللى هو فيه كافى جدا ، قام أسامة يعمل فنجانين قهوة و رجع لهانى ، و برغم إصرار هانى إنه مش هايشرب اى حاجة ، لكن مع اصرار أسامة شربوا القهوة سوا و لازالت الدموع فى عيون هانى و لا زال فى دنيا غير الدنيا ، و بعد ما شربوا القهوة ، طلع أسامة علبة السجاير و مد إيده بالسيجارة لهانى و ابتسم و هو بيقوله خد السيجارة دى انا عارف انك مابتحبهاش فاضية بس معلهش انت عارف انا ماليش فى مزاج الحشيش بتاعك ده ، كانت مداعبة منه لهانى ، لكنها ماجابتش نتيجة برضو ، لازال هانى مع احزانه ، اخد السيجارة و ولعها و اخد منها نفس عميق ، و نفخ الدخان و معاه آهه طويلة سحبت معاها دموع عيونه من جديد ..
أصبح أسامة فى حيرة بين انه مش قادر يخفف آلام هانى ، و مش قادر يعرف منه ايه الحكاية ، و فى النهاية خالص قرر هانى انهم يخرجوا يتمشوا شوية على الطريق اللى كان خالى تماما من اى مرور ، و فى مكان هادى على محطة الأتوبيس تحت شجرة قعدوا هما الاتنين على الأرض جنب الشجرة ، و هنا طلب أسامة من هانى إنه يحكى له يمكن يقدر يخفف عنه الهموم ، و يحاول يلاقى معاه حل لو كان فيه ازمة ، و بعد لحظة صمت طويلة من هانى بدأ الكلام و هو بيطلب من أسامة إنه مايكونش رحيم بيه زى كل مرة ، طلب منه انه يتعامل معاه بشكل أعنف بكتير من كل مرة كان بيحكى له فيها على نزواته ..
طبطب أسامة على كتف هانى و هو بيقوله احكى لى بس الاول يا صاحبى يمكن يكون الموضوع بسيط او فيه سوء تفاهم عندك ، ما تحكمش على شئ من وجهة نظرك لوحدك ، خلينا نتفاهم سوا بعد ما تحكى لى ، ها ، قولى بقا الموضوع إيه و إيه ظروفه بالظبط ، هانى سند ضهره للشجرة اللى وراه ، و مد إيده ياخد سيجارة و يولعها و أسامة مترقب اللحظة اللى هايبدأ فيها كلامه ، ماحاولش يضغط عليه فى إنه يتكلم ، سابه خالص لحد ما يحس انه لازم يحكى ، و بعد أول نفس من السيجارة ، يبص هانى لأسامة و يقوله :-
- فاكر من سنة و شوية لما جات لنا الإدارة واحدة ست إسمها ( غادة ) علشان تخلص ورق المعاش بتاع جوزها ، و انا يومها قمت معاها اساعدها فى تخليص الورق ؟
= اممممممم ، آه ، آه فاكر الست دى ، يومها انت كنت بتلف معاها فى الادارة تشوف لها المطلوب ، حتى انا استغربت اوى الشهامة و الهمة دى كلها جتلك منين و انت رمز للموظف الكسول
- ماكانتش همة و لا شهامة يا أسامة
= أمال كانت إيه ؟
- لو تفتكر غادة دى كانت جميلة و رقيقة ازاى ..
= آه فعلا كانت جميلة جدا و فى عز شبابها و برغم الحزن اللى كان على وشها لوفاة جوزها فى حادثة إلا أنها كانت رائعة فعلا
- و جمالها ده هو اللى خلانى اقوم اخلص لها كل حاجة و افضى نفسى ليها طول اليوم لحد ما تمشى و هى مطمنة ان ورقها هايخلص فى اقرب وقت
= آه فهمت يعنى انت يومها ماكنتش شهم و لا نيلة
- لا خالص ، ده جمالها و رقتها هما اللى حركونى و خلونى قمت من مكانى علشان اساعدها
= تمام تمام ، طيب كمل يا هانى ..
و يكمل هانى حديثه و هو بيرجع بذاكرته للخلف ، لأكتر من سنة و هو بيبص يلاقى ( غادة ) داخله المكتب عنده و أسامه على المكتب اللى جنبه و هى بتسأله على الاوراق المطلوبة و التوقيعات اللى هى محتاجة تجيبها علشان تصرف معاش جوزها ، و اللى كان متوفى بقاله فترة بسيطة فى حادث قطار أثناء عودته من شغله فى إحدى الهيئات الحكومية ، و يبلغها هانى بكل التفاصيل و يبلغها بموعد قدومها مرة تانية علشان تسلم كل الاوراق المطلوبة و يقوم معاها لحد باب المكتب و هو بيقول لها علشان ماتحتاريش كتير فى المشاوير بتاعتك خدى رقمى اهه و كلمينى فى اى وقت لما تحسى بأى لخبطة أو يكون فيه اى حاجة انتى مش فاهماها ، و تاخد غادة الرقم و هى بتشكره و بتتمناله كل الخير ..
و بالفعل بعد يومين تلاتة لقى رقم غريب بيتصل عليه و لما سمع صوتها فورا عرف انها غادة ، لأن صوتها كان فى منتهى النعومة و لا يمكن يتنسى ، بدأت تسأله على حاجات كتيرة مطلوبة منها ، و هو يومها قرر انه مايكتفيش بالتوجيه و بس ، لكنه سألها انتى فين دلوقتى ؟ فقالت له على المكان ، فطلب منها تنتظره و استأذن من الشغل و نزل فورا بعربيته و راح لها ، و برغم دهشتها من وقوفه جنبها بالشكل ده إلا أن ضميرها كان سليم و ظنت فيه الخير ، و هو فضل معاها لحد ماخلص بعض الاوراق المطلوبة ، و اتفق معاها يروحلها تانى يوم لحد البيت بالعربية و يلفوا مع بعض يخلصوا باقى الاجراءات و يكملوا باقى الملف بالاوراق المطلوبة ..
أسبوع بحاله و هما مع بعض فى أكتر من مكان ، يخرج هانى من الشغل مرة بيستأذن و مرة يزوغ و أسامه كان بيغطى عليه كالمعتاد ، لكنه ماكانش عارف هو بيروح فين ، و مع كل مرحلة تحس غادة بالامتنان و الشكر لهانى ، و هانى طول الفترة دى ما قصرش فى بذل كل الجهد و التفانى فى مساعدة غادة ، و من وقت للتانى كان يعزمها مرة على حاجة تشربها ، مرة على الغدا ، و هى كل اللى فى بالها انه الاخ او الصديق اللى بعتته ليها السما علشان يقف جنبها خاصة انها وحدانية ، و ابوها و امها ماتوا قبل ماتتجوز ، و كانت فى الفترة دى عايشة مع خالها فى بنى سويف قبل ما تنتقل مع جوزها لنفس المحافظة اللى عايش فيها هانى ، و بعد 3 سنين جواز يموت جوزها و يسيبها أرملة فى العشرينات و معاها بنت صغيرة ( سندس ) محتاجة مصاريف و مش عارفه المعاش لو اتأخر هاتعمل إيه ، لأنها طول الفترة دى عايشة على الديون ، و جوزها مالهوش غير اخ وحيد مسافر بره مصر حتى ماحضرش جنازته ، اما خالها حضر الجنازة زى الغريب و مشى حتى من غير ما يسألها هاتعيشى ازاى و منين ، تقريبا زهق و قال كفاية عليها انى ربيتها و جهزتها و اهى فى شقة جوزها بقا تعيش و ترتب حالها ..
كانت غادة بتحكى له و هما فى العربية و نزلت دموعها ، ماقدرتش تمنع نفسها من البكا ، و مع دموع غادة و هى بتحكى ، هانى ما يقدرش يستحمل دموعها و وقف العربية على جنب الطريق و مد إيده بمنديل و مسح لها دموعها و قال لها ، ما تحمليش هم اى حاجة يا غادة ، كانت اول مرة يناديلها باسمها من غير كلمة ( مدام ) ، برغم اندهاش غادة من جرأة هانى و محاولتها التراجع شوية لكن هانى ما تراجعش و قالها اوعى ابداً اشوف دموعك دى مرة تانية يا غادة ، انا هافضل جنبك و هافضل افرض نفسى عليكى كده لحد ما اطمن عليكى ، تقولى عليا رخم تقولى تلاقيح جتت ، قولى اللى انتى عاوزة تقوليه بس برضو هافضل جنبك ، تبتسم غادة من كلام هانى و تقوله :- ماتقولش كده يا استاذ هانى ده انت لو اخويه مش هاتعمل كده ، انا عارفة انى باتعبك معايه معلهش لكن انت انسان طيب و كل يوم بتثبت لى ان الدنيا لسة بخير .. يبتسم هانى و يطلب منها يروحوا مشوار قبل ما يوصلها لبيتها ، و يوصلها تقعد فى كافيه و يسيبها عشر دقايق و يرجعلها ، و بعد ما يرجعوا تانى للعربية ، يطلع لها مبلغ 5000 جنيه يديهم لها ..
و طبعا غادة ترفض و بشدة و تقول له انا ماحكيتش ليك عشان تعمل كده و تحسسنى انى باخد إحسان ، و تصمم انها مش هتاخدهم و تنزل دموعها مرة تانية ..يحاول هانى يهديها ، و يعتذرلها و يقول لها :- ايه بس اللى خلاكى تفتكرى انه احسان ، دى سلفة يا غادة لحد ما تصرفى فلوسك و بعدين ابقى رجعيهم براحتك و بالتقسيط لو تحبى ، انا عارف ان الاجراءات ممكن تطول ، عشان خاطرى يا غادة تقبليهم منى ، انا هاولع فيهم قدامك لو ما اخدتيهومش ، اسمعى كلامى انتى لسة قايله انى انا زى اخوكى ، ايه غيرتى رأيك و لا إيه ؟ خديهم بقا عشان خاطرى انا و عشان خاطر سندس كمان ، و أخدت غادة المبلغ و هى مش لاقيه كلام تعبر بيه لهانى عن اللى جواها ناحية وقوفه جنبها بالشكل ده ، و قالت له صحيح يا استاذ هانى فكرتنى ، انا مودياها حضانة لصغار السن و عاوزة اروح اخدها معلهش لو فيها رزالة ..
بدات مشاعر هانى ناحيتها تتحول من مجرد نظرته ليها على إنها ست جميلة و مغرية ، لأنها إنسانة فى ضيق و أزمات و محتاجة حد يقف جنبها ، بدأ يتعامل معاها بإنسانيته أكتر ، بص لها هانى و قال لها لا هى مافيهاش رزالة ، بس لو قلتى أستاذ دى تانى تبقا رزالة بجد ، ابتسمت و قالت له ما هو انا مش هاعرف اقولك الا استاذ ، انت حضرتك مقامك كبير اوى عندى ، قال لها لو مقامى كبير صحيح يبقا قولى لى هانى كده على طول يا غادة ، ماشى ؟ ابتسمت غادة و قالت له حاضر ، عدوا على الحضانة و ركبوا سندس معاهم و وصلهم الشارع ، كانت ساكنة فى نفس المدينة اللى هو ساكن فيها و فيها مكان شغله .. أصرت إنه يطلع معاها شقتها علشان يرتاح من الطريق ، لكنه قال لها إنه ما يصحش يطلع لأنها أرملة و ساكنة لوحدها ، زاد إعجابها بيه و بأخلاقه و مشى هانى على وعد بالاستمرار معاها فى باقى المشوار لحد ما تحصل على المعاش ، و مرت الأيام بشكل متتابع و هما تقريبا كل يوم مع بعض أوقات طويلة ، و خلص المشوار على خير و انتهت الإجراءات و أول ما غادة حصلت على الفلوس حاولت تدى لهانى فلوسه ، لكنه بكل تأكيد رفض إنه ياخدها ، و قال لها إنه مش هاياخدهم إلا بعد سنة ، و هاياخدهم على دفعات كمان ، لكن غادة أصرت و أمام إصرارها هانى سكت غادة و أخد المبلغ منها و بص لها هانى و قال لها
- خلاص كده بقا المصلحة خلصت و سددتى المبلغ كمان و بكده مش هانشوفك تانى ؟
= معقول يا أستاذ هانى
- آه طالما قلتى أستاذ تبقى ناوية على كده
= ههههههه لا خالص ، بس أصل انت خضتنى لما قلت كده ، انا مش قليلة الأصل
- ياااااه يا غادة ، تعرفى إن ضحكتك حلوة اوى ، أول مرة أشوفك بتضحكى من يوم ما عرفتك
= ( بكسوف و خجل ) ماهو ماكانش فيه فرصة إنى أضحك قبل النهارده
- بس بجد بقا ، بجد يعنى ، يعنى اوعى الضحكة دى تفارقك تانى ، آه
= حاضر، هاحاول
- طيب يا ريت لو كنتى معدية من هنا تبقى تزورينا فى المكتب
= أكيد طبعا يا أستاذ هانى أنا لا يمكن أنسى وقفتك معايه ، بقالنا حوالى شهر اهه و انت أكتر من اخ كتر خيرك رايح جاى متبهدل معايه خالص ، ده لو حد من أهلى ماكانش عمل معايه كل ده
- و انا هاكون دايما فى خدمتك و تحت امرك فى اى شئ ، و لو فى يوم كنتى حابة تروحى اى مكان ماتحمليش هم مواصلات ، تتصلى بيا هتلاقينى قدامك على طول بالعربية و هاوديكى أى مكان انتى عاوزة تروحيه
= معقول ، هو فيه كده فى الدنيا ؟ كمان عاوزنى اتعبك تانى
- شوفى يا غادة انا هاوصيكى وصية تحفظيها كويس ، لو فى نص الليل و احتاجتى اى شئ تتصلى بيا انا مش هاقولك تانى ، تليفونى معاكى و انا لسة مش شايف انى قدمتلك أى خدمة لسه
= كمان ! كل ده و لسه ما قدمتش ؟ انت طيب أوى يا أستاذ هانى
- هانى بس ، مش انتى قلتى اننا اخوات ؟
= حاضر يا هانى ، أشوفك على خير
- إيه ، إيه ، استنى هاوصلك البيت ، انتى عاوزة تركبى مواصلات بالفلوس اللى معاكى دى ؟
= آه صحيح ، ده انا أصلا مش هاعرف اشيلهم فى البيت كمان
- شوفتى بقا ، الساعة لسه 11 ، انا هاطلع معاكى على اى بنك تحطيهم فيه
= يا ترى هالحق أخلص الاجراءات قبل سندس ما تخرج من الحضانة ؟
- هاتلحقى ، الموضوع مش هياخد وقت ، تعالى
و بعد انهاء اجراءات البنك راحوا على الحضانة و وصلهم هانى لحد البيت و مشى ، و مر يوم و اتنين و اسبوع بحاله و غادة مش بتتصل ، هانى ما فكرش كتير و ماكانش منتظر اتصالها اوى و كان الامر عادى بالنسبة له .. و فى يوم كانت الساعة 11 مساءً حب انه يطمن عليها ، رن عليها و سلمت عليه و فكرها تانى بالوصية انها لو احتاجت اى شئ تكلمه فى اى وقت .. سكتت شوية و قالت له طب لو ممكن اشوف حضرتك بكرة ؟ قال لها بكل تأكيد يا غادة انتى تؤمرى .. و اتفقت معاه انها تنتظره قدام الشارع بتاعها ، راح لها و قال لها عايزة تروحى فين ؟ كان فاهم ان وراها مشوار او حاجة ، لكنه لقاها بتقوله اى مكان نتكلم فيه شوية ، قلبه بقا يرقص من الفرحة ، و افتكر انه واحشها وعاوزة تقعد معاه ، و بدأت تتحرك جواه مشاعر أكبر ناحيتها بالفعل ، و ظهرت فرحته فى كلامه و قال لها خلاص يبقا نروح احلى كافيه فى المنطقة ..برغم انه ماكانش عارف سر طلبها ده لكنه كان مجهز نفسه كأنه رايح فعلا موعد غرام ، كان بيغنى فى قلبه لحد ما وصلوا الكافيه .
الجــــزء الثــانى
وصلوا الكافيه و قعدوا ، طلبوا حاجة يشربوها و بعدها قال لها :-
- يعنى لو ماكنتش انا اتصلت بيكى ماكنتيش هاتسألى ؟
= لا أبدا ، أنا بس ماكنتش عاوزة اقلقك و اسبب لك اى ازعاج تانى كفاية اللى انت عملته معايه
- ازعاج ايه بس ، ده انا اتمنى انى اقدم لك اى خدمة يا غادة
= انا متشكرة جدا يا أستــاذ هانى
- تانى أستاذ !!
= ههههه لا خلاص ، انا متشكرة جدا يا هانى
- ايوة كده ، ده انا اول مرة احب اسمع اسمى بالشكل ده
= انت كلك زوق يا استـ ، يا هانى ، يا هانى
- و انتى إنسانة طيبة و حنينة و اى إنسان يتمنى يقدملك اى خدمة
= اشكرك بجد ، و انت كمان طيب اوى و محترم و عشان كده انا قررت اقولك على حاجة و اعتبرها آخر طلب هاطلبه منك
- آخر طلب ليه بعد الشر ؟ انتى تطلبى و تطلبى و تطلبى بقلب جامد كمان
= أنا كنت عاوزاك تساعدنى ألاقى شغل ، انا عندى وقت فاضى كبير مش باستغله و كمان و الحاجات كل يوم بتغلى و مش هاعرف اركن على معاش المرحوم لوحده
- طب انا كنت لاحظت من الأوراق ان انتى معاكى معهد فنى تجارى تقريبا !
= آه و كان مفروض اكمل كلية بعد المعهد بس خالى مارضاش و قال كفاية كده و البنت مسيرها للجواز
- طيب معاكى اوراقك و لا لسه هاتجهزيها ؟
= انا عندى كل الاوراق فى البيت بس قلت اكلمك الاول و لو كان ممكن تلاقى لى شغل اجيبهوملك فى اى وقت ، بس انا مش عاوزة اسبب لك اى احراج عشان خاطرى لو فيها اى احراج ليك يبقا بلاش احسن .
- إحراج إيه بس يا غادة ، ده شغل مش إحسان يعنى ، و بعدين أنا اعرف ناس كتير اوى قدمت لهم خدمات كتيرة و بيتهيألى إنى هالاقى بينهم حد عنده وظيفة تليق بيكى
= لا تليق إيه ، ده انا ممكن اشتغل اى حاجة
- لا طبعا ، اى حاجة ازاى ؟ أمال تبقا فين الخدمة اللى هاقدمهالك ، تعالى معايه اوصلك البيت و تجيبيلى اوراقك و تنتظرى منى تليفون بكرة او بعد بكرة بالكتير ، اتفقنا ؟
= مش عارفه اقولك ايه يا هانى ، انا لا يمكن هاعرف اوفى جمايلك دى عليا أبداً
- جمايل ايه بس ، ده انا نفسى اقدملك خدمة اكبر بكتير اوى من كده
= الف الف شكر يا هانى مش عارفة بجد اقولك ايه
- مش ضرورى تقولى اى حاجة تعالى اوصلك و تجيبى الاوراق بتاعتك و ماتحمليش هم حاجة
و فى نفس اليوم بالليل يتصل بيها هانى و يبلغها انه لقالها شغل فى قسم المحاسبة فى شركة أتوريدات طبية صاحبها دكتور حسنى ، وكيل وزارة سابق على المعاش و علاقته كويسة مع هانى و المرتب محترم و استلام الشغل بعد يومين من غير مقابلة شخصية حتى ، كان واضح ان هانى عزيز اوى عند الدكتور حسنى او قدم له خدمات قبل كده لأنه ما ترددش لحظة واحده فى توفير الوظيفة لغادة اللى كانت طايرة من الفرحة و مش مصدقة الخبر ، و اتفق معاها هانى انه هايعدى عليها بعد يومين بالعربية ياخدها و يوصلها للشركة و يقدمها بنفسه للمدير ، و قد كان ، و اتفق هانى مع الدكتور حسنى إن غاده هاتخرج بدرى ساعة عن مواعيد الانصراف لان عندها بنت صغيرة ، و الدكتور ما رجعش كلمة هانى و قاله انت تؤمر يا هانى ، و استلمت شغلها و بدأت تتعلم و تتمرن كويس على الشغل ، و ارتاحت جدا للمكان و للزملاء و كانت بتخرج بدرى ساعة عن غيرها و هى حاسة انها مسنودة و وراها ضهر جامد اسمه هانى ..
و كانت كل يوم بعد ما ترجع البيت تتصل بهانى او هو يتصل بيها ، و يطمئن على أحوالها ، و هى فى كل مرة تشكره و تبعت له اخلص التمنيات برد الجميل له فى يوم من الأيام ، و فى كل يوم كانت مشاعره ناحيتها بتكبر و تكبر ، حس إنها سكنت فى قلبه ، مش نزوة زى المرات اللى فاتت ، لا ، دى حاجة أكبر بكتير ، و بدأ يحس إنها هى كمان بتبادله نفس المشاعر ، و إنها بترتاح لما بتكلمه و السعاده بتظهر فى صوتها لما تسمع صوته او تشوفه ، و فى يوم تتصل بيه الصبح بدرى و تطلب منه يكلم المدير بتاعها يعتذرله عن حضورها اليوم ده بسبب مرض بنتها سندس ، و بالفعل يتصل هانى بالمدير و يبلغه ، و يروح لها على البيت و معاه دكتور يكشف على البنت ، كانت اول مرة يدخل شقتها ، و اتفاجئت غادة بزيارته لكنها ما اتفاجئتش أبدا من شهامته معاها لأنها اتعودت منه على كده ، و أثناء الكشف كان هانى بيتفقد الشقة بنظره كده لقاها مساحتها صغيرة حجرتين وصالة ضيقين ، و مطبخ صغير و حمام صغير بشكل غير طبيعى ، و بعد الكشف الدكتور كتب الأدوية و نزل هانى اشتراهم و قعد مع غادة يطمنوا على البنت ، و بعد لحظات حاول يستأذن منها لكنها رفضت انه يمشى ، و صممت انه يفضل قاعد و يتغدى معاها كمان ..
حاول يتملص منها و يقول لأ علشان اهل المنطقة ، قالت له هنا محدش يعرف حد و لا بيسأل على حد ، كل واحد فى حاله ، لو كان بينهم حد بيهتم بجاره كنت روحت الشغل و سيبت سندس معاهم ، سيبك من الكلام ده يا هانى ، انت نورتنى النهارده ، و تقلت عليا حمل جمايلك أوى ، مابقيتش عارفة اعمل إيه معاك ، بقيت مديونالك بكتير اوى .. بص هانى فى عيونها و قال لها :-
- ماتقوليش كده يا غادة ، انا لو بإيدى كنت اديتلك روحى
= روحك ! للدرجة دى انا غالية عندك
- أغلى من روحى يا غادة ، لو تعرفى انتى إيه بالنسبة لى ، كنتى حسيتى انى اتمنى افضل العمر كله جنبك
= و انت كمان غالى عندى اوى يا هانى ، ماتعرفش أنا أد إيه نفسى الاقى فرصه أردلك فيها و لو جزء من اللى انت بتعمله معايه ده
- اللى انا باعمله ده مش جمايل يا غادة ، و لا باعمله عشان اسمع منك الكلام ده ، أنا كل اللى يهمنى إنى اشوفك سعيدة و بتضحكى من قلبك ، من يوم ما شوفتك اول مرة و الحزن باين فى ملامحك الرقيقة ، حسيت انك ما اتخلقتيش للحزن أبدا ، انتى اللى زيك لازم تعيش الفرحة اللى تملا قلبها ، و تعيش فيها و بيها مدى الحياة ، من يوم ما شوفتك و انتى داخلة عليا المكتب و انا حسيت انى لازم اساهم و لو بجزء بسيط فى إنى أسعدك و أخفف عنك همومك ..
= ( بصوت هامس و نبرة حنان ) انت وجودك جنبى هون عليا اى احزان ، خلانى عشت الفرحة بجد لما حسيت معاك بالأمان ، كنت خايفة من الدنيا بعد موت جوزى ، لكن لما ظهرت فى حياتى و حسيت ان فيها إنسان بيخاف عليا و بيقف جنبى لقيت غصب عنى الفرحة بتدخل قلبى ، و بدأت أحس إن الدنيا بقا فيها .. بقا فيها حاجة حلوة أخيرا ..
- ( بصوت مازح ) و ، و ، و إيه هى الحاجة الحلوة دى يا غاده ؟
= ههههههه قال يعنى انت مش عارفها ، الشغل طبعا ، هههههههههه
- نعم ! الشغل ! آه هو الشغل حلو فعلا ، طب انا مش حاسس بكده ليه ؟
= ههههههههه لا انا باهزر طبعا يا هانى ، اكيد انت فاهم ان وجودك جنبى ده هو الحاجة الحلوة من غير شك
- اتمنى انى اكون دايما حاجة حلوة فى حياتك و اقدر اخليكى طول العمر سعيدة
= صحيح يا هانى انت ماحكيتليش خالص عن مراتك و اولادك
- مراتى يا ستى اسمها ولاء ، و مش بتشتغل ، و اولادى مريم و عمر فى ابتدائى الاتنين
= اتجوزتها ازاى احكى لى
- لا دى حكاية يطول شرحها بقا و انتى شكلك بتعطلينى عشان تغدينى ههههههههه
= لا لا بجد احكى لى صحيح
- انا بصراحة مسألة الحب دى عندى كانت آخر حاجة أفكر فيها ، يمكن عشان ......
= ها ، عشان إيه ؟
- و بعدهالك بقا انتى هاتخلينى احكى لك عن نفسى حاجات ما احبش احكيها
= لو مش عاوز تقول بلاش
- لا مش المسألة كده ، بس أصلى مش عاوزك تاخدى فكرة وحشة عنى
= بعد كل اللى انت عملته معايه آخد فكرة وحشة عنك !! معقول ده يا هانى ؟
- طب خلاص احكى لك و انا مطمن بقا
= آه احكى و انت مطمن بقا ههههههههه
- مسألة الحب ماكانتش هى الأساس فى حياتى لأنى كنت بادور على زوجة و خلاص ، ماكانش عندى ثقة فى اى بنت نهائى عشان كده عمرى ما حبيت ، كنت شايفهم كلهم ما يستاهلوش فدورت على اللى تنفع انها تكون زوجة و أم أولادى و ست بيت و كده يعنى ..
= طب ليه كنت شايف البنات كده ؟ كان ليك تجربة عاطفية نهايتها مش حلوة ؟
- لا خالص ، بس كنت و انا فى ثانوى و فى الجامعة ألاقى واحد صاحبى بيحكى لى انه على علاقة مع البنت دى او البنت دى ، فكنت أقوله انت متاكد انها بتحبك ، يقولى آه متأكد ، أروح اتأكد أنا كمان و أحوم حواليها ، و بمجرد ما أكلم اى واحده فيهم كلمة حلوة ألاقيها تشبك معايه و تحلق له ، ييجى خمس مرات تحصل الحكاية دى مع خمس بنات مختلفين .. قلت فى نفسى بقا ان البنات واخده المواضيع تسالى كده و مفيش واحده بتحب بجد ، كل واحده بتدور على عريس مش على حبيب و تحجز واحد لكن لما تلاقى اللى احسن منه تنطر ده و تروح لده ..
= إيه يا هانى الكلام ده ؟ غلط طبعا ، انت و اصحابك اللى ما اختارتوش صح ، عشان كده كل تجاربكم كانت غلط من بدايتها لنهايتها ، البنت لما تحب بجد عمرها ما تبيع حبيبها حتى لو هاتموت و تفدى حياته بدمها ..
**************
و فجاة يسكت هانى و هو بيحكى لأسامة و يبكى لدرجة النحيب ، و يقول يا حبيبتى يا غادة ، يا حبيبتى يا غادة ، آآآآآه أنا مش ممكن أكون بنى آدم ، أنا حيوان ، حيوان .. يرجع أسامة يهديه من جديد و يطبطب عليه و يمسح له دموعه و يقول له ماتعملش فى نفسك كده يا هانى ، كمل يا حبيبى بس كلامك الأول عشان أقدر اقف معاك و اساعدك لما افهم الحكاية إيه .. و يكمل هانى و هو لسه الدموع نازلة من عيونه و يقول :-
فضلنا فى الليلة دى نتكلم اكتر من اربع ساعات عن نفسى و عنها ، تفاصيل حياتنا ، ما حسيناش بوقت و لا بأى شئ ، نسينا الدنيا كلها ، حسيت انها عاوزة تدخل فى اعماق حياتى و كان عندى نفس الاحساس ناحيتها ، اتكلمنا عن كل حاجة ، هزرنا و ضحكنا ، و قضيت معاها اجمل ساعات فى عمرى كله ، خرجت من عند غادة فى اليوم ده و انا حاسس بيها فى كل كيانى ، حاسس بالحب بيجتاح قلبى و بيدخله زى الطوفان من غير اى مقاومة ، بافتكر كل كلمة اتكلمناها من يوم ما عرفتها و مش قادر انسى ابتسامتها و لا صوت ضحكتها .. كنت فرحان بلمحات السعاده اللى باينه فى عيونها و احنا مع بعض ، رجعت البيت و دخلت على ولاء ، و لأول مرة أحس إن غادة قدام عينى فى كل ركن فى البيت ، كانت ولاء مراتى بتكلمنى و انا سارح فى كلام غادة و فى عيونها و فى جمالها و رقة إحساسها ، و نعومة صوتها ، قمت دخلت اوضتى و مسكت الموبايل و كلمت غادة و اطمنت عليها و على سندس ..
و تانى يوم اخدت لها اذن تانى و كلمتها قلت لها ما تروحش الشغل ، و بعد كلمات الشكر و الامتنان سألتها لو كانت محتاجة أى شئ ، و انتهت المكالمة على كده ، لكن بعد العصر لقيتها بتكلمنى تانى ، و استمرت المكالمة اكتر من ساعة و انا فى اوضتى ، و فى نفس اليوم بالليل روحت لها اطمن عليها هى و بنتها ، خرجت من هناك الساعة 12 بالليل بالعافية بعد ما كنا انا و هى مش قادرين ننهى اللقاء لكن كل واحد مننا كان خايف يطلب من التانى ان سهرتنا تستمر للصباح ، و تالت يوم و رابع يوم و خامس يوم ، كان كل يوم بيعدى و احنا على معاد مكالمة او زيارة منى ليها فى بيتها ، و كانت كل جلساتنا ضحك و هزار و قرب ، لكنى عمرى ما فكرت إنى أعاملها زى ما اتعاملت مع اى ست قبلها ..
و فى يوم دخلت أكلمها بالليل و كنت ناوى انى اكتفى بالمكالمة و بس و ما اروحش عندها لكن بمجرد ما سمعت صوتها كانت اول كلمة قلتهالها ( وحشتينى ) و الغريب انها قالت لى ( و انت كمان وحشتنى اوى) و كانت تانى جملة ( نفسى اشوفك اوى دلوقتى يا غادة ) و كان ردها ( و انا كمان يا هانى نفسى اشوفك ما تيجى تقعد معانا شوية ) و بدون أى تفكير قلت لها انا جاى لك دلوقتى ، كانت ولاء مراتى متعودة إنى ممكن اخرج من البيت فى اى وقت و بدون حتى ما اقولها انا رايح فين ، كانت الساعة تقريبا 9 مساءً و اخدت معايه شوية حاجات و العاب لسندس و دخلت عندها و اطمنت عليها و سبتها تلعب و هى فرحانة ..
كنت ناوى امشى على طول مش عارف كنت خايف او مكسوف جدا المرة دى ليه ، يمكن عشان كلامنا فى التليفون اول مرة كان بدأ ياخد شكل الكلام عن الأشواق ، وقفت قدام غادة و انا باقول لها :-
- سامحينى يا غادة ..
= بتطلب منى اسامحك على ايه يا هانى ؟
- على كلامى فى التليفون بس ده لانك وحشتينى و ما قدرتش انام الليلة دى من غير ما اشوفك
= يبقا ماتطلبش انى اسامحك ، تطلب انى أشكرك على مشاعرك دى يا هانى
- بجد يا غادة ! يعنى انتى مش زعلانة منى ؟
= ازعل من ايه بس ؟ ده بيتك تدخله فى اى وقت و يزيدنى شرف بدخولك فيه
- انا اللى يزيدنى شرف و سعادة بوجودى فى اى مكان تكونى فيه يا غادة
= طب هاتخليك واقف كده كتير ؟
- كان نفسى اقعد بس ......
= بس إيه ؟ انت بتدور على حجة ، ما تقعد يا هانى
و قعدت و انا حاسس ان قلبى هو اللى بيحركنى ، قعدت على الكنبة و هى قعدت على الكرسى بعيد عنى شوية ، و بجرأة غير معتادة منى معاها قلت لها :-
- طب هاتفضلى قاعده بعيد كده ؟
= بعيد إيه يا هانى ما انا قدامك اهه
- قدامى صحيح لكن انا عاوزك جنبى
= هانى !! مالك فيه إيه ؟
- أرجوكى يا غادة تعالى جنبى
= حاضر يا هانى هاجى جنبك ، ها ، هنا كده كويس
- آه كويس اوى
= قولى بقا مالك ؟ شكلك مهموم و لا انا بيتهيألى
- مهموم ؟ أبدا يا غادة ، عمر الهموم ما بتعرف طريقى و انا معاكى ، ده انا من يوم ما عرفتك و السعادة ملازمانى ، و كل ما افتكر كلامنا او مقابلاتنا ألاقى نفسى بابتسم و باضحك لوحدى كده ، انتى بجد مليتى عليا حياتى غنا و افراح و ليالى حلوة ، بقيت باتمنى أقضى العمر كله جنبك ، مش عاوز اسيبك و لو لحظة واحدة ، انا ...........
= ( بصوت هامس و نغمة حنينة طالعة من صدرها ) ها .. انت إيه يا هانى ؟
- انا بحبك يا غادة
= صمت ، و نظرات حارقة بين العيون ، و صوت دقات القلوب المتتابع ، و حالة من الترنح و فقدان التوازن و بعد قليل من التماسك قالت : لأ هانى مش هاينفع ، ايه اللى انت بتقوله ده ؟
- غادة ارجوكى ما تكسريش قلبى و تضيعى منى ىخر أمل فاضل لى
= الف بعد الشر عليك من كسرة القلب يا هانى بس ...
- مفيش بس يا غادة انا بحبك ، و مش حب عادى لأ ده فيضان مشاعر زلزل كيانى و خلانى مش قادر أعيش فى الدنيا و لو يوم واحد من غير لقانا ، و لا قادر يعدى عليا ثانية من غير ما اشوفك و اطمن عليكى ، بحبك و مش خايف تقف الدنيا كلها فى وشى ، بحبك و مش عاوز الدنيا تعاندنى لكنها لو فكرت تعاندنى هاتحداها بكل قوة عشانك ، بحبك و مش خايف من اللى جاى ، كله فى حبك هايعدى ، و تهون عليا نفسى قبل ما افكر ابعد عنك .. بحبك يا غادة بحبك بحبك ..
الجــــزء الثالث
آه بحبك ، مش مجرد كلمة تخرج من لسانى ..
مش حكاية قلب غنى لما قلبك يوم نادانى
الحكاية انى قابلتك لما كان العمر ضايع ..
لما كان القلب بايع
لما كانت خطوتى تايهة ف مكانى
------
لما كنت باعيش حياتى زى ما تكون .. مش قضية
لما كان القلب جامد دمعتى كانت عصيّة
لما كنت ف ليلى حاير .. مرة نايم ، مرة ساهر ..
لحظة عايش ، عمر ميت .. ليلة ساكن ، ساعة طاير
لو حكيت للناس ها تضحك ، أصل ده .. شر البليّة
--------
آه بحبك ، عارفة لو كان الكلام ممكن يعبر
كنت اقول زى اللى قاله فى المعارك عم عنتر
و اللى قاله فى القصايد قيس لليلى
حاسس ان كلامى دايما حيطة مايلة
نفسى الاقى يا حب عمرى كلمة أكبر
------
لو حكايتى فى يوم هاتتحول كتاب
راح يكون اسمه السعادة و العذاب
السعاده انى قابلتك
و العذاب عمرى اللى قبلك
لما كنت باعيش حياتى بدون حساب
-----
نفسى اكون الليلة دى فى الحب شاعر
نفسى انادى ع اللى هاجر و اللى سافر
نفسى أسرح و اعرف احكى عن خيالى
اعرف احكى عن آلامى و عن آمالى
و اعرف اغزل بالكلام اغلى المشاعر
-----------------------------------------------
و بصيت فى عيونها لقيتها مليانة دموع ، مش عارف ان كانت فرحانة و لا حزينة ، لكنى ما سألتهاش ، و مسكت ايديها الاتنين و هى جنبى ، حسيت برعشة إيدها اللى خلت كل جسمها يرتعش كأننا فى ليلة شتا ، رعشة إيديها خلت الرعشة نفسها تدخل قلبى و تخلينى حاسس بخوف عليها حتى من نفسى ، و احترت ازاى أطمنها او أخليها تهدى بعد الحالة اللى هى وصلت لها ، حسيت إنى باقتحم كل حصونها فى أقوى لحظات ضعفها ، عيوننا بتحكى و قلوبنا بتحكى و انفاسنا بتحكى ، و لساننا ساكت ، عمرى ما كنت أعرف ان الصمت هو كمان بيتكلم قبل اليوم ده ، طالت لحظات الصمت و عليت نبضات القلب ، و قلنا فى سكاتنا كل اللى ماكانش ممكن نقوله فى ألف ليلة كلام ، كانت عيونها بالنسبة لى سكة السفر اللى روحت فى طريقها و انا مش عاوز ارجع ، لقيت فيهم كل اللى قاله الشعرا من سنين و ماكنتش افهمه ، لكنى النهارده قدام عيونها فهمته و حسيته ، عرفت ليه العاشق كان ممكن يبكى و يضحك و يغضب و يرضى فى وقت واحد ، و يقولوا عليه مجنون ، هما اللى مجانين ، لأنهم لو عرفوا حاله ، كانوا حكموا صح عليه ..
طول عمرى كنت واحد من الساخرين اللى بيستهينوا بحال العاشقين ، عمرى ما كنت باشوفهم على حق فى اى كلمة قالوها ، لحد ما بقيت واحد منهم ، فجأة و من غير معاد ، ألاقى نفسى محتاج سنين علشان اكمل رحلتى فى عيون حبيبتى ، لا وصف و لا شعر و لا أى حكايات هاتقول أنا فين دلوقتى أو حاسس بإيه ، و انا اللى كنت زمان عايق و رايق بادور على النزوات ، النهارده ألاقى نفسى باتعلم من جديد يعنى إيه متعة الصمت و السكوت و النظر فى عيون حبيبتى ، و احس بنبض قلبى و هو بيتكلم ، و اسمع لوحدى فى الدنيا صوت موسيقى مش عارف ايه مصدرها ، و اغانى حب كتيرة كنت باعدى عليها من غير تركيز ، لقيت نفسى حافظها و قلبى بيرددها ، أنا و الليل و قلبى ساكن فى واحة ، اجمل واحة فى الدنيا ، مش موجودة إلا فى عيونها ، إيه النعيم ده ، إيه الإحساس اللى انا حاسس بيه ده ، هو ده الحب اللى قالوا عليه ؟ كان ليهم ألف حق يموتوا من الحب و يتوجعوا و يلفوا البلاد تايهين ، الدنيا كلها بكل نعيمها تساوى إيه فى نظر العاشق ، و لا ليها اى طعم جنب لحظة زى اللى انا فيها دى ..
فجاة و انا سارح مع أفكارى و مشاعرى فى عيونها ، بكيت و دموعى نزلت غصب عنى ، إيه اللى بيحصل لى ده ، أنا عمرى ما كنت كده ، طول عمرى كنت إنسان متجمد المشاعر ، عمر عيونى ما عرفت طريق الدموع ، و دى دموع نوعها إيه اللى نزلت منى دى ؟ مابقيتش فاهم اى شئ ، و لا عارف نفسى ، إنسان جديد عليا معرفته ، لكنى فى منتهى السعادة بحالى ده ، قبل النهارده كنت تايه عن حقيقتى اللى غطاها التراب ، بس النهارده الدمع بنزوله طهر عيونى ، رجعنى اشوف اوضح و اعمق ، حسيت بايديها بتحضن ايديا بنفس الشوق ، بصيت فى عيونها مرة تانية و قلت لها بشفايفى بس من غير صوت ( بحبك ) ، لقيتها بترد عليا نفس الرد و بتقولهالى بشكل قضى تماما على آخر حصون الصبر جوايه ، سيبت ايديها و مديت ايدى على خدودها و فضلت باصص فى عيونها و باكررها كل شوية ، بحبك ، بحبك يا غادة بحبك ، كانت ايدى بتمشى بنعومة على خدودها و ملامح وشها كانها بتستكشفه من جديد بكل حنان و نعومة زى حنان الرسام اللى بيمشى بايده على لوحة فنية خايف عليها من أن إيده تسبب فيها اى خدوش ، بصيت على شفايفها اللى كانت بالنسبة لى نهر مليان عذوبة شافه عطشان و حرارة الشمس جففت كل نقطة مية فى جسمه ، مش هايكفيه انه بس يشرب ، لكنه لازم ينزل بكل جسمه جوه النهر ، مسحت بكف إيدى جبينها و خدودها ، و هى عيونها بتغمض بتتابع و استمرار زى اللى تكون نايمة و حد بيحاول يصحيها ، صوت أنفاسها و حرارته زاد لهيبى ، صوت الزفير عندها كان أطول من صوت الشهيق و أقوى و أسرع ، ما قدرتش أحس إلا و شفايفى فوق شفايفها و باحس بكل معانى الغيبوبة عن الكون و الناس و الدنيا ، مش حاسس و لا دارى انا فين و لا باعمل إيه ..
كان طعم شفايفها أشهى من أى وصف ، و الحوار بين شفايفى و شفايفها كان بكل اللغات ، صوت الفرحة و بس هو اللى كان مالى قلوبنا بأول مرة نعيش فيها القرب بكل معانيه ، و فى أثناء لقاء الشفايف المحموم ، حسيت بايدها بتحضننى ، و بتلعب فى شعرى و لقيت ايدى انا كمان بتلف على ضهرها تمسحه و تمشى عليه بانسيابية و رقة و حنية ، كانت ايدى بتلف تلف و ترجع تانى عند كتافها ، وحشتنى ملامحها من جديد ، بعدت شفايفى عن شفايفها و بصيت فى وشها و انا شايف لونه يغلب على لون قرص الشمس الاحمر ساعة المغربية ، كانت لابسة إيشارب مغطى شعرها ، مديت إيدى بهدوء و فكيته ، و فردت شعرها بإيدى على كتافها و بصيت عليها من جديد ، حسيت ان الزلزال اللى كان جوايه تحول لبركان ، بصيت فى عيونها و قلت لها معقول يا غادة فيه جمال بالشكل ده ؟
شعرها كان اسود و ناااااااعم و مسدول بشكل غير عادى و وشها بان بياضه الناصع باكمله مع انعكاس سواد شعرها كان زى القمر بنوره و بهاؤه وسط سواد الليل ، او زى الشمس ما تكون ساطعة وسط الغيوم ، فضلت الاعب شعرها و امشى بصوابعى فى خصلاته ، و اخد بعض الخصلات اجيبها على خدودها و ارجعها تانى بخفة و حنان لمكانها ، و ااشتهيت خدودها اللى كنت باتأملهم و انا حيران فى جمالهم و ألوانهم ، كنت باطوف بشفايفى على خدودها ، تهت فى عدد الدقايق اللى قضيتها معاهم ، كانت بتتقلب تحت شفايفى كانها بتتكوى بنار شفايفى و حرارتها ، و رجعت تانى على شفايفها اعيش معاها فى دوامة القبلات المحمومة المستعرة ، و اضمها لصدرى و تضمنى لصدرها ، و تأوهاتها كانت بالنسبة لى ساعتها زى موسيقى الخلفية ، باسمعها و انا باعزف على اوتار شفايفها و باقود اوركسترا جسمها بكل حركاته بإيدى و هى بتمشى عليه ، و من تانى وحشتنى ملامح وشها ، و بعدت ثوانى عن شفايفها ، لكنى لقيتها بترجعنى تانى بكل غضب لشفايفها لتكملة العزف ، و كأنها بتقول لى كمل اللحن هنا الأول ..
و كملت اللحن فوق شفايفها ، و بعد لحظات طويلة من تبادل القبلات ، نامت غادة على كتفى و فضلت ألاعب شعرها بإيدى ، و اطبطب على كتفها بايدى التانية ، كنت حاسس انى فى حلم ، بس لايمكن هاقبل انى اصحى منه ابداً ، مش هاقدر افوق و ارجع تانى لعالم الواقع بعد الخيال اللى انا فيه ده ، بعد ما اعيش اللحظة اللى فى حياتى ما عشتهاش ، بعد ما الحياة دبت فى قلبى اللى عمره ما دق لحد غيرها ، غادة ، و مين فى الدنيا يصادف غادة و مايحبهاش ! مين يقدر يقاوم عيون غادة العسلية و سحرها لما تيجى عينها فى عنيك ، و مين يقدر يقاوم همس غادة و صوتها و هى بتغنى ..قصدى و هى بتتكلم ، ماهى صوتها أصلا أغنية ، مين يقدر يقاوم حبات الندى اللى بتنساب من إيديها و هى بتسلم عليك ، مين يقدر يقاوم سحر شفايفها و هى كل كلمة بتقولها مش هاين عليها تسيب شفايفها و تخرج ! غادة ، و هى فعلا غادة ، طولها ، خفتها ، مشيتها ، رقتها ، ضحكتها ، جسمها و عودها الفرنسى اللى بيحمل نكهة الشرق ، أنا مين علشان أقدر أقاوم حبك يا غادة ، أنا مين و إيه علشان تكونى بين إيديه و فى حضنى ، انا حاسس إنى ملك لسة حالا لابس التاج ، فرحة قلبى بلقاكى ماتقلش عن فرحة الغريب اللى لقا حضن و اهل و بيت بعد ما تاه فى الدنيا و خطفته سنين العذاب ، انا المجروح اللى عرف فين يلاقى دواه ، انا مين يا غادة ؟
و اتفاجئت ان غادة بترد عليا و بتقول لى : انت حبيبى و كل دنيتى و عمرى اللى جاى ، مش عارف انا كنت بافكر بصوت مسموع و لا هى سمعت صوت أفكارى .. كملى يا حبيبتى ، قولى لى الكلام اللى عمرى ما سمعته قبل النهارده ، معقول اللى انا فيه ده مش حلم ؟
= لا يا هانى مش حلم ، ده أحلى حقيقة عشتها
- مش عاوز الوقت يعدى ، نفسى أفضل طول العمر جنبك ، نفسى الزمن يقف عند اللحظة دى
= و انا كمان باتمنى أكمل عمرى على صدرك ، سامعه صوت قلبك و هو بيناجينى و بيكلمنى
- من اول يوم قابلتك و هو بيناجيكى و بيكلمك
= كنت سامعاه و حاسة بيه ، لكنى كنت باحاول اعمل نفسى مش سامعاه
- مع انه كان بيصرخ فى كل مرة يكلمك و فاكر ان صوته و همسه مش واصل لك
= و صراخه ده كان بيشيل من جوايه آخر حصن كنت واقفه وراه باحاول اهرب من أى إحساس بالحب
- عمر الحب ماكان فيه منه مهرب ، ده مايعرفش حصون و لا اى موانع او سدود ، ده زى الشمس ، لو لقيت مكان مقفول و مهما كان القفل محكم بتفضل بأشعتها فوقه لحد ما تزيد حرارته و تبقا نار حامية ، و تشتد حرارة الهوا جوة المكان ، و نحس بالاختناق لما نتنفسه و نبقا محتاجين اى نسمة هوا جواه ، و برضانا نفتح المكان علشان يدخله الهوا و يبرد حرارته شوية و يجدد الأكسجين المفقود ، فتدخل الشمس بكل جبروتها و بكل طاقتها ، و فى وقت فرحتنا بالهوا و انتعاشه ، نلاقى الشمس داخلة و شايله معاها كل النور اللى منعناه من الدخول ، و حتى لو غمضنا عيوننا ، بنفضل حاسين بوجوده ، حد عرف يطفى الشمس او يمنع دخول الهوا ؟ حد عرف يقاوم تيار الإحساس الجارف اللى بيملى القلب مرة واحدة ؟
= كنت خايفة يا هانى ، عمرى كله اتبنى على الخوف ، اتربيت عليه و كبر معايه
- عارف انك خايفة لانك ماشوفتيش من الدنيا حاجة تطمنك ، لكن معايه انا ، اطمنى ، عمرى ما هاسيب الخوف يعرف طريقه ليكى يا حبيبتى
= ياااااااااااه ، قولهالى تانى
- حبيبتى ، حبيبتى و روحى و كل دنيتى و عمرى و كل احلامى و فرحة بكرة و النهارده ، بحبك
= و انا بحبك و عمرى كله ليك يا كل عمرى
- آآآآآه لو تعرفى اللى انا حاسس بيه دلوقتى فى قلبى و فى روحى
= عارفاه و حاسة بيه ، احضننى يا هانى ، حسسنى بالأمان اللى ماعرفتهوش طول عمرى
- نفسى تفضلى فى حضنى لما تدخلى جوة منى علشان تعرفى انك حتة منى
= عارفة يا هانى مش محتاجه ادخل جواك عشان اعرف ، من اول يوم و انت فى كل تصرفاتك بتقدم لى الحب بالفعل مش بالكلام ، و كل لحظة و كل كلمة قلتهالى كانت بتعبر عنك ، حتى و انا شايفه ان ده شهامة ، كنت حاسة انك بتدينى اكتر بكتير من معناها ، و الحب كان باين فى كل مواقفك معايه ..
قاطعتنا سندس و هى بتنادى على غادة بصوت ، قامت غادة و قالت :
= هاروح ابص على سندس اصلها ساعات بتبقا عاوزانى اغنى لها عشان تنام
- طيب ايه .. امشى انا ؟
= ابتسمت و هزت راسها بخفة و دلع و هزار و هى بتقول : تؤتؤ لأ لأ
ابتسمت و انا باشوفها بتتكلم و بتتصرف بكل رقة و دلع ، و فضلت قاعد منتظرها ترجع لى و انا بافكر ازاى انا المرة دى فى حضن اجمل ست فى الوجود ، و مش حاسس ناحيتها بغريزة او اشتهاء ، ليه اتغير طبعى بالشكل ده و اتبدل حالى و أصبحت بالنقاء اللى انا فيه ده ، ايه القوة اللى كان ممكن تخلينى اتحول لإنسان اكبر بكتير من اللى كنت باتمنى انى اوصل له .. معقول الحب بيعمل كل ده ؟ قالوها زمان ، الحب بيصنع المعجزات ، و اللى انا فيه ده اكبر معجزة ، كانت ابعد من خيالى ، من النهارده هاكون فعلا حد تانى ، هانسى كل اللى فات عمرى ، ياريتنى اقدر ارجعه و اغيره من اول صفحة لأخر صفحة ، لحد ما الاقى نفسى وصلت للنهارده و سجلاتى خالية من اى تشويش او تحريف ، ياريتنى ارجع و انتصر على شيطانى و ادمر كل اللى عمله فى حياتى طول السنين اللى فاتت ، من النهارده مش هايكون له أى قدرة عليا فى أى شئ ، من النهارده عمرى ما هاسمع لوساوسه و لا هاستجيب ليه .. لكنى نسيت عدو اكبر بكتير من شيطانى ، عدو اخطر بمراحل ، نسيته و انا متخيل ان الحرب بينى و بين طرف واحد هو الشيطان ، لكن الحقيقة ان المعركة الاكبر كان لازم تكون مع العدو الأخطر .. نفسى ، العدو اللدود بجد ، هو نفسى .
الجزء الرابع ..
نظرا لمساحة الشقة الضيقة ، كنت قاعد فى الصالة سامع صوت غناها لسندس و هى بتنيمها ، و انا اصلا مش مستحمل صوتها فى الكلام العادى برقته و حنانه و الدفء المنبعث منه و الانوثة اللى بتخلل كل نبرة من نبراته ، فما بالك بغناها ! ضعت مع صوتها لدرجة انى قمت قعدت على باب الاوضة على البلاط علشان اكون اقرب ما يكون ليها ، و اغنية بعد التانية بعد التالتة و انا باروح و باتوه فى كل حنانه و اشجانه ، و انتهت الاغانى و خرجت غادة شافتنى على وضعى ، ابتسمت و خدتنى من إيدى نقعد فى نفس مكاننا ، و رجعنا نحكى و نتكلم و قلوبنا تتقابل فى حوارها الطويل و عيوننا تتلاقى فى رحلة السفر من جديد ، لعالم جديد له إحساس فريد و متميز ، نسينا الوقت و الدنيا ، و عشنا الحب فى الكلمات و همس التنهدات ، و صمت الحروف ، أد إيه الدنيا ممكن تكون كريمة لو فى لحظة تفتح لك كل أبواب السعادة و تقولك اختار الباب اللى تدخل منه ، و كل واحد بيختار الباب اللى يوافق هواه ، و انا كان الباب اللى دخلت منه لحد اللحظة دى هو الحب ، لكن حصل اللى خلانى ألاقى باب تانى بيتفتح قدام عيونى ، الباب اللى ماكنتش متخيل انه هايتفتح لكن مع الليل و الشجن و الحنان و الحب و اجمل حبيبة ، دخلت معاها عالم تانى ..
عجبتنى القعدة على الأرض من جديد و احنا بنتكلم ، نزلت من على الكنبة ، و قعدت على الأرض و لازالت إيدينا فى إيدين بعض ، نزلت معايه و لقيت نار الشوق بدات تزيد لشفايفها اللى كانت بتغنى من لحظات ، و استجبنا لنداء الشوق ، و روحنا نتوه مع القبلات بكل حنان ، فردت رجلى قدامى و هى جنبى بنفس الحال ، و كان شعرها لازال مفرود عليه لمسات إيديه ، اخدتها من جديد على صدرى و فضلنا نتكلم و نحكى ، و طلبت منها تغنى لى انا المرة دى ، و ابتسمت و غنت من غير تردد ، سمعت منها أروع أغانى الحب لكن كان ليها اداء غير طبيعى فى الغنا ، لما بتغنى عن الإيدين ، تلمس إيديا ، و لما بتغنى عن القلب بتحط إيديها على قلبى ، و لما بتغنى عن الشفايف تلمس شفايفى بطرف الأنامل ، و غناها عن الشعر كان معاه تصفيف لشعرى ، ده غير انفعالات عيونها و ريأكشنات ملامحها مع الاغنية صعود و هبوط ، عمرى ما صادفت ده فى حياتى ، بمجرد ما انتهت من اغانيها كانت مكافاتى ليها بحضن عنيف ، كان حضن راجل لست ، مش حبيب لحبيبه ، حضن تملاه الغريزة و ضمة تكسر فى الضلوع من قوتها ..
حست غادة إننا ممكن فى لحظة نتحول ، سابت حضنى و هى بتسألنى :-
= تشرب حاجة يا حبيبى ؟
- ياريت أشرب من بين شفايفك أحلى كاس
= باتكلم بجد يا هانى
- بجد بجد هو ده اللى نفسى أشربه
= لأ كفاية شرب من هنا بقا و قولى اعملك إيه تشربه
حسيت انها بتحاول تتهرب من جلسة الحب اللى كانت واخده طريقها للتطور ، فقررت إنى أرفع عنها الحرج و أقرر الاستئذان خاصة و ان الوقت كان اتأخر كتير .. و استأذنت و لكنى حسيت بيها اتفاجئت انى عاوز امشى ، برغم انى كنت فاهم انها عاوزه اللقاء ينتهى .. لكنى كنت غلطان فى اعتقادى ، خاصة لما قمت و روحت عند الباب و باودعها و هى مش بترد ، و باصة فى الأرض جنب الباب ، و انا باحاول اخليها ترد عليا ، لكنها فى حالة صمت و عيونها زى ما تكون حزينة ، فتحت الباب و فعلا كنت خارج لحد ما لقيت نفسى بدون تردد باقفل الباب ، لكن باقفله من جوه الشقة ، و باروح عليها و هى واقفه و بدون كلام ندخل فى حضن عميق و عنيف ، أعنف بكتير من أى حضن مرينا بيه..
********************
و يمد إيده هانى على علبة السجاير يلاقيها خلصت ، فيطلب من أسامه انه يشترى له سجاير ، و يتلفت أسامة حواليه و يقوله ، حااااضر هاقوم ادورلك على محل يكون فاتح دلوقتى فى أى مصيبة و اشترى لك زفت هههههههه ، المهم ارجع الاقيك هنا ماتمشيش ، احنا نزلنا و سبنا العربيات عند بيتنا خليك فاكر ، يعنى ممكن اخد وقت على ما اجيبلك فماتزهقش .. و ينطلق أسامة يدور له على السجاير بينما هانى بيركن ضهره للشجرة و يسترجع احداث الليلة دى مع نفسه و لازالت الدموع بتنزل من عيونه ..
************************
و يرفع هانى رأسه لينظر فى الأفق فيرى ما كان فى ذاك المشهد الرائع فى تلك الليلة الساحرة ، و يبصر كل ما كان بتفصيلاته فيتعلق نظره ببداية المشهد على ضمته لغادة و حضنه العميق لعمره الذى مضى و عمره القادم الذى تجسد فى صورتها امام عينيه ، يغالبه الشوق و ينازعه فيمد يده يداعب شعرها ، و تمتد يداها لتداعب شعره ، مع قبلة يمتص بها رحيق شفتيها و كأنه يتذوق طعم آخر قبلة فى عمره ، فتثيره بقبلة مثيلة منها لشفتيه ، و يتصارعان فى ميدان القبل كانهما يتساءلان أينا سيتفوق ، ثم تشب الحرائق فى عقله ، ليسأل نفسه ، ماذا دهانى ، كل معانى الغريزة تتدفق فى اوردتى ، كل رغبات الرجال نحو النساء تجمعت فى اوصالى ، ما عدت انا ذاك البرئ فى مشاعره ، تبا لنفسى كيف تهفو لما نسيت ، أو تناسيت ، اهدأ يا فتى و لا تترك نفسك لنفسك فتهلك ، لا تغامر بمشاعرك فتعود إلى حيث كنت قبل الحب ، و هيهات ان يصمد الفتى امام جسد تلك الأنثى الرقيقة الناعمة بين ذراعيه ، و بينما هو يقاوم نفسه و رغبته فى التهام جسدها ويحاول إقامة ما تساقط من الحصون و إعادة ترميمها لا يجد نفسه إلا و قد خلع عنه رابطة عنقه ، فيراها تساعده فى ذلك ، فتناديه نفسه جنبا إلى جنب مع غريزته من جديد :- لقد بات السقوط وشيكا أبها المحب ، كلاكما فى حاجة للآخر ، وفى بعض الرؤى فإن اللقاء المحموم تعبير عن الحب بلغة الجسد و ليس فى مطلقه غريزة و لا شهوة ، فلا تستمر فى مقاومتك و استمتع و أمتع ، فما الحياة يا صديقى إلا لحظات جميلة ، و قد جربت الشهوة مع النزوة ، فلم لا تجرب النشوة مع الحب ، صدقنى ستجد لها طعما آخر ..
كان الصراع مريرا بين هانى الحبيب و هانى الرجل بغريزته العميقة و شهوته المتّقدة ، لكنه صراع لم يستمر كثيرا امام كل ما كان من إغراءات و سكون و عاطفة متأججة ، و نفس جامحة طوال العمر و ما هى إلا لحظات قليلة حتى تم عقد الاتفاق بينهما و سلم كل منهما للآخر و استجابا معاً للنداء ، و انطلق بقبلاته فوق الخدود و فوق العنق ، و اسفل العنق ، ثم يعود إلى الجبين ، ثم إلى الخدود واحدا بعد واحد ، و الى الوجنات بلونها الوردى المضئ ثم إلى شفتيها لكل ما تحمله من عذوبة و جمال و دلال و انوثة و رقة و رىّ ، فتستلم شفتاه شفتيها بحرارة و اشتياق و انين ينبعث بلهيب الشوق حتى يبخر آخر قطرة تبقت لديهما من صمود ، و هاهما يتنازعان الشوق ، فيختطف كل منهما ما استطاع من قطرات يروى بها ظمأه ، و ها هى يداها تطوف على ظهره ذهابا و إيابا و كانها فى جلسة مساج بينما القبلات فى دوام لا ينقطع ، و كل هذا بينما هم فى وقوف و كأن أركان اللقاء و مراسمه لم تبتدئ بعد ، كانت العبارات بينهما همهمات لا يسمعها إلا عاشق اتقدت نيران شوقه ، و ما كان الليل و صمته و سكونه فى حياد ، بل كان مساندا مؤيدا و مشجعا ، و ما كان صوت الموسيقى التى انبعثت من أنين صوت غادة إلا محركاً للمزيد من مهارات هانى الذى اطلق لفنونه العنان ، و استرجع كل ما درسه من صفحات العشق على أجساد النساء ، فأطلق شرارة البدء حين نزل بكفيه على أردافها يتحسسها بهدوء و لين ما لبث ان تحول إلى اعتصار و قبض على ما اشتملت عليه من ليونة و طراوة ، يالها من امرأة ، يا لجمالها و ليونة جسدها حينما تراجعت قليلا إلى الوراء و قد ظن هو أنها تأبى لمس يديه ، لكنها استدارت تستند لصدره بظهرها و هى تسحب يديه تلفهما حول خصرها ..
أطلق ليديه العنان لتروح و تغتدى فى جسدها بأكمله ، نعم بأكمله ، ماعاد يرى فى نفسه أى صراعات او نزاعات فالكل قد اتفق ، بل الكل يساند و يهتف فى تشجيع مستمر له و لها ، الآن صارت يداه تقترب تقترب ، و تعلو من الخصر إلى النهدين ، ها هما قد وصلتا إلى حيث النضارة و الليونة و النعومة التى لا مثيل لها ، ها هو يقبض بيديه بكل حنان عليهما ، يستخرج ما كانا يحتويان من صبر و صمود و تماسك ، فتمسك يديه بيديها و كأنها تساعده فيما يقوم به ، و ها هى تتحرك بخفة و رشاقة امامه و هى تعلم أنها بذلك تستثير ذلك المارد القابع بين فخذيه امام ردفيها ، ثم تعلو يداه حتى تقترب من واحة صدرها فتهبط بفمها تقبلهما بشوق لا يقل عن شوقها لشفتيه ، ماذا تبقى لك يا هانى حتى تدرك ما ستسفر عنه الليلة ، ماذا تريد من دلائل أخرى حتى تعلم انك قد أحييت بداخلها الأنثى التى أماتتها الاحزان و الخوف من الغد ، على يديك كان أمانها ، فانتهى الخوف ، و بين كلماتك أستفاقت الأنثى فعادت للحياة ، و كانت قبلاتك هى ما قد أعاد الخضرة للورق الجاف الذى تساقط بالخطأ حين اعتقد انه فى فصل الخريف ، أما و قد أحييت الرغبة بداخلها فعليك أن تلبى نداءها الذى بات وشيكا أن تصدره باستغاثتها لرجولتك حتى تنقذها من حرائقها ، أما علمت يا فتى ان من أشعل النيران وجب عليه إطفاؤها !
و تسارعت خطواته التالية كرّاً بعد فرٍّ ، و تقاربت طقوس اللقاء المستعر باعاً بعد باعٍ ، ما بيده من حيلة ، و ما لأشواقه من موانع ، تلاشت كل السدود ، ما بقى إلا ورقة التوت ، فهيا نزيل ما يغطى ذلك الجسد النقى البض ، و هيا نرفع الستار لنبدأ حفلنا الساهر ، نادته نفسه بتلك النداءات ، فانطلق يلبى و لمس بيده طوق ردائها يفك أزراره بهدوء و هى فى صمت و سكون ، ثم ادارها له و هو ينظر فى عينيها بينما قد احمرت وجنتاها فى خجل او حياء أو استجابة ، الكل سواء طالما كانت نتيجته تورد الوجه بهذا الشكل المثير لكل لواعج الشوق أكثر فاكثر ، و ها هو يمد يداه داخل ثوبها فيمسك بنهديها من تحت الرداء و هى مطرقة برأسها إلى الأرض ، فيرفع وجهها بيده و يلتهم شفتيها من جديد فى قبلة أكثر لهيبا من سابقاتها ، ثم يرفع طرف ثوبها من الاسفل فتحاول التراجع و التقهقر ثم تقف مستندة للجدار و يداها خلف ظهرها و رأسها على الجدار ، و ركبتها منثنية قليلا و عيناها ترجوه ألا يتراجع و ألا يثنيه حياؤها عن عزمه ، فيذهب إليها و قد فهم لغة عينيها ثم يسحبها من جديد إلى حضنه و يتمتم فى أذنها باول عبارة ينطق بها منذ نوى ما قد نوى ، فيقول لها فى شوق و لهفة و أنين و اهتزاز : بحبك يا غادة ، ثم ينطلق راجيا لها و كانه يشعرها بمعرفته بقيمة و غلاء ما يريد الحصول عليه :-
ماتحرمينيش من لحظة قربك اللى اتمنيتها من اول يوم قابلتك فيه ، ثم يتابع التقبيل لكل ما وقعت عليه شفتاه ، ثم يهبط قليلا عند قدميها و هو يرتفع تدريجيا بينما يداه ترفع ثوبها شيئا فشيئا ، و كلما انكشف جزء من جسدها يستلمه بشفتيه تقبيلا و تذوقا حتى وصل إلى فخذيها و ما ان وضع شفتيه و لسانه فوقهما حتى سقطت من وقوفها جالسة و عيناها مغمضتان و شفتيها فى رعشة و صدرها يعلو و يهبط بانفاس محترقة تحرق ما تبقى فيها من صبر و صمود ..
و بعدما جلس إلى جوارها و هدأها و أخذ رأسها على صدره ، انطلق يقبل أسفل عنقها و واحة صدرها ، ثم وقف و مد لها يداه و أخذها فى حضن عميق ، ثم انحنى قليلا و هى لا تعلم ماذا سيفعل ، فما كان منه إلا ان حملها بين ذراعيه و بينما هى تبتسم و تنظر إلى عينيه بكل رفق و حنان تنام من جديد على صدره ، فينظر فى عينيها هو الآخر بكل الشوق و يلتفت يمينا و يسارا ، فتفهم هى ما يريد ، فتشير إلى غرفة الصالون و التى كانت إلى جوار غرفة ابنتها ، فيستمر فى خطواته المتثاقلة و كانه يريد أن يستمتع اكثر بحملها بينما يداها تلتف حول عنقه و كأنها تخشى الوقوع من بين يديه ، فيدخل إلى الغرفة يدور بنظره فيها ليجد بها بعض الأثاث و فى جانب من الغرفة يجد سرير نوم فيذهب إليه ثم يهبط بها عليه بكل هدوء و رفق ، و بينما هو يقف متأملا جسدها فوق السرير تمد يداها إليه فاتحة ذراعيها طالبة حضنه من جديد ، فيلبى النداء بكل سعادة و ترحاب و يتمدد إلى جوارها ، بينما هى فى سكون و ثبات فى حضنه ..
يقوم من جوارها ثم يبدأ فى كشف ثيابها عن جسدها بكل هدوء و هى مغمضة العينين سابحة فى أحلامها الحالية ، تساعده فقط بحركة جسدها يمينا و يسارا و ارتفاعا و نزولا حتى زال عن جسدها اول الثياب ، ثم يطوف بيديه على كل جسدها من جديد قبل أن يخلع عنها آخر ما كان يغطى جسدها المبهر ، و ما أن انكشف جسدها امام عينيه حتى راح يهلل بينه و بين نفسه لما رأى من جمال و بريق لم يخيب ظنه و لم يخذل خبرته بأجساد النساء ، فيقول بينه و بين نفسه ، هكذا رأيته قبل ان أراه ، ممتع فى النظر إليه ، رائع فى وقع رسماته و خطوط ألوانه الزاهية البهية ، كم أنتى رائعة يا غادة ، معذور أنا حينما لم أقدر على المقاومة ، و معذور ألف مرة لو نذرت متعتى فى جسدك وحدك منذ الليلة ، يا لها من ليلة جاءت كالحلم على غير ميعاد ، و يالها من جائزة و مكافأة و تتويجا لعشقى لك يا امنية القلب أن أكون فى أحضانك بهذه المتعة قبل حتى ان أبدأ فيما سأبدأ فيه .. خلع عنه ثيابه ثم اشارت له بغلق الاضاءة فامتنع ، و كيف لا يمتنع و هو فى متعة و نشوة برؤيتها و التنعم بجسدها و رسومه التى تشعل كل نيران الشهوة فى جسده ..
عاد إلى الفراش و هو يغنى لها ، و يهمهم بعبارات الوصف النادر فى قصائد التعبير عن الجمال ، كان يغازل كل مكان فى جسدها بكل الشوق ، يعلو و يهبط بنبرات صوته كلما اقترب من مفاتنه ، و يهدأ و تهدأ نبراته حينما يبتعد ، و قد انتهى وقت الكلام ، و قد حان وقت الفعل ، و ها انا أمام أجمل لوحة فنية سأعيد رسمها كما أتذوقها ، بل سأعيد تغيير ألوانها و خطوطها لأجعلها أكثر انتظاما ، لا بل لأجعلها أكثر زهاءً ، نزل بشفتيه يفتتح رسم اللوحة و يتفنن فى تذوق شفتيها ثم يطلب لسانها فى فمه يستطعمه بينما ذهبت يده اليمنى إلى نهدها الأيسر تداعب حلمته برفق و أناة ، ثم يقبض عليه براحة يده ، بينما لازال لسانها فى فمه يمتص رحيقه و هى لا تقوى على التنفس ، تتصاعد انفاسها بينما يده على نهدها تشعره بظربات قلبها المتلاحقة ، فيخرج بفمه إلى خديها و رقبتها ، ثم يطوف من جديد على نهديها و لكن بلسانه هذه المرة ، واحدا تلو الآخر ، يداعبهما بلسانه تارة و يمتص حلماته بفمه تارة اخرى ، ما هذا الطعم الشهى ، مالى أرى جسدا من الحلوى أمام عينى ، يا ليت ليلى يبقى مدى الحياة ، ياليتنى أبقى فى موضعى هذا ما تبقى لى من عمر ، و أطلق يداه فوق جسدها يتحسسه برفق و يدلكه بحنان ، يطوف بهما على كتفيها ، على بطنها و جنبيها و يعود إلى نهديها ، ينظر قليلا إلى الهالة التى تزين ثديها لتخرج منه الحلمات أشبه بحبات الكريز فوق كأس من الآيس كريم ، هكذا كان يرى و ترجم رؤيته بلسانه يستطعم و يأكل ، لكن بحنان دون شراسة و لا افتراس ، لمح فى عينيها نظرة استغاثة من جديد فقام و امتطاها و جلس فوق فخذيها و ظل يداعب نهديها بيديه و ينزل بشفتيه و بلسانه فوقهما و بدأ يدور بلسانه و فمه فوق ذلك الجسد الشهى البض الناصع البياض ، حتى و صل إلى كعب قدميها يتذوقهما كذلك بلسانه بينما هى تتفزز و تحاول سحب قدميها من بين يديه ، لكنه قبض عليهما دون هوادة و لا ارتخاء ..
و انطلق يعلو بقبلاته الى الساقين ، الى الفخذين حتى وصل إلى أعلى مكان فى السمو فى جسدها ، ذلك الملك المتوج القابع الساكن بين فخذيها ، نظر إليه و عيناه تلتهمانه ، ما هذا الجمال النادر الذى يتلألأ فى أبهى صورة ، و ما كان الشعر الخفيف الذى كان فوقه إلا كتاج الملك ، تعالى أيها الحبيب فمكانك بين شفتى ، و لنجعل من التقبيل حربا بينى و بينك لن تستطيع مجاراتى فيها ، و طار عقله و هو يحتضن شفاهه بشفتيه و يدخل بلسانه إلى أعماقه حتى باتت تصرخ و تئن و ترتفع بجسدها فوق السرير و تهبط و تتلوى مثل سمكة خرجت لتوها من الماء بينما يحاول الصياد ان يمسك بها بينما هى تراوغه و تحاوره و لم يتراجع عن ما كان يفعل ، و لم يستجب لصراخها و هى تستغيث به ان يطفئ نيران شهوتها المشتعله و هى تستصرخه بأن يكف عن ذلك بينما هو لا يستطيع ان يترك ما احتوى عشها الجميل من شهد و حلاوة كانت كفيلة بتجديد كل طاقاته و عنفوانه ، و عاد يحنو عليه و يرفق به بقبلات لشفتيه بهدوء و امتصاص لرحيقه الذى سال و سال كانما السد قد انهار امام بحيرة ممتلئة بفيض الماء ، و بعدما لاحظ هدوءها و استكانتها قام يشعلها من جديد بلمساته و قبلاته فانقلبت على بطنها لتمنح باقى جسدها حقه من المتعة ، فأعاد كل ماكان من لمسات و قبلات فوق ظهرها و تدليك رقيق حنون على كل ما نظرت إليه العين ، ثم حان وقت مداعبة أردافها المتلألئة البضة البيضاء ، رقيقة الملامح ، جميلة المنظر ، راقصة شرقية تتحرك لأقل نبضة موسيقية من الجسد كله ، برعشتها و اهتزازها ثارت ثائرته فانطلق يقبلها فى كل مكان ، و يدخل لسانه بين شقيها يداعبها و يستفزها و يطوف عليها بخدوده ..
اعتدلت فى وضعيتها من جديد و هى تناجيه بعينيها و تناجيه و تطلب منه ان يعتليها و لكن بكل جسده هذه المرة فوق كل جسدها ، فعاد يعتليها و هو ينظر فى عينيها و يخاطبها بكل عبارات الود و الحنان و يقبلها بين عينيها و فوق الخدين و يعود إلى شفتيها يمتص ما بهما من رحيق متجدد ، و امتد بجسده قليلا حتى فتحت ساقيها ، فسقط بينهما و هو يستفزها ببعد سيفه عن عشها حتى حاولت هى الاقتراب منه قليلا ، و هو يبتسم فى صمت بينما هى تلومه بعينيها و تعبر عن غضبها ، ما عاد لها من صبر يا رجل ، هلا أطفأت تلك النيران المشتعلة من جراء أفعالك ، قم و استقر بسيفك فى غمدها ، لا تتوانى فى تلبية ذلك النداء الصارخ ، قام و اعتدل و وجه سيفه و أطلق سهمه حتى استقر فى مقامه الذى ينتظره بكل شوق ، فتح له العش بابه على مصراعيه و انطلق يحتضنه كلقاء حبيبين بعد فراق أعوام طويلة ، و سهلت حركته بداخله و استفاضت ينابيعه فى ليونة و مرونى تستحث سيفه على الذهاب و العودة بشكل متلاحق متسارع بينما آهاتها تعلو و صرخات النجدة تنطلق غير عابئة بزمان و لا مكان ، فانطلقى أيتها المبدعة الفنانة فى كل شئ ، و تحركى و حركيه حتى تبلغى معه ما لم تبلغى من قبل من متعة و نشوة و حتى تعود النضارة الحقيقية إلى جسدك بعدما تسرى فى أوردتها مياه الرى بعد ظمأ طال و طال ..
ما أروعه من لقاء حقا حينما يكون الحب يظله ، و حينما تكون العاطفة قائدة له تسيره حيث شاءت ، كانت يداها تمسك بظهره و تتشبث به و كأنها تخشى ان يتركها فى نيرانها المشتعلة من جديد ، و لكنه كان يبارى نفسه فى الحراك ، تارة مسرعا و تارة مبطئا ، متوسطا بين اللين و العنف و لكنه كان متنوعا لا يسير على وتيرة واحدة فى الرهز و الحركة ، ظل يفكر كيف يمتعها أكثر فقام عنها و هى تشده لتجذبه إليها بينما هو ماضى فى عزمه فنظرت إليه بلوم و حسرة ، ثم اطمأنت حينما رأته يديرها و يغير وضعيتها حتى صار خلفها فوكزت على ركبتيها و بسطت ذراعيها و استندت عليهما ثم تركته خلفها لا تراه ، بينما هو قد انطلق يدير عملياته بشكل آخر و على نحو آخر حتى وصل بسيفه إلى ذاك الغمد و تعالت صيحاته هو هذه المرة و معه تسارعت تاوهاتها و تنهداتها حتى امسكت بيديها فى الوسادة كانها تريد تمزيقها و تعض فيها بأسنانها و هى تقلب خديها فوقها ، بينما هو يتحرك بكل سرعة و عنف هذه المرة و يداه تست**** فوق ردفيها ، و هو يتابع تأرجحهما و ليونتهما و مرونتهما ، و يمد إبهامه يداعب تلك الفتحة التى بينهما ، و يزيد به الشوق فيصفعهما حتى الاحمرار ، و هل كان له أن يترك شعرها و هو مسدول بعضه فوق ظهرها و بعضه على الوسادة ، بل جمعه كله بيده اليمنى و صار يصففه بيده اليسرى و كان فى طوله يجعله يمسك به و ظهره مستقيم غير منحنى ، هاج و ماج و اشتعل و و احترق حينما مدت يداها و عقدتها فوق ظهرها و صارت متكئة على جبينها فأمسك بيديها و اندفع يغرمد سيفه حتى قبضته ثم أطلق ما كان يختزنه فيه إلى أعمق أعماق عشها النابض الحانى .. فيسحب سيفه بهدووووء فتميل على جنبها ليتمدد خلفها يحتضنها فتلتف إليه و تحتضنه فى عمق و تقبل خده و يرد عليها بحنان يمسح شعرها و جبينها من التعرق ..
*************************
= خد يا سيدى السجاير اهه ، مشيت ييجى اتنين كيلو على ما جبتهالك اياك يطمر فيك بقا و تفهمنى عملت ايه يا مجنون يا ابن المجانين ..
- حصل اللى حصل يا أسامه و ماكانش بإيدى امنع نفسى عنها و لا بايدها انها تمنع نفسها بعد شهور الحرمان اللى عاشت فيها ..
= ها .. كنت متوقع برضه انك عملت كده ، ماهى عوايدك طول عمرك
- لا يا اسامة صدقنى المرة دى ماكانتش من عوايدى ، كان فيه طعم تانى لرغبتى فيها ، مش مجرد واحده ست ، صدقنى يا اسامة انى فى الليلة دى قررت انى افضل معاها باقى عمرى ، و انا اللى كنت مع اى ست قبلها لما باوصل للسرير عمرى ما بافكر ارجعلها تانى و انت عارف و شاهد على كده ..
****************
الجـــزء الخامس ..
و بعدين يا أسامة أنا من يوم ما حبيتها و انا اتغيرت فعلا ، كل حاجة جوايا كانت متغيرة ، بقيت انسان صافى و نضيف ، عمرى ما كنت باتعامل وقتها مع اى حد الا بمنطق الانسانية ، كنت دايما عاوز ارسم السعادة على وشوش كل الناس اللى اعرفهم و اللى ما اعرفهومش ، صوتى عمره ما على قدام اى حد ، كنت بابكى لو شوفت راجل كبير فى الشارع بيطلب احسان من حد ، قلبى بقا بيخاف على كل الناس ، حسيت ان الحب طهرنى و ان عينى مابقتش شايفة الا الالوان النقية بعدما كنت شايف كل الدنيا سودة و بادور فيها على اى متعة وهمية تنسينى ، انت نفسك كنت ملاحظ انى اتغيرت لما بقيت تشوفنى بطلت كل حاجة وحشة كنت باعملها ، خمرة و حشيش و ستات ، صح و لا غلط ؟ طول المدة اللى فاتت دى شوفتنى يا اسامة و كنت مستغرب و مش عارف الاسباب ، لكنى لما شوفتك فرحان بحالتى الجديدة حسيت انك كنت بتتمنى انى اكون كده طول عمرى ، بقالى اكتر من سنة عمرى ما فكرت ارجع تانى للى كنت فيه ، اكتفيت بيها عن كل الناس و عن اى متعة مالهاش معنى ..
و فى الليلة دى رسمنا خريطة لكل حياتنا الجاية ، مدينا ايدينا بالوعود و العهود ، عاهدتها انى افضل جنبها طول عمرى ، و ان حياتنا فى يوم من الايام تاخد شكل تانى غير ده ، شكل يرضى عنه كل الناس و مانحسش معاه اننا بنسرق اى لحظة حلوة بدون حق ، لكن يكفى ان انا و هى نبقا عارفين ان الظروف دلوقتى ماتسمحش علشان نكون قدام نفسنا راضيين عن حبنا ، و طلبت منها نفس الوعد انها تفضل طول العمر جنبى و معايه و عمرها ماتفارقنى ، و لو فى يوم زعلت منى تبقا عارفة و متاكده ان زعلنا مش هايدوم و لا هاياخد وقت ، و انى هارجعلها بشوقى و لهفتى اكتر من الاول ، و دايما انا اللى هابدأ بالصلح حتى لو هى اللى كانت غلطانة ، لكن فى الحقيقة انها عمرها ما غلطت فى حقى ، طول الوقت اللى قضيناه سوا كانت زى النسمة ، كانت بتعاملنى بكل اشكال الحنان اللى بيتمناها حبيب من حبيبته ، كانت بتفهم من نظرة عينى انا حالى ايه زعلان و لا مبسوط و لا بافكر ، كانت بتعرف تترجم لحظات سكوتى و تطلب منى انام على صدرها و احكى لها همومى ، و تهون عليا اى جراح و تزيل عنى كل الهموم بمجرد ما تمشى بايدها فوق جبينى و تطبطب عليا و تحاول تفكر معايه فى الحلول ..
حسيت انى مش هاقدر اعيش فى الدنيا تانى بعيد عنها ، بقيت عاوز افضل جنبها و تفضل جنبى تشاركنى يومى ، و اشاركها كل لحظات حياتها ، مشيت و انا عاوز ارجع لها تانى ، مفيش تعلق فى القلب أكتر من كده خلاص ، بقيت مجنون بيها ، و هى بقت شايفانى كل حاجة ليها فى الدنيا ، و قررت انى اشوف لها شقة تانية تليق بيها و يكون قريب منى و اقدر اكون معاها فيه على حريتى لو كنت هابات عندها .. و بعد شهر واحد انتقلت للشقة الجديدة و جهزتها كما لو كنا عرسان جداد بنأسس حياتنا مع بعض .. و لما كنت اتصل بيها و ابلغها انى هاقدر ابات معاها الليلة دى كنت باحس بفرحتها من اول ما اكلمها لحد ما ارجع لها الشقة و الاقيها مستقبلانى بالموسيقى و الزينة اللى متعلقة فى الصالة كانى رايح حفلة .. لما كنت انام و تصحينى ، كانت بتصحينى بطرق كلها مليانة خفة و دلع و رقة ، اوقات الاقيها مغرقانى بالقبلات على خدودى و جبينى و اصحا على حركة شفايفها و هى بتبوسنى ، و اوقات الاقيها بتلاعبنى بخصلات شعرها جنب ودنى و تناغشنى لحد ما اصحا و اشوف ابتسامتها قدام عيونى ..
يااااااااه على الروعة و الجمال اللى عشتهم معاها و اللى شوفتهم بعينى قبل قلبى ، انسانة لا يمكن تتعوض لا يمكن تتعوض ، و يجهش مرة اخرى بالبكاء ,, و يحاول أسامة مرة تانية يهديه و يطلب منه يكمل ، فيستمر هانى و يكمل الحكاية و هو بيقول : فات شهر و اتنين و تلاتة و اربعة و أيامنا و ليالينا بتزيد حب و سعادة و اصبحت باعامل سندس على انها بنتى ، و هى كمان اقتنعت انى باباها ، كانت سعادة غادة ما تتوصفش لما سندس تسألها هو بابا هاييجى امته ، و لما تشوفنى و انا داخل من الباب و تيجى جرى عليا تحضننى و تقول بابا جه ، كانت غادة تبص لها و تبص لى و تقولى بينى و بينها انا فرحتى لسندس انها لقيت بابا فى حياتها اكبر من فرحتى لنفسى بيك يا هانى ، صدقنى مش هاعرف اوصفلك انا اد ايه كنت حزينة لما باشوفها محرومة من الكلمة دى ، ربنا ما يحرمناش منك أبدا يا حبيبى ، و تفضل لنا طول العمر سندنا و شجرتنا اللى بتضلل علينا ، كنت ليهم كل شئ هما الاتنين ، و كانوا عندى اغلى الناس ، و الاحساس اللى كنت باعيشه معاهم كان اقوى بكتير من انى اتكلم عنه ..
كنت باحاول اعيشهم فى المستوى اللى يليق بيهم ، لكنى كنت دايما باحس بألم فى عيون غادة لما كنت باديها اى فلوس ، كانت تقولى انا شغلى موفرلى الحياة اللى باتمناها و اكتر و انت كفاية عليك ايجار الشقة دى و العفش الجديد ، كنت افهمها انى عايش معاهم و انى باكل و اشرب و انام معاهم يعنى ده بيتى و انا المتكفل بيه ، لكن هى كانت بتاخد يادوب على اد مصاريفى انا و طلباتى انا ، ماكانتش بتصرف جنبه منهم على بنتها او على نفسها ، كنت اروح الشقى الاقيها اشترت لى بيجامة جديدة او طقم داخلى جديد او بدلة جديدة و ماكنتش فاهم انها بتحوش لى الفلوس اللى انا باديهالها علشان تردهالى بالشكل ده من غير ما اقدر ارفض ، كانت بتعمل كده علشان ماتحسش قدام نفسها انها بتاخد من حقوق بيتى و اولادى و قالتهالى فى مرة ( كفاية انى باخدك منهم فى اوقات كتيرة ، لكن انا ما اقدرش استحمل غيابك عنى ، فخلينى استحمل اللى اقدر عليه و هو انى ما اخدش حاجة هما اولى بيها ) ، اتعلمت على ايديها كل يوم دروس و حكم ، و هى ماعاشتش فى الدنيا زى ما انا عشت ، لكنها كانت فاهمة الدنيا اكتر بكتير من اللى انا افهمه ..
و بدات فى حياتى كلها امشى على خطواتها و على دروسها اللى كنت باتعلمها يوم بعد يوم ، و فى الوقت اللى كنت شايف نفسى انى خلاص اتغيرت و بقيت الانسان الجديد ده ، الدنيا قدمت لى الاختبار الاصعب و الاقوى ، و كأنها بتقولى شوف هاتقدر تصمد و لا مش هاتقدر ، شوف نفسك على حقيقتها لما تلاقى حاجة هاتنغص عليك حياتك و تقل متعتك و تهدد كيانك ، و الدنيا كانت واثقة ان انا مهما حاولت اكون انسان ، لازم تخرج منى الدناءة فى اى وقت ، بس لما تكون ظروفها مهيأة ، و اللى انا ماكنتش شايفه جوه نفسى وقتها من قذارة و دناءة و ندالة بدأ يظهر فى لحظة لما رجعت فى يوم فتحت الباب لقيت سندس بتلعب فى الصالة و لقيت غادة نايمة فى السرير مش قادرة تتحرك ، اتخضيت و قلقت عليها و لما طلبت اجيب لها دكتور
قالت لى :-
= لا يا هانى ماتجيبش دكتور ، انا هابقا كويسة ماتتعبش نفسك
- طب ما تحكى لى فيه ايه حاسة بايه
= يا هانى ، يا حبيبى ماتشغلش بالك بقا خلاص انا مرهقة بس شوية
و من غير ما تلاحظنى طلبت دكتور ، و لما جه لقيتها فى حالة ثورة و انفعال و بتهاجمنى انى استدعيته و فهمت سبب ثورتها دى بعد شوية لما قالى انها حامل ، طول الفترة اللى فاتت و انا مش واخد بالى اننا ماعملناش اى احتياطات ، و لا كان فى دماغى انى احترس ، كنت باتعامل زى ما انا متعود مع الأشكال القذرة اللى كنت بانام معاهم قبل كده ..
- حامل ؟؟
= آه حامل يا هانى
- طب ليه ؟
= يعنى ايه ليه؟
- يعنى ليه ماخدتيش بالك اننا لحد دلوقتى ما نقدرش نخرج للناس و نقولهم اتفضلوا ابننا اهه
= ناس مين اللى نخرج لهم و يشوفوه ، ماهم شايفين سندس و هى بتقولك يا بابا و كل الناس فى العمارة فاهمين اننا متجوزين و لا انت تقصد ايه يا هانى ؟
- اقصد اللى اقصده ، هاتكتبيه باسم مين ده لما يخرج للدنيا
= بإسم مين ؟ هو كل اللى يهمك ان اسمك ما يتحطش جنب اسم ابنى و ابنك ؟
- غادة ماتحوريش كلامى ، انا كل اللى اقصده انى عندى ظروف اجتماعية تخلينى زى الشخصيات العامة والعين عليا و باقدم اقرار الذمة المالية كل سنة و باكتب فيه اسماء اولادى و اسم امهم .. مش شخص نكرة محدش هايبص عليه و لا هايهتم بيه خلف او ما خلفش زيـ......
= كمل ، زيى !! مش كده
- غادة انا .....
= هانى ، انت عاوز تقول ايه ؟ عاوزنى اتخلص منه ؟
- طبعا يا مدام ، و لا انتى مش عارفه المصيبة اللى احنا فيها دلوقتى
= مدام !!
- غادة مش وقت الملاحظات دى دلوقتى
= فعلا يا هانى مش وقت اى ملاحظات جنب اللى انا شايفاه ده
- ايه هو اللى انتى شايفاه
= شايفة الانسان الرقيق اللى من اول يوم قابلته و هو بيعاملنى بمنتهى الانسانية و الحب بيتحول قدام عينيه لحالة من الثورة و الغضب لمجرد انه شاف ان ارتباطى بيه بقا فيه شئ هايكتفه و يهز صورته قدام الناس اللى هو بيراعى مشاعرهم و بيدوس بسببهم على مشاعرى
- غادة افهمينى لو سمحتى ، انتى عارفة وضعى الاجتماعى كويس ، حاجة زى دى ممكن تهد البيت اللى بنيته و تدمر حياتى و حياة اولادى ، اقول ايه لعمر و مريم لما يلاقولهم اخ انا خلفته فى الــحـ....
= كمل يا هانى ، خلفته فى الحرام ، مش كده ، ايوة يا هانى ابننا هايبقا ابن حرام ( و سيطرت عليها حالة من هيستريا البكاء المرير و النحيب ) حبنا كله كان حرام ، مقابلاتنا كانت حرام ، ليالينا كلها كانت حرام فى حرام ، حتى وجودى هنا فى الشقة دى اللى انت جبتهالى حرام ، ماتقولش حاجة لولادك يا هانى ، و لو سألوك فى يوم قولهم كانت غلطة انى عرفت واحده اسمها غادة ، و غلطت معاها .. قولهم اللى معاها ده مش ابنى و ابقا انكره و انا مش هاحاول اثبت او اقف قدامك اقول انه ابنك ، ابقا قولهم انها زى ما عرفتنى اكيد عرفت حد غيرى و خلفت منه .. قولهم انها ست لعبيه و ماتعرفش تحافظ على كرامتها و لا شرفها قولهم كده يا هانى قولهم قولهم ، و ارتفع صوتها و على صراخها و هى بتردد الجمل دى لحد ما فقدت الوعى تماما ..
حاولت افوقها ما عرفتش ، اتصلت بنفس الدكتور تانى لانه كان عارف انها حامل و اكيد هايراعى ده و لما وصل و عمل لها اللازم بابص على سندس لقيتها فى حالة رعب و بكا على مامتها ، كل ده انا السبب فيه ، انا اللى ما فكرتش خالص و لا عملت حساب اى شئ ، لا فى البداية فكرت ، و لا فى لحظة المناقشة راعيت مشاعرها ، كنت باتكلم بمنتهى القسوة ، بعد ما كنت باتكلم عن علاقتى بيها بكل الحب ، خليتها تحس انها علاقة فاسدة فى اطار منبوذ مايليقش بحالتى انا الاجتماعية و نسيت انها فى ورطة اكبر بكتير منى انا ، ازاى قدرت اقول الكلام اللى قلتهولها فى لحظة غصب و انفعال و اخليها تقف عريانه قدام نفسها و قدامى لما واجهتها باللى كنت باحاول اهرب منه بينى و بين نفسى ..الدكتور طمننى و طلب منى الاستعانة بحد يراعيها هى و بنتها و رشح لى واحده كانت بتشتغل عنده فى العيادة و اتصل بيها علشان تفضل جنبهم .. و انا اخدت سندس اخفف عنها شوية و خرجت بيها من البيت ..
فاقت غادة لقيت نفسها فى السرير و لقيت جنبها ممرضة ، وكان اول شئ سألت عليه هو انا ، قالت لها فين هانى ؟ ردت عليها الممرضة الاستاذ هانى بعد ما جاب لك الدكتور و اطمأن عليكى طلب منى اجى افضل جنبك و اتابعك لحد ما تخفى و تبقى زى الفل ، و كان سؤال غادة التانى عن سندس ، قالت لها نايمة فى اوضتها ، الاستاذ هانى خرجها شوية بعد ما الدكتور نزل و رجع بيها نايمة .. ارتاحى انتى دلوقتى يا مدام غادة و ما تقلقيش ، استاذ هانى قال انه راجع بعد ساعة ..
و عدت الساعات و الأيام و انا ما رجعتش ، فات اسبوع و اتنين و انا كل اللى باعمله انى باستقبل تليفونات الممرضة تبلغنى باحوالهم و خلاص ، و غادة ماحاولتش حتى تتصل بيا لانها كانت خايفة انى اكمل وصلة الغضب و الندالة اللى كنت فيها ، ماكنتش عارف و لا شايف غير مصلحتى انا و بس ، نسيت الحب و الكلام اللى فضلت اغنى بيه و اردده لما حسيت ان كل ده ممكن يأثر على بيتى واولادى .. و لما طلبت من الممرضة انها تيجى تاخد منى فلوس لغادة و بنتها ، رجعت لى بيهم تانى بعد شوية و هى بتقولى مدام غادة بتقولك متشكرين ، احنا معانا اللى مكفينا ، و بتبلغك انها بقت كويسة و هاترجع تانى شقتها القديمة و بتشكرك على كل اللى انت عملته معاهم ..
حسيت وقتها بحجم الجريمة اللى انا ارتكبتها ، لا دى جرايم مش جريمة واحدة ، من البداية ، كانت فى حالها عايشة فى احزانها و بتحاول تخرج منها ، و بعد ما خرجت و ارتاحت و حست بسعادة و لو وهمية ، سحبتها منها بمنتهى الندالة ، و رجعتها تانى تقضى بقية حياتها فى الخوف اللى عرفته من يوم ما اتولدت ، كان ليها حق تخاف من بكرة ، مهما حاولت اطمنها ، كان قلبها حاسس و شايف اللى انا ما اعرفش اشوفه ، و لا كان ممكن هاشوفه طول ما انا كنت فى غيبوبة و مصدق انى بقيت انسان تانى ، الطبع الدنئ يا صاحبى لما بيتمكن من انسان مش سهل يسبه ، و انا طول عمرى منقوع فى الدناءة و الخسة .. و بمجرد ما اتعرضت لاول هزة رجعت انكشف تانى على حقيقتى قدام نفسى اللى عرفتها طول عمرى ، و لقيت حياتى فى كفة ، و الحب اللى عشته مع غادة و غاده نفسها فى كفة ..
طب ازاى اقدر ارجع غادة تانى للأمان بعد ما طعنتها فى مقتل ، و ازاى اقدر ارجع تانى للاحساس بالامان مع نفسى و من نفسى اللى كرهتها و مابقيتش عاوز اعرفها و لا قادر ابص لنفسى فى مراية و انا شايف انسان حقير قدامى ماعندهوش ادنى درجات الوفاء بالعهد و لا مراعاة مشاعر الانسانة اللى حبتنى و حطت كل ثقتها فيا و استأمنتنى على نفسها و حياتها و عاشت فى ضلى أيام قليلة كانت بتمثل لها كل الحياة .. ازاى هاقدر اصحح كل الاوضاع دى و ازاى هاعرف ، طب مش كل مشكلة و ليها حل ؟ احاول اقنعها تانى تتخلص من الجنين لحد ظروفنا ما تتعدل شوية ، اروح اقنعها تانى علشان نفضل مع بعض ، اروح لها افهمها ان انا كنت غضبان بس شوية و اتفاجئت لانى ماكنتش عامل حسابى ، و حتى لو هاترفض اننا نستمر تانى مع بعض مش مهم ، المهم انى احاول اخفف عنها آلامها و احسسها انى هافضل واقف جنبها ، و قررت انى اروح لها شقتها القديمة ..
خبطت على الباب مرة و اتنين و تلاتة ، محدش رد عليا ، رجعت تانى يوم ، مفيش رد ، حاولت اتصل بيها ، مفيش رد ، اتجننت ، احترت اعمل ايه ، روحت لها الشغل ، قالولى انها مش بتيجى بقالها مدة طويلة و محدش عارف يوصل لها . فات عليا شهر بحاله و انا بادور عليها زى المجنون ، لدرجة انى سافرت بنى سويف اسأل خالها عليها بحجة انى موظف فى المعاشات و محتاج منها بعض البيانات ، لقيته مش فاكر حتى عنوانها القديم ، رجعت تانى و انا مش شايف قدامى ، دخلت البيت و انا حالتى النفسية فى منتهى السواد ، لا طايق ابص لحد و لا ارد على حد ، روحت حضانة سندس اشوفها هناك قالولى انها بقالها فترة مش بتيجى ، اسودت الدنيا فى وشى زيادة و حسيت انى مش قادر اقف على رجلى و الارض مش شايلانى ، رجعت على الكافيه اللى قعدنا فيه انا و غادة اول مرة ، و هناك لاول مرة عرفت معنى الحنين ، و دموعى نزلت بدون سيطرة عليها ، بقيت امشى فى الشوارع ابص فى كل الوشوش جايز الاقيها ، كنت باروح اول كل شهر لمدة يومين او تلاتة على المكان اللى هى بتقبض منه المعاش يمكن اشوفها ، لكن برضه كل الامال اتبددت فى انى الاقيها ، فكرت انى انزل اعلان فى الجرايد او اعلق لها يافطة فى الشوارع اطلب منها تسامحنى و تغفرلى كل كلامى و قسوتى معاها ، لكن ما قدرتش ، خوفى على حياتى من تانى هددنى و خلانى اتراجع .. يا ترى ايه العمل و انا خلاص مش عارف ارتاح و لا عارف افكر و لا حتى اخد بالى من بيتى و اولادى اللى كنت بادعى انى خايف على مصلحتهم .. بقيت تايه امشى فى الشوارع من غير غرض و لا هدف الا انى الاقيها ، شوية بالعربية و شوية على رجلى ، و كل ليلة احاول انام و دموعى اللى تصحينى ..
آهٍ ، و حر الآه يكــــوى أضلعى .. كيف الكرى و النار تعلو مضجعى
بالأمس كان الدمع عبدا خاضعا .. و اليــــوم عتقا يا دمـوعى سارعى
لما توعد أى إنسان بأى وعد ، خليك أد كلامك ، اوعا فى يوم تغدر بيه و تسيبه فى أزمة وقع فيها بسبب انه كان حاطط كل ثقته فيك .. و انت بتمد إيدك للعهد ، ابقا اتأكد الأول انها نضيفة مافيهاش اى اعتبار للمصالح ، و اتأكد كمان انك مش لابس جوانتى يمنع تمام العهد و اكتماله و يسيب ثغرة تبرر بيها لنفسك بعدين ، خليك دايما شجاع و جرئ - فى وعودك - و ماتتراجعش عن تنفيذها مهما كانت المعوقات ، اوعا تخلى مصالحك الشخصية تمنعك عن وفائك بالعهود ، اوعا تبدل شجاعتك للجبن ، و تحول شهامتك لخسة و ندالة ، اوعا تنسى كل كلمة قلتها فى عهدك .. إياك تكون بتوهم نفسك إنك هاتوفى و انت مش ضامن نفسك و لا واثق من ظروفك ، و اوعاك تخلى الظروف حجة او شماعة تعلق عليها ندالتك ، إياك تخذل الناس اللى وثقت فيك و شافت انك الحصن اللى بيحميهم و السند اللى بيقويهم ، و الحب اللى يضلل عليهم و يكون ليهم المأوى و السكن ، مهما كلفك الأمر و كان التمن غالى ، الوفاء أغلى المعانى ، يستاهل مننا كل التضحيات ، خصوصا لما تلاقى الناس بتبنى مستقبلها على وعودك ، و بتمشى فى الدنيا على خطاك و انت فى عيونهم القائد اللى بيوجههم .. اوعا تسيب عقلك يتفاوض مع شيطانك على المصالح و بس او تنسى مع المناقشة الميثاق اللى قطعته على نفسك بأنك تكون الدرع اللى بيحمى و ما بيهربش تحت أى ظرف ، افتكر نظرة الثقة اللى طلت من عيون الناس اللى استأمنوك و سلمولك امرهم بكل أمان .. الدنيا بحالها و بكل ما فيها ماتساويش لحظة تقف فيها متهم بالندالة قدام حد انت كنت بتمثل له كل شئ فى يوم من الأيام ..
بهذه الكلمات بدأ ( هانى ) حديثه مع صديقه الأنتيم ( أسامة ) و هو بيبكى و الدموع فى عنيه ، حاول أسامة يهديه شوية و يطبطب عليه و يهون عليه أزمته و يفهم منه ايه اللى حصل علشان يوصل هانى للحالة دى من الحزن و الاكتئاب ، و يحاول يخليه يفضفض يمكن يفرغ شحنة الهموم اللى جواه و يزيح عن صدره الألم الرهيب اللى خلاه يروح لأسامة الساعة 3 بعد منتصف الليل و هو فى حالته دى من الألم و الحزن و جلد الذات ..
هانى عمره تجاوز الثلاثين بقليل ، متزوج و عنده أولاد ، و أسامة كذلك فى نفس السن و نفس الحالة الاجتماعية ، الاتنين أصدقاء من سنين بعيدة اوى و بيشتغلوا فى مكان واحد فى إدارة المعاشات ، حياتهم مرتاحة ماديا ، هما الاتنين عندهم أملاك و عقارات و ميراث كبير ، و ظروفهم الاجتماعية مستقرة بشكل كبير ، و ساكنين فى مدينة راقية جدا فى إحدى محافظات الوجه البحرى ، كانوا متشابهين فى حاجات كتيرة اوى ، لكن كل واحد فيهم له طبع خاص شوية ، بمعنى إن هانى طول حياته متمرد على كل التقاليد ، طايش بمعنى أصح ، بيدور على غرايزه و بيحاول يرضى نفسه و بس .. لكن أسامة كان نموذج للإنسان الملتزم ، بيراعى التقاليد و عارف يعنى إيه يروض نفسه و يمنعها عن الاستجابة للطيش او النزوات أو البحث عن المتع اللى خارج حدود اللياقة ..
لكن طباعهم المختلفة عمرها ما كانت سبب فى اختلافهم وجدانيا ، كان أسامة بيحاول كتير انه يوجه هانى و ياخد بايده للالتزام و الانضباط ، لكن هانى كان من وقت للتانى يسرح مع شيطانه و يعمل العملة و يرجع بعدها بشوية يحكى لأسامة و هو بيضحك و واخد الأمور بشكل عادى خالص و لا مبالاة غير عادية ، و لا كأن فيه حاجة حصلت ، و لا كأنه عمل حاجة غلط ، و كان أسامة بيزعل فى نفسه لكنه ماكانش بيحاول يقسى عليه بحكم صداقتهم ، لكنه كان بيأنبه و يلومه صحيح ، إنما لما بيلاقيه يبدأ يشعر بالخزى و الكسوف كان بيغير الموضوع علشان ما يخليهوش يحس بأنه أهانه أو قلل من شأنه ..
لكن المرة دى ، هانى بيروح لأسامه البيت بعد ما فضل يأنب نفسه و يوبخ نفسه بنفسه ساعات و ساعات ، و لأول مرة يحس أسامه ان هانى مش محتاج لوم لأن اللى هو فيه كافى جدا ، قام أسامة يعمل فنجانين قهوة و رجع لهانى ، و برغم إصرار هانى إنه مش هايشرب اى حاجة ، لكن مع اصرار أسامة شربوا القهوة سوا و لازالت الدموع فى عيون هانى و لا زال فى دنيا غير الدنيا ، و بعد ما شربوا القهوة ، طلع أسامة علبة السجاير و مد إيده بالسيجارة لهانى و ابتسم و هو بيقوله خد السيجارة دى انا عارف انك مابتحبهاش فاضية بس معلهش انت عارف انا ماليش فى مزاج الحشيش بتاعك ده ، كانت مداعبة منه لهانى ، لكنها ماجابتش نتيجة برضو ، لازال هانى مع احزانه ، اخد السيجارة و ولعها و اخد منها نفس عميق ، و نفخ الدخان و معاه آهه طويلة سحبت معاها دموع عيونه من جديد ..
أصبح أسامة فى حيرة بين انه مش قادر يخفف آلام هانى ، و مش قادر يعرف منه ايه الحكاية ، و فى النهاية خالص قرر هانى انهم يخرجوا يتمشوا شوية على الطريق اللى كان خالى تماما من اى مرور ، و فى مكان هادى على محطة الأتوبيس تحت شجرة قعدوا هما الاتنين على الأرض جنب الشجرة ، و هنا طلب أسامة من هانى إنه يحكى له يمكن يقدر يخفف عنه الهموم ، و يحاول يلاقى معاه حل لو كان فيه ازمة ، و بعد لحظة صمت طويلة من هانى بدأ الكلام و هو بيطلب من أسامة إنه مايكونش رحيم بيه زى كل مرة ، طلب منه انه يتعامل معاه بشكل أعنف بكتير من كل مرة كان بيحكى له فيها على نزواته ..
طبطب أسامة على كتف هانى و هو بيقوله احكى لى بس الاول يا صاحبى يمكن يكون الموضوع بسيط او فيه سوء تفاهم عندك ، ما تحكمش على شئ من وجهة نظرك لوحدك ، خلينا نتفاهم سوا بعد ما تحكى لى ، ها ، قولى بقا الموضوع إيه و إيه ظروفه بالظبط ، هانى سند ضهره للشجرة اللى وراه ، و مد إيده ياخد سيجارة و يولعها و أسامة مترقب اللحظة اللى هايبدأ فيها كلامه ، ماحاولش يضغط عليه فى إنه يتكلم ، سابه خالص لحد ما يحس انه لازم يحكى ، و بعد أول نفس من السيجارة ، يبص هانى لأسامة و يقوله :-
- فاكر من سنة و شوية لما جات لنا الإدارة واحدة ست إسمها ( غادة ) علشان تخلص ورق المعاش بتاع جوزها ، و انا يومها قمت معاها اساعدها فى تخليص الورق ؟
= اممممممم ، آه ، آه فاكر الست دى ، يومها انت كنت بتلف معاها فى الادارة تشوف لها المطلوب ، حتى انا استغربت اوى الشهامة و الهمة دى كلها جتلك منين و انت رمز للموظف الكسول
- ماكانتش همة و لا شهامة يا أسامة
= أمال كانت إيه ؟
- لو تفتكر غادة دى كانت جميلة و رقيقة ازاى ..
= آه فعلا كانت جميلة جدا و فى عز شبابها و برغم الحزن اللى كان على وشها لوفاة جوزها فى حادثة إلا أنها كانت رائعة فعلا
- و جمالها ده هو اللى خلانى اقوم اخلص لها كل حاجة و افضى نفسى ليها طول اليوم لحد ما تمشى و هى مطمنة ان ورقها هايخلص فى اقرب وقت
= آه فهمت يعنى انت يومها ماكنتش شهم و لا نيلة
- لا خالص ، ده جمالها و رقتها هما اللى حركونى و خلونى قمت من مكانى علشان اساعدها
= تمام تمام ، طيب كمل يا هانى ..
و يكمل هانى حديثه و هو بيرجع بذاكرته للخلف ، لأكتر من سنة و هو بيبص يلاقى ( غادة ) داخله المكتب عنده و أسامه على المكتب اللى جنبه و هى بتسأله على الاوراق المطلوبة و التوقيعات اللى هى محتاجة تجيبها علشان تصرف معاش جوزها ، و اللى كان متوفى بقاله فترة بسيطة فى حادث قطار أثناء عودته من شغله فى إحدى الهيئات الحكومية ، و يبلغها هانى بكل التفاصيل و يبلغها بموعد قدومها مرة تانية علشان تسلم كل الاوراق المطلوبة و يقوم معاها لحد باب المكتب و هو بيقول لها علشان ماتحتاريش كتير فى المشاوير بتاعتك خدى رقمى اهه و كلمينى فى اى وقت لما تحسى بأى لخبطة أو يكون فيه اى حاجة انتى مش فاهماها ، و تاخد غادة الرقم و هى بتشكره و بتتمناله كل الخير ..
و بالفعل بعد يومين تلاتة لقى رقم غريب بيتصل عليه و لما سمع صوتها فورا عرف انها غادة ، لأن صوتها كان فى منتهى النعومة و لا يمكن يتنسى ، بدأت تسأله على حاجات كتيرة مطلوبة منها ، و هو يومها قرر انه مايكتفيش بالتوجيه و بس ، لكنه سألها انتى فين دلوقتى ؟ فقالت له على المكان ، فطلب منها تنتظره و استأذن من الشغل و نزل فورا بعربيته و راح لها ، و برغم دهشتها من وقوفه جنبها بالشكل ده إلا أن ضميرها كان سليم و ظنت فيه الخير ، و هو فضل معاها لحد ماخلص بعض الاوراق المطلوبة ، و اتفق معاها يروحلها تانى يوم لحد البيت بالعربية و يلفوا مع بعض يخلصوا باقى الاجراءات و يكملوا باقى الملف بالاوراق المطلوبة ..
أسبوع بحاله و هما مع بعض فى أكتر من مكان ، يخرج هانى من الشغل مرة بيستأذن و مرة يزوغ و أسامه كان بيغطى عليه كالمعتاد ، لكنه ماكانش عارف هو بيروح فين ، و مع كل مرحلة تحس غادة بالامتنان و الشكر لهانى ، و هانى طول الفترة دى ما قصرش فى بذل كل الجهد و التفانى فى مساعدة غادة ، و من وقت للتانى كان يعزمها مرة على حاجة تشربها ، مرة على الغدا ، و هى كل اللى فى بالها انه الاخ او الصديق اللى بعتته ليها السما علشان يقف جنبها خاصة انها وحدانية ، و ابوها و امها ماتوا قبل ماتتجوز ، و كانت فى الفترة دى عايشة مع خالها فى بنى سويف قبل ما تنتقل مع جوزها لنفس المحافظة اللى عايش فيها هانى ، و بعد 3 سنين جواز يموت جوزها و يسيبها أرملة فى العشرينات و معاها بنت صغيرة ( سندس ) محتاجة مصاريف و مش عارفه المعاش لو اتأخر هاتعمل إيه ، لأنها طول الفترة دى عايشة على الديون ، و جوزها مالهوش غير اخ وحيد مسافر بره مصر حتى ماحضرش جنازته ، اما خالها حضر الجنازة زى الغريب و مشى حتى من غير ما يسألها هاتعيشى ازاى و منين ، تقريبا زهق و قال كفاية عليها انى ربيتها و جهزتها و اهى فى شقة جوزها بقا تعيش و ترتب حالها ..
كانت غادة بتحكى له و هما فى العربية و نزلت دموعها ، ماقدرتش تمنع نفسها من البكا ، و مع دموع غادة و هى بتحكى ، هانى ما يقدرش يستحمل دموعها و وقف العربية على جنب الطريق و مد إيده بمنديل و مسح لها دموعها و قال لها ، ما تحمليش هم اى حاجة يا غادة ، كانت اول مرة يناديلها باسمها من غير كلمة ( مدام ) ، برغم اندهاش غادة من جرأة هانى و محاولتها التراجع شوية لكن هانى ما تراجعش و قالها اوعى ابداً اشوف دموعك دى مرة تانية يا غادة ، انا هافضل جنبك و هافضل افرض نفسى عليكى كده لحد ما اطمن عليكى ، تقولى عليا رخم تقولى تلاقيح جتت ، قولى اللى انتى عاوزة تقوليه بس برضو هافضل جنبك ، تبتسم غادة من كلام هانى و تقوله :- ماتقولش كده يا استاذ هانى ده انت لو اخويه مش هاتعمل كده ، انا عارفة انى باتعبك معايه معلهش لكن انت انسان طيب و كل يوم بتثبت لى ان الدنيا لسة بخير .. يبتسم هانى و يطلب منها يروحوا مشوار قبل ما يوصلها لبيتها ، و يوصلها تقعد فى كافيه و يسيبها عشر دقايق و يرجعلها ، و بعد ما يرجعوا تانى للعربية ، يطلع لها مبلغ 5000 جنيه يديهم لها ..
و طبعا غادة ترفض و بشدة و تقول له انا ماحكيتش ليك عشان تعمل كده و تحسسنى انى باخد إحسان ، و تصمم انها مش هتاخدهم و تنزل دموعها مرة تانية ..يحاول هانى يهديها ، و يعتذرلها و يقول لها :- ايه بس اللى خلاكى تفتكرى انه احسان ، دى سلفة يا غادة لحد ما تصرفى فلوسك و بعدين ابقى رجعيهم براحتك و بالتقسيط لو تحبى ، انا عارف ان الاجراءات ممكن تطول ، عشان خاطرى يا غادة تقبليهم منى ، انا هاولع فيهم قدامك لو ما اخدتيهومش ، اسمعى كلامى انتى لسة قايله انى انا زى اخوكى ، ايه غيرتى رأيك و لا إيه ؟ خديهم بقا عشان خاطرى انا و عشان خاطر سندس كمان ، و أخدت غادة المبلغ و هى مش لاقيه كلام تعبر بيه لهانى عن اللى جواها ناحية وقوفه جنبها بالشكل ده ، و قالت له صحيح يا استاذ هانى فكرتنى ، انا مودياها حضانة لصغار السن و عاوزة اروح اخدها معلهش لو فيها رزالة ..
بدات مشاعر هانى ناحيتها تتحول من مجرد نظرته ليها على إنها ست جميلة و مغرية ، لأنها إنسانة فى ضيق و أزمات و محتاجة حد يقف جنبها ، بدأ يتعامل معاها بإنسانيته أكتر ، بص لها هانى و قال لها لا هى مافيهاش رزالة ، بس لو قلتى أستاذ دى تانى تبقا رزالة بجد ، ابتسمت و قالت له ما هو انا مش هاعرف اقولك الا استاذ ، انت حضرتك مقامك كبير اوى عندى ، قال لها لو مقامى كبير صحيح يبقا قولى لى هانى كده على طول يا غادة ، ماشى ؟ ابتسمت غادة و قالت له حاضر ، عدوا على الحضانة و ركبوا سندس معاهم و وصلهم الشارع ، كانت ساكنة فى نفس المدينة اللى هو ساكن فيها و فيها مكان شغله .. أصرت إنه يطلع معاها شقتها علشان يرتاح من الطريق ، لكنه قال لها إنه ما يصحش يطلع لأنها أرملة و ساكنة لوحدها ، زاد إعجابها بيه و بأخلاقه و مشى هانى على وعد بالاستمرار معاها فى باقى المشوار لحد ما تحصل على المعاش ، و مرت الأيام بشكل متتابع و هما تقريبا كل يوم مع بعض أوقات طويلة ، و خلص المشوار على خير و انتهت الإجراءات و أول ما غادة حصلت على الفلوس حاولت تدى لهانى فلوسه ، لكنه بكل تأكيد رفض إنه ياخدها ، و قال لها إنه مش هاياخدهم إلا بعد سنة ، و هاياخدهم على دفعات كمان ، لكن غادة أصرت و أمام إصرارها هانى سكت غادة و أخد المبلغ منها و بص لها هانى و قال لها
- خلاص كده بقا المصلحة خلصت و سددتى المبلغ كمان و بكده مش هانشوفك تانى ؟
= معقول يا أستاذ هانى
- آه طالما قلتى أستاذ تبقى ناوية على كده
= ههههههه لا خالص ، بس أصل انت خضتنى لما قلت كده ، انا مش قليلة الأصل
- ياااااه يا غادة ، تعرفى إن ضحكتك حلوة اوى ، أول مرة أشوفك بتضحكى من يوم ما عرفتك
= ( بكسوف و خجل ) ماهو ماكانش فيه فرصة إنى أضحك قبل النهارده
- بس بجد بقا ، بجد يعنى ، يعنى اوعى الضحكة دى تفارقك تانى ، آه
= حاضر، هاحاول
- طيب يا ريت لو كنتى معدية من هنا تبقى تزورينا فى المكتب
= أكيد طبعا يا أستاذ هانى أنا لا يمكن أنسى وقفتك معايه ، بقالنا حوالى شهر اهه و انت أكتر من اخ كتر خيرك رايح جاى متبهدل معايه خالص ، ده لو حد من أهلى ماكانش عمل معايه كل ده
- و انا هاكون دايما فى خدمتك و تحت امرك فى اى شئ ، و لو فى يوم كنتى حابة تروحى اى مكان ماتحمليش هم مواصلات ، تتصلى بيا هتلاقينى قدامك على طول بالعربية و هاوديكى أى مكان انتى عاوزة تروحيه
= معقول ، هو فيه كده فى الدنيا ؟ كمان عاوزنى اتعبك تانى
- شوفى يا غادة انا هاوصيكى وصية تحفظيها كويس ، لو فى نص الليل و احتاجتى اى شئ تتصلى بيا انا مش هاقولك تانى ، تليفونى معاكى و انا لسة مش شايف انى قدمتلك أى خدمة لسه
= كمان ! كل ده و لسه ما قدمتش ؟ انت طيب أوى يا أستاذ هانى
- هانى بس ، مش انتى قلتى اننا اخوات ؟
= حاضر يا هانى ، أشوفك على خير
- إيه ، إيه ، استنى هاوصلك البيت ، انتى عاوزة تركبى مواصلات بالفلوس اللى معاكى دى ؟
= آه صحيح ، ده انا أصلا مش هاعرف اشيلهم فى البيت كمان
- شوفتى بقا ، الساعة لسه 11 ، انا هاطلع معاكى على اى بنك تحطيهم فيه
= يا ترى هالحق أخلص الاجراءات قبل سندس ما تخرج من الحضانة ؟
- هاتلحقى ، الموضوع مش هياخد وقت ، تعالى
و بعد انهاء اجراءات البنك راحوا على الحضانة و وصلهم هانى لحد البيت و مشى ، و مر يوم و اتنين و اسبوع بحاله و غادة مش بتتصل ، هانى ما فكرش كتير و ماكانش منتظر اتصالها اوى و كان الامر عادى بالنسبة له .. و فى يوم كانت الساعة 11 مساءً حب انه يطمن عليها ، رن عليها و سلمت عليه و فكرها تانى بالوصية انها لو احتاجت اى شئ تكلمه فى اى وقت .. سكتت شوية و قالت له طب لو ممكن اشوف حضرتك بكرة ؟ قال لها بكل تأكيد يا غادة انتى تؤمرى .. و اتفقت معاه انها تنتظره قدام الشارع بتاعها ، راح لها و قال لها عايزة تروحى فين ؟ كان فاهم ان وراها مشوار او حاجة ، لكنه لقاها بتقوله اى مكان نتكلم فيه شوية ، قلبه بقا يرقص من الفرحة ، و افتكر انه واحشها وعاوزة تقعد معاه ، و بدأت تتحرك جواه مشاعر أكبر ناحيتها بالفعل ، و ظهرت فرحته فى كلامه و قال لها خلاص يبقا نروح احلى كافيه فى المنطقة ..برغم انه ماكانش عارف سر طلبها ده لكنه كان مجهز نفسه كأنه رايح فعلا موعد غرام ، كان بيغنى فى قلبه لحد ما وصلوا الكافيه .
الجــــزء الثــانى
وصلوا الكافيه و قعدوا ، طلبوا حاجة يشربوها و بعدها قال لها :-
- يعنى لو ماكنتش انا اتصلت بيكى ماكنتيش هاتسألى ؟
= لا أبدا ، أنا بس ماكنتش عاوزة اقلقك و اسبب لك اى ازعاج تانى كفاية اللى انت عملته معايه
- ازعاج ايه بس ، ده انا اتمنى انى اقدم لك اى خدمة يا غادة
= انا متشكرة جدا يا أستــاذ هانى
- تانى أستاذ !!
= ههههه لا خلاص ، انا متشكرة جدا يا هانى
- ايوة كده ، ده انا اول مرة احب اسمع اسمى بالشكل ده
= انت كلك زوق يا استـ ، يا هانى ، يا هانى
- و انتى إنسانة طيبة و حنينة و اى إنسان يتمنى يقدملك اى خدمة
= اشكرك بجد ، و انت كمان طيب اوى و محترم و عشان كده انا قررت اقولك على حاجة و اعتبرها آخر طلب هاطلبه منك
- آخر طلب ليه بعد الشر ؟ انتى تطلبى و تطلبى و تطلبى بقلب جامد كمان
= أنا كنت عاوزاك تساعدنى ألاقى شغل ، انا عندى وقت فاضى كبير مش باستغله و كمان و الحاجات كل يوم بتغلى و مش هاعرف اركن على معاش المرحوم لوحده
- طب انا كنت لاحظت من الأوراق ان انتى معاكى معهد فنى تجارى تقريبا !
= آه و كان مفروض اكمل كلية بعد المعهد بس خالى مارضاش و قال كفاية كده و البنت مسيرها للجواز
- طيب معاكى اوراقك و لا لسه هاتجهزيها ؟
= انا عندى كل الاوراق فى البيت بس قلت اكلمك الاول و لو كان ممكن تلاقى لى شغل اجيبهوملك فى اى وقت ، بس انا مش عاوزة اسبب لك اى احراج عشان خاطرى لو فيها اى احراج ليك يبقا بلاش احسن .
- إحراج إيه بس يا غادة ، ده شغل مش إحسان يعنى ، و بعدين أنا اعرف ناس كتير اوى قدمت لهم خدمات كتيرة و بيتهيألى إنى هالاقى بينهم حد عنده وظيفة تليق بيكى
= لا تليق إيه ، ده انا ممكن اشتغل اى حاجة
- لا طبعا ، اى حاجة ازاى ؟ أمال تبقا فين الخدمة اللى هاقدمهالك ، تعالى معايه اوصلك البيت و تجيبيلى اوراقك و تنتظرى منى تليفون بكرة او بعد بكرة بالكتير ، اتفقنا ؟
= مش عارفه اقولك ايه يا هانى ، انا لا يمكن هاعرف اوفى جمايلك دى عليا أبداً
- جمايل ايه بس ، ده انا نفسى اقدملك خدمة اكبر بكتير اوى من كده
= الف الف شكر يا هانى مش عارفة بجد اقولك ايه
- مش ضرورى تقولى اى حاجة تعالى اوصلك و تجيبى الاوراق بتاعتك و ماتحمليش هم حاجة
و فى نفس اليوم بالليل يتصل بيها هانى و يبلغها انه لقالها شغل فى قسم المحاسبة فى شركة أتوريدات طبية صاحبها دكتور حسنى ، وكيل وزارة سابق على المعاش و علاقته كويسة مع هانى و المرتب محترم و استلام الشغل بعد يومين من غير مقابلة شخصية حتى ، كان واضح ان هانى عزيز اوى عند الدكتور حسنى او قدم له خدمات قبل كده لأنه ما ترددش لحظة واحده فى توفير الوظيفة لغادة اللى كانت طايرة من الفرحة و مش مصدقة الخبر ، و اتفق معاها هانى انه هايعدى عليها بعد يومين بالعربية ياخدها و يوصلها للشركة و يقدمها بنفسه للمدير ، و قد كان ، و اتفق هانى مع الدكتور حسنى إن غاده هاتخرج بدرى ساعة عن مواعيد الانصراف لان عندها بنت صغيرة ، و الدكتور ما رجعش كلمة هانى و قاله انت تؤمر يا هانى ، و استلمت شغلها و بدأت تتعلم و تتمرن كويس على الشغل ، و ارتاحت جدا للمكان و للزملاء و كانت بتخرج بدرى ساعة عن غيرها و هى حاسة انها مسنودة و وراها ضهر جامد اسمه هانى ..
و كانت كل يوم بعد ما ترجع البيت تتصل بهانى او هو يتصل بيها ، و يطمئن على أحوالها ، و هى فى كل مرة تشكره و تبعت له اخلص التمنيات برد الجميل له فى يوم من الأيام ، و فى كل يوم كانت مشاعره ناحيتها بتكبر و تكبر ، حس إنها سكنت فى قلبه ، مش نزوة زى المرات اللى فاتت ، لا ، دى حاجة أكبر بكتير ، و بدأ يحس إنها هى كمان بتبادله نفس المشاعر ، و إنها بترتاح لما بتكلمه و السعاده بتظهر فى صوتها لما تسمع صوته او تشوفه ، و فى يوم تتصل بيه الصبح بدرى و تطلب منه يكلم المدير بتاعها يعتذرله عن حضورها اليوم ده بسبب مرض بنتها سندس ، و بالفعل يتصل هانى بالمدير و يبلغه ، و يروح لها على البيت و معاه دكتور يكشف على البنت ، كانت اول مرة يدخل شقتها ، و اتفاجئت غادة بزيارته لكنها ما اتفاجئتش أبدا من شهامته معاها لأنها اتعودت منه على كده ، و أثناء الكشف كان هانى بيتفقد الشقة بنظره كده لقاها مساحتها صغيرة حجرتين وصالة ضيقين ، و مطبخ صغير و حمام صغير بشكل غير طبيعى ، و بعد الكشف الدكتور كتب الأدوية و نزل هانى اشتراهم و قعد مع غادة يطمنوا على البنت ، و بعد لحظات حاول يستأذن منها لكنها رفضت انه يمشى ، و صممت انه يفضل قاعد و يتغدى معاها كمان ..
حاول يتملص منها و يقول لأ علشان اهل المنطقة ، قالت له هنا محدش يعرف حد و لا بيسأل على حد ، كل واحد فى حاله ، لو كان بينهم حد بيهتم بجاره كنت روحت الشغل و سيبت سندس معاهم ، سيبك من الكلام ده يا هانى ، انت نورتنى النهارده ، و تقلت عليا حمل جمايلك أوى ، مابقيتش عارفة اعمل إيه معاك ، بقيت مديونالك بكتير اوى .. بص هانى فى عيونها و قال لها :-
- ماتقوليش كده يا غادة ، انا لو بإيدى كنت اديتلك روحى
= روحك ! للدرجة دى انا غالية عندك
- أغلى من روحى يا غادة ، لو تعرفى انتى إيه بالنسبة لى ، كنتى حسيتى انى اتمنى افضل العمر كله جنبك
= و انت كمان غالى عندى اوى يا هانى ، ماتعرفش أنا أد إيه نفسى الاقى فرصه أردلك فيها و لو جزء من اللى انت بتعمله معايه ده
- اللى انا باعمله ده مش جمايل يا غادة ، و لا باعمله عشان اسمع منك الكلام ده ، أنا كل اللى يهمنى إنى اشوفك سعيدة و بتضحكى من قلبك ، من يوم ما شوفتك اول مرة و الحزن باين فى ملامحك الرقيقة ، حسيت انك ما اتخلقتيش للحزن أبدا ، انتى اللى زيك لازم تعيش الفرحة اللى تملا قلبها ، و تعيش فيها و بيها مدى الحياة ، من يوم ما شوفتك و انتى داخلة عليا المكتب و انا حسيت انى لازم اساهم و لو بجزء بسيط فى إنى أسعدك و أخفف عنك همومك ..
= ( بصوت هامس و نبرة حنان ) انت وجودك جنبى هون عليا اى احزان ، خلانى عشت الفرحة بجد لما حسيت معاك بالأمان ، كنت خايفة من الدنيا بعد موت جوزى ، لكن لما ظهرت فى حياتى و حسيت ان فيها إنسان بيخاف عليا و بيقف جنبى لقيت غصب عنى الفرحة بتدخل قلبى ، و بدأت أحس إن الدنيا بقا فيها .. بقا فيها حاجة حلوة أخيرا ..
- ( بصوت مازح ) و ، و ، و إيه هى الحاجة الحلوة دى يا غاده ؟
= ههههههه قال يعنى انت مش عارفها ، الشغل طبعا ، هههههههههه
- نعم ! الشغل ! آه هو الشغل حلو فعلا ، طب انا مش حاسس بكده ليه ؟
= ههههههههه لا انا باهزر طبعا يا هانى ، اكيد انت فاهم ان وجودك جنبى ده هو الحاجة الحلوة من غير شك
- اتمنى انى اكون دايما حاجة حلوة فى حياتك و اقدر اخليكى طول العمر سعيدة
= صحيح يا هانى انت ماحكيتليش خالص عن مراتك و اولادك
- مراتى يا ستى اسمها ولاء ، و مش بتشتغل ، و اولادى مريم و عمر فى ابتدائى الاتنين
= اتجوزتها ازاى احكى لى
- لا دى حكاية يطول شرحها بقا و انتى شكلك بتعطلينى عشان تغدينى ههههههههه
= لا لا بجد احكى لى صحيح
- انا بصراحة مسألة الحب دى عندى كانت آخر حاجة أفكر فيها ، يمكن عشان ......
= ها ، عشان إيه ؟
- و بعدهالك بقا انتى هاتخلينى احكى لك عن نفسى حاجات ما احبش احكيها
= لو مش عاوز تقول بلاش
- لا مش المسألة كده ، بس أصلى مش عاوزك تاخدى فكرة وحشة عنى
= بعد كل اللى انت عملته معايه آخد فكرة وحشة عنك !! معقول ده يا هانى ؟
- طب خلاص احكى لك و انا مطمن بقا
= آه احكى و انت مطمن بقا ههههههههه
- مسألة الحب ماكانتش هى الأساس فى حياتى لأنى كنت بادور على زوجة و خلاص ، ماكانش عندى ثقة فى اى بنت نهائى عشان كده عمرى ما حبيت ، كنت شايفهم كلهم ما يستاهلوش فدورت على اللى تنفع انها تكون زوجة و أم أولادى و ست بيت و كده يعنى ..
= طب ليه كنت شايف البنات كده ؟ كان ليك تجربة عاطفية نهايتها مش حلوة ؟
- لا خالص ، بس كنت و انا فى ثانوى و فى الجامعة ألاقى واحد صاحبى بيحكى لى انه على علاقة مع البنت دى او البنت دى ، فكنت أقوله انت متاكد انها بتحبك ، يقولى آه متأكد ، أروح اتأكد أنا كمان و أحوم حواليها ، و بمجرد ما أكلم اى واحده فيهم كلمة حلوة ألاقيها تشبك معايه و تحلق له ، ييجى خمس مرات تحصل الحكاية دى مع خمس بنات مختلفين .. قلت فى نفسى بقا ان البنات واخده المواضيع تسالى كده و مفيش واحده بتحب بجد ، كل واحده بتدور على عريس مش على حبيب و تحجز واحد لكن لما تلاقى اللى احسن منه تنطر ده و تروح لده ..
= إيه يا هانى الكلام ده ؟ غلط طبعا ، انت و اصحابك اللى ما اختارتوش صح ، عشان كده كل تجاربكم كانت غلط من بدايتها لنهايتها ، البنت لما تحب بجد عمرها ما تبيع حبيبها حتى لو هاتموت و تفدى حياته بدمها ..
**************
و فجاة يسكت هانى و هو بيحكى لأسامة و يبكى لدرجة النحيب ، و يقول يا حبيبتى يا غادة ، يا حبيبتى يا غادة ، آآآآآه أنا مش ممكن أكون بنى آدم ، أنا حيوان ، حيوان .. يرجع أسامة يهديه من جديد و يطبطب عليه و يمسح له دموعه و يقول له ماتعملش فى نفسك كده يا هانى ، كمل يا حبيبى بس كلامك الأول عشان أقدر اقف معاك و اساعدك لما افهم الحكاية إيه .. و يكمل هانى و هو لسه الدموع نازلة من عيونه و يقول :-
فضلنا فى الليلة دى نتكلم اكتر من اربع ساعات عن نفسى و عنها ، تفاصيل حياتنا ، ما حسيناش بوقت و لا بأى شئ ، نسينا الدنيا كلها ، حسيت انها عاوزة تدخل فى اعماق حياتى و كان عندى نفس الاحساس ناحيتها ، اتكلمنا عن كل حاجة ، هزرنا و ضحكنا ، و قضيت معاها اجمل ساعات فى عمرى كله ، خرجت من عند غادة فى اليوم ده و انا حاسس بيها فى كل كيانى ، حاسس بالحب بيجتاح قلبى و بيدخله زى الطوفان من غير اى مقاومة ، بافتكر كل كلمة اتكلمناها من يوم ما عرفتها و مش قادر انسى ابتسامتها و لا صوت ضحكتها .. كنت فرحان بلمحات السعاده اللى باينه فى عيونها و احنا مع بعض ، رجعت البيت و دخلت على ولاء ، و لأول مرة أحس إن غادة قدام عينى فى كل ركن فى البيت ، كانت ولاء مراتى بتكلمنى و انا سارح فى كلام غادة و فى عيونها و فى جمالها و رقة إحساسها ، و نعومة صوتها ، قمت دخلت اوضتى و مسكت الموبايل و كلمت غادة و اطمنت عليها و على سندس ..
و تانى يوم اخدت لها اذن تانى و كلمتها قلت لها ما تروحش الشغل ، و بعد كلمات الشكر و الامتنان سألتها لو كانت محتاجة أى شئ ، و انتهت المكالمة على كده ، لكن بعد العصر لقيتها بتكلمنى تانى ، و استمرت المكالمة اكتر من ساعة و انا فى اوضتى ، و فى نفس اليوم بالليل روحت لها اطمن عليها هى و بنتها ، خرجت من هناك الساعة 12 بالليل بالعافية بعد ما كنا انا و هى مش قادرين ننهى اللقاء لكن كل واحد مننا كان خايف يطلب من التانى ان سهرتنا تستمر للصباح ، و تالت يوم و رابع يوم و خامس يوم ، كان كل يوم بيعدى و احنا على معاد مكالمة او زيارة منى ليها فى بيتها ، و كانت كل جلساتنا ضحك و هزار و قرب ، لكنى عمرى ما فكرت إنى أعاملها زى ما اتعاملت مع اى ست قبلها ..
و فى يوم دخلت أكلمها بالليل و كنت ناوى انى اكتفى بالمكالمة و بس و ما اروحش عندها لكن بمجرد ما سمعت صوتها كانت اول كلمة قلتهالها ( وحشتينى ) و الغريب انها قالت لى ( و انت كمان وحشتنى اوى) و كانت تانى جملة ( نفسى اشوفك اوى دلوقتى يا غادة ) و كان ردها ( و انا كمان يا هانى نفسى اشوفك ما تيجى تقعد معانا شوية ) و بدون أى تفكير قلت لها انا جاى لك دلوقتى ، كانت ولاء مراتى متعودة إنى ممكن اخرج من البيت فى اى وقت و بدون حتى ما اقولها انا رايح فين ، كانت الساعة تقريبا 9 مساءً و اخدت معايه شوية حاجات و العاب لسندس و دخلت عندها و اطمنت عليها و سبتها تلعب و هى فرحانة ..
كنت ناوى امشى على طول مش عارف كنت خايف او مكسوف جدا المرة دى ليه ، يمكن عشان كلامنا فى التليفون اول مرة كان بدأ ياخد شكل الكلام عن الأشواق ، وقفت قدام غادة و انا باقول لها :-
- سامحينى يا غادة ..
= بتطلب منى اسامحك على ايه يا هانى ؟
- على كلامى فى التليفون بس ده لانك وحشتينى و ما قدرتش انام الليلة دى من غير ما اشوفك
= يبقا ماتطلبش انى اسامحك ، تطلب انى أشكرك على مشاعرك دى يا هانى
- بجد يا غادة ! يعنى انتى مش زعلانة منى ؟
= ازعل من ايه بس ؟ ده بيتك تدخله فى اى وقت و يزيدنى شرف بدخولك فيه
- انا اللى يزيدنى شرف و سعادة بوجودى فى اى مكان تكونى فيه يا غادة
= طب هاتخليك واقف كده كتير ؟
- كان نفسى اقعد بس ......
= بس إيه ؟ انت بتدور على حجة ، ما تقعد يا هانى
و قعدت و انا حاسس ان قلبى هو اللى بيحركنى ، قعدت على الكنبة و هى قعدت على الكرسى بعيد عنى شوية ، و بجرأة غير معتادة منى معاها قلت لها :-
- طب هاتفضلى قاعده بعيد كده ؟
= بعيد إيه يا هانى ما انا قدامك اهه
- قدامى صحيح لكن انا عاوزك جنبى
= هانى !! مالك فيه إيه ؟
- أرجوكى يا غادة تعالى جنبى
= حاضر يا هانى هاجى جنبك ، ها ، هنا كده كويس
- آه كويس اوى
= قولى بقا مالك ؟ شكلك مهموم و لا انا بيتهيألى
- مهموم ؟ أبدا يا غادة ، عمر الهموم ما بتعرف طريقى و انا معاكى ، ده انا من يوم ما عرفتك و السعادة ملازمانى ، و كل ما افتكر كلامنا او مقابلاتنا ألاقى نفسى بابتسم و باضحك لوحدى كده ، انتى بجد مليتى عليا حياتى غنا و افراح و ليالى حلوة ، بقيت باتمنى أقضى العمر كله جنبك ، مش عاوز اسيبك و لو لحظة واحدة ، انا ...........
= ( بصوت هامس و نغمة حنينة طالعة من صدرها ) ها .. انت إيه يا هانى ؟
- انا بحبك يا غادة
= صمت ، و نظرات حارقة بين العيون ، و صوت دقات القلوب المتتابع ، و حالة من الترنح و فقدان التوازن و بعد قليل من التماسك قالت : لأ هانى مش هاينفع ، ايه اللى انت بتقوله ده ؟
- غادة ارجوكى ما تكسريش قلبى و تضيعى منى ىخر أمل فاضل لى
= الف بعد الشر عليك من كسرة القلب يا هانى بس ...
- مفيش بس يا غادة انا بحبك ، و مش حب عادى لأ ده فيضان مشاعر زلزل كيانى و خلانى مش قادر أعيش فى الدنيا و لو يوم واحد من غير لقانا ، و لا قادر يعدى عليا ثانية من غير ما اشوفك و اطمن عليكى ، بحبك و مش خايف تقف الدنيا كلها فى وشى ، بحبك و مش عاوز الدنيا تعاندنى لكنها لو فكرت تعاندنى هاتحداها بكل قوة عشانك ، بحبك و مش خايف من اللى جاى ، كله فى حبك هايعدى ، و تهون عليا نفسى قبل ما افكر ابعد عنك .. بحبك يا غادة بحبك بحبك ..
الجــــزء الثالث
آه بحبك ، مش مجرد كلمة تخرج من لسانى ..
مش حكاية قلب غنى لما قلبك يوم نادانى
الحكاية انى قابلتك لما كان العمر ضايع ..
لما كان القلب بايع
لما كانت خطوتى تايهة ف مكانى
------
لما كنت باعيش حياتى زى ما تكون .. مش قضية
لما كان القلب جامد دمعتى كانت عصيّة
لما كنت ف ليلى حاير .. مرة نايم ، مرة ساهر ..
لحظة عايش ، عمر ميت .. ليلة ساكن ، ساعة طاير
لو حكيت للناس ها تضحك ، أصل ده .. شر البليّة
--------
آه بحبك ، عارفة لو كان الكلام ممكن يعبر
كنت اقول زى اللى قاله فى المعارك عم عنتر
و اللى قاله فى القصايد قيس لليلى
حاسس ان كلامى دايما حيطة مايلة
نفسى الاقى يا حب عمرى كلمة أكبر
------
لو حكايتى فى يوم هاتتحول كتاب
راح يكون اسمه السعادة و العذاب
السعاده انى قابلتك
و العذاب عمرى اللى قبلك
لما كنت باعيش حياتى بدون حساب
-----
نفسى اكون الليلة دى فى الحب شاعر
نفسى انادى ع اللى هاجر و اللى سافر
نفسى أسرح و اعرف احكى عن خيالى
اعرف احكى عن آلامى و عن آمالى
و اعرف اغزل بالكلام اغلى المشاعر
-----------------------------------------------
و بصيت فى عيونها لقيتها مليانة دموع ، مش عارف ان كانت فرحانة و لا حزينة ، لكنى ما سألتهاش ، و مسكت ايديها الاتنين و هى جنبى ، حسيت برعشة إيدها اللى خلت كل جسمها يرتعش كأننا فى ليلة شتا ، رعشة إيديها خلت الرعشة نفسها تدخل قلبى و تخلينى حاسس بخوف عليها حتى من نفسى ، و احترت ازاى أطمنها او أخليها تهدى بعد الحالة اللى هى وصلت لها ، حسيت إنى باقتحم كل حصونها فى أقوى لحظات ضعفها ، عيوننا بتحكى و قلوبنا بتحكى و انفاسنا بتحكى ، و لساننا ساكت ، عمرى ما كنت أعرف ان الصمت هو كمان بيتكلم قبل اليوم ده ، طالت لحظات الصمت و عليت نبضات القلب ، و قلنا فى سكاتنا كل اللى ماكانش ممكن نقوله فى ألف ليلة كلام ، كانت عيونها بالنسبة لى سكة السفر اللى روحت فى طريقها و انا مش عاوز ارجع ، لقيت فيهم كل اللى قاله الشعرا من سنين و ماكنتش افهمه ، لكنى النهارده قدام عيونها فهمته و حسيته ، عرفت ليه العاشق كان ممكن يبكى و يضحك و يغضب و يرضى فى وقت واحد ، و يقولوا عليه مجنون ، هما اللى مجانين ، لأنهم لو عرفوا حاله ، كانوا حكموا صح عليه ..
طول عمرى كنت واحد من الساخرين اللى بيستهينوا بحال العاشقين ، عمرى ما كنت باشوفهم على حق فى اى كلمة قالوها ، لحد ما بقيت واحد منهم ، فجأة و من غير معاد ، ألاقى نفسى محتاج سنين علشان اكمل رحلتى فى عيون حبيبتى ، لا وصف و لا شعر و لا أى حكايات هاتقول أنا فين دلوقتى أو حاسس بإيه ، و انا اللى كنت زمان عايق و رايق بادور على النزوات ، النهارده ألاقى نفسى باتعلم من جديد يعنى إيه متعة الصمت و السكوت و النظر فى عيون حبيبتى ، و احس بنبض قلبى و هو بيتكلم ، و اسمع لوحدى فى الدنيا صوت موسيقى مش عارف ايه مصدرها ، و اغانى حب كتيرة كنت باعدى عليها من غير تركيز ، لقيت نفسى حافظها و قلبى بيرددها ، أنا و الليل و قلبى ساكن فى واحة ، اجمل واحة فى الدنيا ، مش موجودة إلا فى عيونها ، إيه النعيم ده ، إيه الإحساس اللى انا حاسس بيه ده ، هو ده الحب اللى قالوا عليه ؟ كان ليهم ألف حق يموتوا من الحب و يتوجعوا و يلفوا البلاد تايهين ، الدنيا كلها بكل نعيمها تساوى إيه فى نظر العاشق ، و لا ليها اى طعم جنب لحظة زى اللى انا فيها دى ..
فجاة و انا سارح مع أفكارى و مشاعرى فى عيونها ، بكيت و دموعى نزلت غصب عنى ، إيه اللى بيحصل لى ده ، أنا عمرى ما كنت كده ، طول عمرى كنت إنسان متجمد المشاعر ، عمر عيونى ما عرفت طريق الدموع ، و دى دموع نوعها إيه اللى نزلت منى دى ؟ مابقيتش فاهم اى شئ ، و لا عارف نفسى ، إنسان جديد عليا معرفته ، لكنى فى منتهى السعادة بحالى ده ، قبل النهارده كنت تايه عن حقيقتى اللى غطاها التراب ، بس النهارده الدمع بنزوله طهر عيونى ، رجعنى اشوف اوضح و اعمق ، حسيت بايديها بتحضن ايديا بنفس الشوق ، بصيت فى عيونها مرة تانية و قلت لها بشفايفى بس من غير صوت ( بحبك ) ، لقيتها بترد عليا نفس الرد و بتقولهالى بشكل قضى تماما على آخر حصون الصبر جوايه ، سيبت ايديها و مديت ايدى على خدودها و فضلت باصص فى عيونها و باكررها كل شوية ، بحبك ، بحبك يا غادة بحبك ، كانت ايدى بتمشى بنعومة على خدودها و ملامح وشها كانها بتستكشفه من جديد بكل حنان و نعومة زى حنان الرسام اللى بيمشى بايده على لوحة فنية خايف عليها من أن إيده تسبب فيها اى خدوش ، بصيت على شفايفها اللى كانت بالنسبة لى نهر مليان عذوبة شافه عطشان و حرارة الشمس جففت كل نقطة مية فى جسمه ، مش هايكفيه انه بس يشرب ، لكنه لازم ينزل بكل جسمه جوه النهر ، مسحت بكف إيدى جبينها و خدودها ، و هى عيونها بتغمض بتتابع و استمرار زى اللى تكون نايمة و حد بيحاول يصحيها ، صوت أنفاسها و حرارته زاد لهيبى ، صوت الزفير عندها كان أطول من صوت الشهيق و أقوى و أسرع ، ما قدرتش أحس إلا و شفايفى فوق شفايفها و باحس بكل معانى الغيبوبة عن الكون و الناس و الدنيا ، مش حاسس و لا دارى انا فين و لا باعمل إيه ..
كان طعم شفايفها أشهى من أى وصف ، و الحوار بين شفايفى و شفايفها كان بكل اللغات ، صوت الفرحة و بس هو اللى كان مالى قلوبنا بأول مرة نعيش فيها القرب بكل معانيه ، و فى أثناء لقاء الشفايف المحموم ، حسيت بايدها بتحضننى ، و بتلعب فى شعرى و لقيت ايدى انا كمان بتلف على ضهرها تمسحه و تمشى عليه بانسيابية و رقة و حنية ، كانت ايدى بتلف تلف و ترجع تانى عند كتافها ، وحشتنى ملامحها من جديد ، بعدت شفايفى عن شفايفها و بصيت فى وشها و انا شايف لونه يغلب على لون قرص الشمس الاحمر ساعة المغربية ، كانت لابسة إيشارب مغطى شعرها ، مديت إيدى بهدوء و فكيته ، و فردت شعرها بإيدى على كتافها و بصيت عليها من جديد ، حسيت ان الزلزال اللى كان جوايه تحول لبركان ، بصيت فى عيونها و قلت لها معقول يا غادة فيه جمال بالشكل ده ؟
شعرها كان اسود و ناااااااعم و مسدول بشكل غير عادى و وشها بان بياضه الناصع باكمله مع انعكاس سواد شعرها كان زى القمر بنوره و بهاؤه وسط سواد الليل ، او زى الشمس ما تكون ساطعة وسط الغيوم ، فضلت الاعب شعرها و امشى بصوابعى فى خصلاته ، و اخد بعض الخصلات اجيبها على خدودها و ارجعها تانى بخفة و حنان لمكانها ، و ااشتهيت خدودها اللى كنت باتأملهم و انا حيران فى جمالهم و ألوانهم ، كنت باطوف بشفايفى على خدودها ، تهت فى عدد الدقايق اللى قضيتها معاهم ، كانت بتتقلب تحت شفايفى كانها بتتكوى بنار شفايفى و حرارتها ، و رجعت تانى على شفايفها اعيش معاها فى دوامة القبلات المحمومة المستعرة ، و اضمها لصدرى و تضمنى لصدرها ، و تأوهاتها كانت بالنسبة لى ساعتها زى موسيقى الخلفية ، باسمعها و انا باعزف على اوتار شفايفها و باقود اوركسترا جسمها بكل حركاته بإيدى و هى بتمشى عليه ، و من تانى وحشتنى ملامح وشها ، و بعدت ثوانى عن شفايفها ، لكنى لقيتها بترجعنى تانى بكل غضب لشفايفها لتكملة العزف ، و كأنها بتقول لى كمل اللحن هنا الأول ..
و كملت اللحن فوق شفايفها ، و بعد لحظات طويلة من تبادل القبلات ، نامت غادة على كتفى و فضلت ألاعب شعرها بإيدى ، و اطبطب على كتفها بايدى التانية ، كنت حاسس انى فى حلم ، بس لايمكن هاقبل انى اصحى منه ابداً ، مش هاقدر افوق و ارجع تانى لعالم الواقع بعد الخيال اللى انا فيه ده ، بعد ما اعيش اللحظة اللى فى حياتى ما عشتهاش ، بعد ما الحياة دبت فى قلبى اللى عمره ما دق لحد غيرها ، غادة ، و مين فى الدنيا يصادف غادة و مايحبهاش ! مين يقدر يقاوم عيون غادة العسلية و سحرها لما تيجى عينها فى عنيك ، و مين يقدر يقاوم همس غادة و صوتها و هى بتغنى ..قصدى و هى بتتكلم ، ماهى صوتها أصلا أغنية ، مين يقدر يقاوم حبات الندى اللى بتنساب من إيديها و هى بتسلم عليك ، مين يقدر يقاوم سحر شفايفها و هى كل كلمة بتقولها مش هاين عليها تسيب شفايفها و تخرج ! غادة ، و هى فعلا غادة ، طولها ، خفتها ، مشيتها ، رقتها ، ضحكتها ، جسمها و عودها الفرنسى اللى بيحمل نكهة الشرق ، أنا مين علشان أقدر أقاوم حبك يا غادة ، أنا مين و إيه علشان تكونى بين إيديه و فى حضنى ، انا حاسس إنى ملك لسة حالا لابس التاج ، فرحة قلبى بلقاكى ماتقلش عن فرحة الغريب اللى لقا حضن و اهل و بيت بعد ما تاه فى الدنيا و خطفته سنين العذاب ، انا المجروح اللى عرف فين يلاقى دواه ، انا مين يا غادة ؟
و اتفاجئت ان غادة بترد عليا و بتقول لى : انت حبيبى و كل دنيتى و عمرى اللى جاى ، مش عارف انا كنت بافكر بصوت مسموع و لا هى سمعت صوت أفكارى .. كملى يا حبيبتى ، قولى لى الكلام اللى عمرى ما سمعته قبل النهارده ، معقول اللى انا فيه ده مش حلم ؟
= لا يا هانى مش حلم ، ده أحلى حقيقة عشتها
- مش عاوز الوقت يعدى ، نفسى أفضل طول العمر جنبك ، نفسى الزمن يقف عند اللحظة دى
= و انا كمان باتمنى أكمل عمرى على صدرك ، سامعه صوت قلبك و هو بيناجينى و بيكلمنى
- من اول يوم قابلتك و هو بيناجيكى و بيكلمك
= كنت سامعاه و حاسة بيه ، لكنى كنت باحاول اعمل نفسى مش سامعاه
- مع انه كان بيصرخ فى كل مرة يكلمك و فاكر ان صوته و همسه مش واصل لك
= و صراخه ده كان بيشيل من جوايه آخر حصن كنت واقفه وراه باحاول اهرب من أى إحساس بالحب
- عمر الحب ماكان فيه منه مهرب ، ده مايعرفش حصون و لا اى موانع او سدود ، ده زى الشمس ، لو لقيت مكان مقفول و مهما كان القفل محكم بتفضل بأشعتها فوقه لحد ما تزيد حرارته و تبقا نار حامية ، و تشتد حرارة الهوا جوة المكان ، و نحس بالاختناق لما نتنفسه و نبقا محتاجين اى نسمة هوا جواه ، و برضانا نفتح المكان علشان يدخله الهوا و يبرد حرارته شوية و يجدد الأكسجين المفقود ، فتدخل الشمس بكل جبروتها و بكل طاقتها ، و فى وقت فرحتنا بالهوا و انتعاشه ، نلاقى الشمس داخلة و شايله معاها كل النور اللى منعناه من الدخول ، و حتى لو غمضنا عيوننا ، بنفضل حاسين بوجوده ، حد عرف يطفى الشمس او يمنع دخول الهوا ؟ حد عرف يقاوم تيار الإحساس الجارف اللى بيملى القلب مرة واحدة ؟
= كنت خايفة يا هانى ، عمرى كله اتبنى على الخوف ، اتربيت عليه و كبر معايه
- عارف انك خايفة لانك ماشوفتيش من الدنيا حاجة تطمنك ، لكن معايه انا ، اطمنى ، عمرى ما هاسيب الخوف يعرف طريقه ليكى يا حبيبتى
= ياااااااااااه ، قولهالى تانى
- حبيبتى ، حبيبتى و روحى و كل دنيتى و عمرى و كل احلامى و فرحة بكرة و النهارده ، بحبك
= و انا بحبك و عمرى كله ليك يا كل عمرى
- آآآآآه لو تعرفى اللى انا حاسس بيه دلوقتى فى قلبى و فى روحى
= عارفاه و حاسة بيه ، احضننى يا هانى ، حسسنى بالأمان اللى ماعرفتهوش طول عمرى
- نفسى تفضلى فى حضنى لما تدخلى جوة منى علشان تعرفى انك حتة منى
= عارفة يا هانى مش محتاجه ادخل جواك عشان اعرف ، من اول يوم و انت فى كل تصرفاتك بتقدم لى الحب بالفعل مش بالكلام ، و كل لحظة و كل كلمة قلتهالى كانت بتعبر عنك ، حتى و انا شايفه ان ده شهامة ، كنت حاسة انك بتدينى اكتر بكتير من معناها ، و الحب كان باين فى كل مواقفك معايه ..
قاطعتنا سندس و هى بتنادى على غادة بصوت ، قامت غادة و قالت :
= هاروح ابص على سندس اصلها ساعات بتبقا عاوزانى اغنى لها عشان تنام
- طيب ايه .. امشى انا ؟
= ابتسمت و هزت راسها بخفة و دلع و هزار و هى بتقول : تؤتؤ لأ لأ
ابتسمت و انا باشوفها بتتكلم و بتتصرف بكل رقة و دلع ، و فضلت قاعد منتظرها ترجع لى و انا بافكر ازاى انا المرة دى فى حضن اجمل ست فى الوجود ، و مش حاسس ناحيتها بغريزة او اشتهاء ، ليه اتغير طبعى بالشكل ده و اتبدل حالى و أصبحت بالنقاء اللى انا فيه ده ، ايه القوة اللى كان ممكن تخلينى اتحول لإنسان اكبر بكتير من اللى كنت باتمنى انى اوصل له .. معقول الحب بيعمل كل ده ؟ قالوها زمان ، الحب بيصنع المعجزات ، و اللى انا فيه ده اكبر معجزة ، كانت ابعد من خيالى ، من النهارده هاكون فعلا حد تانى ، هانسى كل اللى فات عمرى ، ياريتنى اقدر ارجعه و اغيره من اول صفحة لأخر صفحة ، لحد ما الاقى نفسى وصلت للنهارده و سجلاتى خالية من اى تشويش او تحريف ، ياريتنى ارجع و انتصر على شيطانى و ادمر كل اللى عمله فى حياتى طول السنين اللى فاتت ، من النهارده مش هايكون له أى قدرة عليا فى أى شئ ، من النهارده عمرى ما هاسمع لوساوسه و لا هاستجيب ليه .. لكنى نسيت عدو اكبر بكتير من شيطانى ، عدو اخطر بمراحل ، نسيته و انا متخيل ان الحرب بينى و بين طرف واحد هو الشيطان ، لكن الحقيقة ان المعركة الاكبر كان لازم تكون مع العدو الأخطر .. نفسى ، العدو اللدود بجد ، هو نفسى .
الجزء الرابع ..
نظرا لمساحة الشقة الضيقة ، كنت قاعد فى الصالة سامع صوت غناها لسندس و هى بتنيمها ، و انا اصلا مش مستحمل صوتها فى الكلام العادى برقته و حنانه و الدفء المنبعث منه و الانوثة اللى بتخلل كل نبرة من نبراته ، فما بالك بغناها ! ضعت مع صوتها لدرجة انى قمت قعدت على باب الاوضة على البلاط علشان اكون اقرب ما يكون ليها ، و اغنية بعد التانية بعد التالتة و انا باروح و باتوه فى كل حنانه و اشجانه ، و انتهت الاغانى و خرجت غادة شافتنى على وضعى ، ابتسمت و خدتنى من إيدى نقعد فى نفس مكاننا ، و رجعنا نحكى و نتكلم و قلوبنا تتقابل فى حوارها الطويل و عيوننا تتلاقى فى رحلة السفر من جديد ، لعالم جديد له إحساس فريد و متميز ، نسينا الوقت و الدنيا ، و عشنا الحب فى الكلمات و همس التنهدات ، و صمت الحروف ، أد إيه الدنيا ممكن تكون كريمة لو فى لحظة تفتح لك كل أبواب السعادة و تقولك اختار الباب اللى تدخل منه ، و كل واحد بيختار الباب اللى يوافق هواه ، و انا كان الباب اللى دخلت منه لحد اللحظة دى هو الحب ، لكن حصل اللى خلانى ألاقى باب تانى بيتفتح قدام عيونى ، الباب اللى ماكنتش متخيل انه هايتفتح لكن مع الليل و الشجن و الحنان و الحب و اجمل حبيبة ، دخلت معاها عالم تانى ..
عجبتنى القعدة على الأرض من جديد و احنا بنتكلم ، نزلت من على الكنبة ، و قعدت على الأرض و لازالت إيدينا فى إيدين بعض ، نزلت معايه و لقيت نار الشوق بدات تزيد لشفايفها اللى كانت بتغنى من لحظات ، و استجبنا لنداء الشوق ، و روحنا نتوه مع القبلات بكل حنان ، فردت رجلى قدامى و هى جنبى بنفس الحال ، و كان شعرها لازال مفرود عليه لمسات إيديه ، اخدتها من جديد على صدرى و فضلنا نتكلم و نحكى ، و طلبت منها تغنى لى انا المرة دى ، و ابتسمت و غنت من غير تردد ، سمعت منها أروع أغانى الحب لكن كان ليها اداء غير طبيعى فى الغنا ، لما بتغنى عن الإيدين ، تلمس إيديا ، و لما بتغنى عن القلب بتحط إيديها على قلبى ، و لما بتغنى عن الشفايف تلمس شفايفى بطرف الأنامل ، و غناها عن الشعر كان معاه تصفيف لشعرى ، ده غير انفعالات عيونها و ريأكشنات ملامحها مع الاغنية صعود و هبوط ، عمرى ما صادفت ده فى حياتى ، بمجرد ما انتهت من اغانيها كانت مكافاتى ليها بحضن عنيف ، كان حضن راجل لست ، مش حبيب لحبيبه ، حضن تملاه الغريزة و ضمة تكسر فى الضلوع من قوتها ..
حست غادة إننا ممكن فى لحظة نتحول ، سابت حضنى و هى بتسألنى :-
= تشرب حاجة يا حبيبى ؟
- ياريت أشرب من بين شفايفك أحلى كاس
= باتكلم بجد يا هانى
- بجد بجد هو ده اللى نفسى أشربه
= لأ كفاية شرب من هنا بقا و قولى اعملك إيه تشربه
حسيت انها بتحاول تتهرب من جلسة الحب اللى كانت واخده طريقها للتطور ، فقررت إنى أرفع عنها الحرج و أقرر الاستئذان خاصة و ان الوقت كان اتأخر كتير .. و استأذنت و لكنى حسيت بيها اتفاجئت انى عاوز امشى ، برغم انى كنت فاهم انها عاوزه اللقاء ينتهى .. لكنى كنت غلطان فى اعتقادى ، خاصة لما قمت و روحت عند الباب و باودعها و هى مش بترد ، و باصة فى الأرض جنب الباب ، و انا باحاول اخليها ترد عليا ، لكنها فى حالة صمت و عيونها زى ما تكون حزينة ، فتحت الباب و فعلا كنت خارج لحد ما لقيت نفسى بدون تردد باقفل الباب ، لكن باقفله من جوه الشقة ، و باروح عليها و هى واقفه و بدون كلام ندخل فى حضن عميق و عنيف ، أعنف بكتير من أى حضن مرينا بيه..
********************
و يمد إيده هانى على علبة السجاير يلاقيها خلصت ، فيطلب من أسامه انه يشترى له سجاير ، و يتلفت أسامة حواليه و يقوله ، حااااضر هاقوم ادورلك على محل يكون فاتح دلوقتى فى أى مصيبة و اشترى لك زفت هههههههه ، المهم ارجع الاقيك هنا ماتمشيش ، احنا نزلنا و سبنا العربيات عند بيتنا خليك فاكر ، يعنى ممكن اخد وقت على ما اجيبلك فماتزهقش .. و ينطلق أسامة يدور له على السجاير بينما هانى بيركن ضهره للشجرة و يسترجع احداث الليلة دى مع نفسه و لازالت الدموع بتنزل من عيونه ..
************************
و يرفع هانى رأسه لينظر فى الأفق فيرى ما كان فى ذاك المشهد الرائع فى تلك الليلة الساحرة ، و يبصر كل ما كان بتفصيلاته فيتعلق نظره ببداية المشهد على ضمته لغادة و حضنه العميق لعمره الذى مضى و عمره القادم الذى تجسد فى صورتها امام عينيه ، يغالبه الشوق و ينازعه فيمد يده يداعب شعرها ، و تمتد يداها لتداعب شعره ، مع قبلة يمتص بها رحيق شفتيها و كأنه يتذوق طعم آخر قبلة فى عمره ، فتثيره بقبلة مثيلة منها لشفتيه ، و يتصارعان فى ميدان القبل كانهما يتساءلان أينا سيتفوق ، ثم تشب الحرائق فى عقله ، ليسأل نفسه ، ماذا دهانى ، كل معانى الغريزة تتدفق فى اوردتى ، كل رغبات الرجال نحو النساء تجمعت فى اوصالى ، ما عدت انا ذاك البرئ فى مشاعره ، تبا لنفسى كيف تهفو لما نسيت ، أو تناسيت ، اهدأ يا فتى و لا تترك نفسك لنفسك فتهلك ، لا تغامر بمشاعرك فتعود إلى حيث كنت قبل الحب ، و هيهات ان يصمد الفتى امام جسد تلك الأنثى الرقيقة الناعمة بين ذراعيه ، و بينما هو يقاوم نفسه و رغبته فى التهام جسدها ويحاول إقامة ما تساقط من الحصون و إعادة ترميمها لا يجد نفسه إلا و قد خلع عنه رابطة عنقه ، فيراها تساعده فى ذلك ، فتناديه نفسه جنبا إلى جنب مع غريزته من جديد :- لقد بات السقوط وشيكا أبها المحب ، كلاكما فى حاجة للآخر ، وفى بعض الرؤى فإن اللقاء المحموم تعبير عن الحب بلغة الجسد و ليس فى مطلقه غريزة و لا شهوة ، فلا تستمر فى مقاومتك و استمتع و أمتع ، فما الحياة يا صديقى إلا لحظات جميلة ، و قد جربت الشهوة مع النزوة ، فلم لا تجرب النشوة مع الحب ، صدقنى ستجد لها طعما آخر ..
كان الصراع مريرا بين هانى الحبيب و هانى الرجل بغريزته العميقة و شهوته المتّقدة ، لكنه صراع لم يستمر كثيرا امام كل ما كان من إغراءات و سكون و عاطفة متأججة ، و نفس جامحة طوال العمر و ما هى إلا لحظات قليلة حتى تم عقد الاتفاق بينهما و سلم كل منهما للآخر و استجابا معاً للنداء ، و انطلق بقبلاته فوق الخدود و فوق العنق ، و اسفل العنق ، ثم يعود إلى الجبين ، ثم إلى الخدود واحدا بعد واحد ، و الى الوجنات بلونها الوردى المضئ ثم إلى شفتيها لكل ما تحمله من عذوبة و جمال و دلال و انوثة و رقة و رىّ ، فتستلم شفتاه شفتيها بحرارة و اشتياق و انين ينبعث بلهيب الشوق حتى يبخر آخر قطرة تبقت لديهما من صمود ، و هاهما يتنازعان الشوق ، فيختطف كل منهما ما استطاع من قطرات يروى بها ظمأه ، و ها هى يداها تطوف على ظهره ذهابا و إيابا و كانها فى جلسة مساج بينما القبلات فى دوام لا ينقطع ، و كل هذا بينما هم فى وقوف و كأن أركان اللقاء و مراسمه لم تبتدئ بعد ، كانت العبارات بينهما همهمات لا يسمعها إلا عاشق اتقدت نيران شوقه ، و ما كان الليل و صمته و سكونه فى حياد ، بل كان مساندا مؤيدا و مشجعا ، و ما كان صوت الموسيقى التى انبعثت من أنين صوت غادة إلا محركاً للمزيد من مهارات هانى الذى اطلق لفنونه العنان ، و استرجع كل ما درسه من صفحات العشق على أجساد النساء ، فأطلق شرارة البدء حين نزل بكفيه على أردافها يتحسسها بهدوء و لين ما لبث ان تحول إلى اعتصار و قبض على ما اشتملت عليه من ليونة و طراوة ، يالها من امرأة ، يا لجمالها و ليونة جسدها حينما تراجعت قليلا إلى الوراء و قد ظن هو أنها تأبى لمس يديه ، لكنها استدارت تستند لصدره بظهرها و هى تسحب يديه تلفهما حول خصرها ..
أطلق ليديه العنان لتروح و تغتدى فى جسدها بأكمله ، نعم بأكمله ، ماعاد يرى فى نفسه أى صراعات او نزاعات فالكل قد اتفق ، بل الكل يساند و يهتف فى تشجيع مستمر له و لها ، الآن صارت يداه تقترب تقترب ، و تعلو من الخصر إلى النهدين ، ها هما قد وصلتا إلى حيث النضارة و الليونة و النعومة التى لا مثيل لها ، ها هو يقبض بيديه بكل حنان عليهما ، يستخرج ما كانا يحتويان من صبر و صمود و تماسك ، فتمسك يديه بيديها و كأنها تساعده فيما يقوم به ، و ها هى تتحرك بخفة و رشاقة امامه و هى تعلم أنها بذلك تستثير ذلك المارد القابع بين فخذيه امام ردفيها ، ثم تعلو يداه حتى تقترب من واحة صدرها فتهبط بفمها تقبلهما بشوق لا يقل عن شوقها لشفتيه ، ماذا تبقى لك يا هانى حتى تدرك ما ستسفر عنه الليلة ، ماذا تريد من دلائل أخرى حتى تعلم انك قد أحييت بداخلها الأنثى التى أماتتها الاحزان و الخوف من الغد ، على يديك كان أمانها ، فانتهى الخوف ، و بين كلماتك أستفاقت الأنثى فعادت للحياة ، و كانت قبلاتك هى ما قد أعاد الخضرة للورق الجاف الذى تساقط بالخطأ حين اعتقد انه فى فصل الخريف ، أما و قد أحييت الرغبة بداخلها فعليك أن تلبى نداءها الذى بات وشيكا أن تصدره باستغاثتها لرجولتك حتى تنقذها من حرائقها ، أما علمت يا فتى ان من أشعل النيران وجب عليه إطفاؤها !
و تسارعت خطواته التالية كرّاً بعد فرٍّ ، و تقاربت طقوس اللقاء المستعر باعاً بعد باعٍ ، ما بيده من حيلة ، و ما لأشواقه من موانع ، تلاشت كل السدود ، ما بقى إلا ورقة التوت ، فهيا نزيل ما يغطى ذلك الجسد النقى البض ، و هيا نرفع الستار لنبدأ حفلنا الساهر ، نادته نفسه بتلك النداءات ، فانطلق يلبى و لمس بيده طوق ردائها يفك أزراره بهدوء و هى فى صمت و سكون ، ثم ادارها له و هو ينظر فى عينيها بينما قد احمرت وجنتاها فى خجل او حياء أو استجابة ، الكل سواء طالما كانت نتيجته تورد الوجه بهذا الشكل المثير لكل لواعج الشوق أكثر فاكثر ، و ها هو يمد يداه داخل ثوبها فيمسك بنهديها من تحت الرداء و هى مطرقة برأسها إلى الأرض ، فيرفع وجهها بيده و يلتهم شفتيها من جديد فى قبلة أكثر لهيبا من سابقاتها ، ثم يرفع طرف ثوبها من الاسفل فتحاول التراجع و التقهقر ثم تقف مستندة للجدار و يداها خلف ظهرها و رأسها على الجدار ، و ركبتها منثنية قليلا و عيناها ترجوه ألا يتراجع و ألا يثنيه حياؤها عن عزمه ، فيذهب إليها و قد فهم لغة عينيها ثم يسحبها من جديد إلى حضنه و يتمتم فى أذنها باول عبارة ينطق بها منذ نوى ما قد نوى ، فيقول لها فى شوق و لهفة و أنين و اهتزاز : بحبك يا غادة ، ثم ينطلق راجيا لها و كانه يشعرها بمعرفته بقيمة و غلاء ما يريد الحصول عليه :-
ماتحرمينيش من لحظة قربك اللى اتمنيتها من اول يوم قابلتك فيه ، ثم يتابع التقبيل لكل ما وقعت عليه شفتاه ، ثم يهبط قليلا عند قدميها و هو يرتفع تدريجيا بينما يداه ترفع ثوبها شيئا فشيئا ، و كلما انكشف جزء من جسدها يستلمه بشفتيه تقبيلا و تذوقا حتى وصل إلى فخذيها و ما ان وضع شفتيه و لسانه فوقهما حتى سقطت من وقوفها جالسة و عيناها مغمضتان و شفتيها فى رعشة و صدرها يعلو و يهبط بانفاس محترقة تحرق ما تبقى فيها من صبر و صمود ..
و بعدما جلس إلى جوارها و هدأها و أخذ رأسها على صدره ، انطلق يقبل أسفل عنقها و واحة صدرها ، ثم وقف و مد لها يداه و أخذها فى حضن عميق ، ثم انحنى قليلا و هى لا تعلم ماذا سيفعل ، فما كان منه إلا ان حملها بين ذراعيه و بينما هى تبتسم و تنظر إلى عينيه بكل رفق و حنان تنام من جديد على صدره ، فينظر فى عينيها هو الآخر بكل الشوق و يلتفت يمينا و يسارا ، فتفهم هى ما يريد ، فتشير إلى غرفة الصالون و التى كانت إلى جوار غرفة ابنتها ، فيستمر فى خطواته المتثاقلة و كانه يريد أن يستمتع اكثر بحملها بينما يداها تلتف حول عنقه و كأنها تخشى الوقوع من بين يديه ، فيدخل إلى الغرفة يدور بنظره فيها ليجد بها بعض الأثاث و فى جانب من الغرفة يجد سرير نوم فيذهب إليه ثم يهبط بها عليه بكل هدوء و رفق ، و بينما هو يقف متأملا جسدها فوق السرير تمد يداها إليه فاتحة ذراعيها طالبة حضنه من جديد ، فيلبى النداء بكل سعادة و ترحاب و يتمدد إلى جوارها ، بينما هى فى سكون و ثبات فى حضنه ..
يقوم من جوارها ثم يبدأ فى كشف ثيابها عن جسدها بكل هدوء و هى مغمضة العينين سابحة فى أحلامها الحالية ، تساعده فقط بحركة جسدها يمينا و يسارا و ارتفاعا و نزولا حتى زال عن جسدها اول الثياب ، ثم يطوف بيديه على كل جسدها من جديد قبل أن يخلع عنها آخر ما كان يغطى جسدها المبهر ، و ما أن انكشف جسدها امام عينيه حتى راح يهلل بينه و بين نفسه لما رأى من جمال و بريق لم يخيب ظنه و لم يخذل خبرته بأجساد النساء ، فيقول بينه و بين نفسه ، هكذا رأيته قبل ان أراه ، ممتع فى النظر إليه ، رائع فى وقع رسماته و خطوط ألوانه الزاهية البهية ، كم أنتى رائعة يا غادة ، معذور أنا حينما لم أقدر على المقاومة ، و معذور ألف مرة لو نذرت متعتى فى جسدك وحدك منذ الليلة ، يا لها من ليلة جاءت كالحلم على غير ميعاد ، و يالها من جائزة و مكافأة و تتويجا لعشقى لك يا امنية القلب أن أكون فى أحضانك بهذه المتعة قبل حتى ان أبدأ فيما سأبدأ فيه .. خلع عنه ثيابه ثم اشارت له بغلق الاضاءة فامتنع ، و كيف لا يمتنع و هو فى متعة و نشوة برؤيتها و التنعم بجسدها و رسومه التى تشعل كل نيران الشهوة فى جسده ..
عاد إلى الفراش و هو يغنى لها ، و يهمهم بعبارات الوصف النادر فى قصائد التعبير عن الجمال ، كان يغازل كل مكان فى جسدها بكل الشوق ، يعلو و يهبط بنبرات صوته كلما اقترب من مفاتنه ، و يهدأ و تهدأ نبراته حينما يبتعد ، و قد انتهى وقت الكلام ، و قد حان وقت الفعل ، و ها انا أمام أجمل لوحة فنية سأعيد رسمها كما أتذوقها ، بل سأعيد تغيير ألوانها و خطوطها لأجعلها أكثر انتظاما ، لا بل لأجعلها أكثر زهاءً ، نزل بشفتيه يفتتح رسم اللوحة و يتفنن فى تذوق شفتيها ثم يطلب لسانها فى فمه يستطعمه بينما ذهبت يده اليمنى إلى نهدها الأيسر تداعب حلمته برفق و أناة ، ثم يقبض عليه براحة يده ، بينما لازال لسانها فى فمه يمتص رحيقه و هى لا تقوى على التنفس ، تتصاعد انفاسها بينما يده على نهدها تشعره بظربات قلبها المتلاحقة ، فيخرج بفمه إلى خديها و رقبتها ، ثم يطوف من جديد على نهديها و لكن بلسانه هذه المرة ، واحدا تلو الآخر ، يداعبهما بلسانه تارة و يمتص حلماته بفمه تارة اخرى ، ما هذا الطعم الشهى ، مالى أرى جسدا من الحلوى أمام عينى ، يا ليت ليلى يبقى مدى الحياة ، ياليتنى أبقى فى موضعى هذا ما تبقى لى من عمر ، و أطلق يداه فوق جسدها يتحسسه برفق و يدلكه بحنان ، يطوف بهما على كتفيها ، على بطنها و جنبيها و يعود إلى نهديها ، ينظر قليلا إلى الهالة التى تزين ثديها لتخرج منه الحلمات أشبه بحبات الكريز فوق كأس من الآيس كريم ، هكذا كان يرى و ترجم رؤيته بلسانه يستطعم و يأكل ، لكن بحنان دون شراسة و لا افتراس ، لمح فى عينيها نظرة استغاثة من جديد فقام و امتطاها و جلس فوق فخذيها و ظل يداعب نهديها بيديه و ينزل بشفتيه و بلسانه فوقهما و بدأ يدور بلسانه و فمه فوق ذلك الجسد الشهى البض الناصع البياض ، حتى و صل إلى كعب قدميها يتذوقهما كذلك بلسانه بينما هى تتفزز و تحاول سحب قدميها من بين يديه ، لكنه قبض عليهما دون هوادة و لا ارتخاء ..
و انطلق يعلو بقبلاته الى الساقين ، الى الفخذين حتى وصل إلى أعلى مكان فى السمو فى جسدها ، ذلك الملك المتوج القابع الساكن بين فخذيها ، نظر إليه و عيناه تلتهمانه ، ما هذا الجمال النادر الذى يتلألأ فى أبهى صورة ، و ما كان الشعر الخفيف الذى كان فوقه إلا كتاج الملك ، تعالى أيها الحبيب فمكانك بين شفتى ، و لنجعل من التقبيل حربا بينى و بينك لن تستطيع مجاراتى فيها ، و طار عقله و هو يحتضن شفاهه بشفتيه و يدخل بلسانه إلى أعماقه حتى باتت تصرخ و تئن و ترتفع بجسدها فوق السرير و تهبط و تتلوى مثل سمكة خرجت لتوها من الماء بينما يحاول الصياد ان يمسك بها بينما هى تراوغه و تحاوره و لم يتراجع عن ما كان يفعل ، و لم يستجب لصراخها و هى تستغيث به ان يطفئ نيران شهوتها المشتعله و هى تستصرخه بأن يكف عن ذلك بينما هو لا يستطيع ان يترك ما احتوى عشها الجميل من شهد و حلاوة كانت كفيلة بتجديد كل طاقاته و عنفوانه ، و عاد يحنو عليه و يرفق به بقبلات لشفتيه بهدوء و امتصاص لرحيقه الذى سال و سال كانما السد قد انهار امام بحيرة ممتلئة بفيض الماء ، و بعدما لاحظ هدوءها و استكانتها قام يشعلها من جديد بلمساته و قبلاته فانقلبت على بطنها لتمنح باقى جسدها حقه من المتعة ، فأعاد كل ماكان من لمسات و قبلات فوق ظهرها و تدليك رقيق حنون على كل ما نظرت إليه العين ، ثم حان وقت مداعبة أردافها المتلألئة البضة البيضاء ، رقيقة الملامح ، جميلة المنظر ، راقصة شرقية تتحرك لأقل نبضة موسيقية من الجسد كله ، برعشتها و اهتزازها ثارت ثائرته فانطلق يقبلها فى كل مكان ، و يدخل لسانه بين شقيها يداعبها و يستفزها و يطوف عليها بخدوده ..
اعتدلت فى وضعيتها من جديد و هى تناجيه بعينيها و تناجيه و تطلب منه ان يعتليها و لكن بكل جسده هذه المرة فوق كل جسدها ، فعاد يعتليها و هو ينظر فى عينيها و يخاطبها بكل عبارات الود و الحنان و يقبلها بين عينيها و فوق الخدين و يعود إلى شفتيها يمتص ما بهما من رحيق متجدد ، و امتد بجسده قليلا حتى فتحت ساقيها ، فسقط بينهما و هو يستفزها ببعد سيفه عن عشها حتى حاولت هى الاقتراب منه قليلا ، و هو يبتسم فى صمت بينما هى تلومه بعينيها و تعبر عن غضبها ، ما عاد لها من صبر يا رجل ، هلا أطفأت تلك النيران المشتعلة من جراء أفعالك ، قم و استقر بسيفك فى غمدها ، لا تتوانى فى تلبية ذلك النداء الصارخ ، قام و اعتدل و وجه سيفه و أطلق سهمه حتى استقر فى مقامه الذى ينتظره بكل شوق ، فتح له العش بابه على مصراعيه و انطلق يحتضنه كلقاء حبيبين بعد فراق أعوام طويلة ، و سهلت حركته بداخله و استفاضت ينابيعه فى ليونة و مرونى تستحث سيفه على الذهاب و العودة بشكل متلاحق متسارع بينما آهاتها تعلو و صرخات النجدة تنطلق غير عابئة بزمان و لا مكان ، فانطلقى أيتها المبدعة الفنانة فى كل شئ ، و تحركى و حركيه حتى تبلغى معه ما لم تبلغى من قبل من متعة و نشوة و حتى تعود النضارة الحقيقية إلى جسدك بعدما تسرى فى أوردتها مياه الرى بعد ظمأ طال و طال ..
ما أروعه من لقاء حقا حينما يكون الحب يظله ، و حينما تكون العاطفة قائدة له تسيره حيث شاءت ، كانت يداها تمسك بظهره و تتشبث به و كأنها تخشى ان يتركها فى نيرانها المشتعلة من جديد ، و لكنه كان يبارى نفسه فى الحراك ، تارة مسرعا و تارة مبطئا ، متوسطا بين اللين و العنف و لكنه كان متنوعا لا يسير على وتيرة واحدة فى الرهز و الحركة ، ظل يفكر كيف يمتعها أكثر فقام عنها و هى تشده لتجذبه إليها بينما هو ماضى فى عزمه فنظرت إليه بلوم و حسرة ، ثم اطمأنت حينما رأته يديرها و يغير وضعيتها حتى صار خلفها فوكزت على ركبتيها و بسطت ذراعيها و استندت عليهما ثم تركته خلفها لا تراه ، بينما هو قد انطلق يدير عملياته بشكل آخر و على نحو آخر حتى وصل بسيفه إلى ذاك الغمد و تعالت صيحاته هو هذه المرة و معه تسارعت تاوهاتها و تنهداتها حتى امسكت بيديها فى الوسادة كانها تريد تمزيقها و تعض فيها بأسنانها و هى تقلب خديها فوقها ، بينما هو يتحرك بكل سرعة و عنف هذه المرة و يداه تست**** فوق ردفيها ، و هو يتابع تأرجحهما و ليونتهما و مرونتهما ، و يمد إبهامه يداعب تلك الفتحة التى بينهما ، و يزيد به الشوق فيصفعهما حتى الاحمرار ، و هل كان له أن يترك شعرها و هو مسدول بعضه فوق ظهرها و بعضه على الوسادة ، بل جمعه كله بيده اليمنى و صار يصففه بيده اليسرى و كان فى طوله يجعله يمسك به و ظهره مستقيم غير منحنى ، هاج و ماج و اشتعل و و احترق حينما مدت يداها و عقدتها فوق ظهرها و صارت متكئة على جبينها فأمسك بيديها و اندفع يغرمد سيفه حتى قبضته ثم أطلق ما كان يختزنه فيه إلى أعمق أعماق عشها النابض الحانى .. فيسحب سيفه بهدووووء فتميل على جنبها ليتمدد خلفها يحتضنها فتلتف إليه و تحتضنه فى عمق و تقبل خده و يرد عليها بحنان يمسح شعرها و جبينها من التعرق ..
*************************
= خد يا سيدى السجاير اهه ، مشيت ييجى اتنين كيلو على ما جبتهالك اياك يطمر فيك بقا و تفهمنى عملت ايه يا مجنون يا ابن المجانين ..
- حصل اللى حصل يا أسامه و ماكانش بإيدى امنع نفسى عنها و لا بايدها انها تمنع نفسها بعد شهور الحرمان اللى عاشت فيها ..
= ها .. كنت متوقع برضه انك عملت كده ، ماهى عوايدك طول عمرك
- لا يا اسامة صدقنى المرة دى ماكانتش من عوايدى ، كان فيه طعم تانى لرغبتى فيها ، مش مجرد واحده ست ، صدقنى يا اسامة انى فى الليلة دى قررت انى افضل معاها باقى عمرى ، و انا اللى كنت مع اى ست قبلها لما باوصل للسرير عمرى ما بافكر ارجعلها تانى و انت عارف و شاهد على كده ..
****************
الجـــزء الخامس ..
و بعدين يا أسامة أنا من يوم ما حبيتها و انا اتغيرت فعلا ، كل حاجة جوايا كانت متغيرة ، بقيت انسان صافى و نضيف ، عمرى ما كنت باتعامل وقتها مع اى حد الا بمنطق الانسانية ، كنت دايما عاوز ارسم السعادة على وشوش كل الناس اللى اعرفهم و اللى ما اعرفهومش ، صوتى عمره ما على قدام اى حد ، كنت بابكى لو شوفت راجل كبير فى الشارع بيطلب احسان من حد ، قلبى بقا بيخاف على كل الناس ، حسيت ان الحب طهرنى و ان عينى مابقتش شايفة الا الالوان النقية بعدما كنت شايف كل الدنيا سودة و بادور فيها على اى متعة وهمية تنسينى ، انت نفسك كنت ملاحظ انى اتغيرت لما بقيت تشوفنى بطلت كل حاجة وحشة كنت باعملها ، خمرة و حشيش و ستات ، صح و لا غلط ؟ طول المدة اللى فاتت دى شوفتنى يا اسامة و كنت مستغرب و مش عارف الاسباب ، لكنى لما شوفتك فرحان بحالتى الجديدة حسيت انك كنت بتتمنى انى اكون كده طول عمرى ، بقالى اكتر من سنة عمرى ما فكرت ارجع تانى للى كنت فيه ، اكتفيت بيها عن كل الناس و عن اى متعة مالهاش معنى ..
و فى الليلة دى رسمنا خريطة لكل حياتنا الجاية ، مدينا ايدينا بالوعود و العهود ، عاهدتها انى افضل جنبها طول عمرى ، و ان حياتنا فى يوم من الايام تاخد شكل تانى غير ده ، شكل يرضى عنه كل الناس و مانحسش معاه اننا بنسرق اى لحظة حلوة بدون حق ، لكن يكفى ان انا و هى نبقا عارفين ان الظروف دلوقتى ماتسمحش علشان نكون قدام نفسنا راضيين عن حبنا ، و طلبت منها نفس الوعد انها تفضل طول العمر جنبى و معايه و عمرها ماتفارقنى ، و لو فى يوم زعلت منى تبقا عارفة و متاكده ان زعلنا مش هايدوم و لا هاياخد وقت ، و انى هارجعلها بشوقى و لهفتى اكتر من الاول ، و دايما انا اللى هابدأ بالصلح حتى لو هى اللى كانت غلطانة ، لكن فى الحقيقة انها عمرها ما غلطت فى حقى ، طول الوقت اللى قضيناه سوا كانت زى النسمة ، كانت بتعاملنى بكل اشكال الحنان اللى بيتمناها حبيب من حبيبته ، كانت بتفهم من نظرة عينى انا حالى ايه زعلان و لا مبسوط و لا بافكر ، كانت بتعرف تترجم لحظات سكوتى و تطلب منى انام على صدرها و احكى لها همومى ، و تهون عليا اى جراح و تزيل عنى كل الهموم بمجرد ما تمشى بايدها فوق جبينى و تطبطب عليا و تحاول تفكر معايه فى الحلول ..
حسيت انى مش هاقدر اعيش فى الدنيا تانى بعيد عنها ، بقيت عاوز افضل جنبها و تفضل جنبى تشاركنى يومى ، و اشاركها كل لحظات حياتها ، مشيت و انا عاوز ارجع لها تانى ، مفيش تعلق فى القلب أكتر من كده خلاص ، بقيت مجنون بيها ، و هى بقت شايفانى كل حاجة ليها فى الدنيا ، و قررت انى اشوف لها شقة تانية تليق بيها و يكون قريب منى و اقدر اكون معاها فيه على حريتى لو كنت هابات عندها .. و بعد شهر واحد انتقلت للشقة الجديدة و جهزتها كما لو كنا عرسان جداد بنأسس حياتنا مع بعض .. و لما كنت اتصل بيها و ابلغها انى هاقدر ابات معاها الليلة دى كنت باحس بفرحتها من اول ما اكلمها لحد ما ارجع لها الشقة و الاقيها مستقبلانى بالموسيقى و الزينة اللى متعلقة فى الصالة كانى رايح حفلة .. لما كنت انام و تصحينى ، كانت بتصحينى بطرق كلها مليانة خفة و دلع و رقة ، اوقات الاقيها مغرقانى بالقبلات على خدودى و جبينى و اصحا على حركة شفايفها و هى بتبوسنى ، و اوقات الاقيها بتلاعبنى بخصلات شعرها جنب ودنى و تناغشنى لحد ما اصحا و اشوف ابتسامتها قدام عيونى ..
يااااااااه على الروعة و الجمال اللى عشتهم معاها و اللى شوفتهم بعينى قبل قلبى ، انسانة لا يمكن تتعوض لا يمكن تتعوض ، و يجهش مرة اخرى بالبكاء ,, و يحاول أسامة مرة تانية يهديه و يطلب منه يكمل ، فيستمر هانى و يكمل الحكاية و هو بيقول : فات شهر و اتنين و تلاتة و اربعة و أيامنا و ليالينا بتزيد حب و سعادة و اصبحت باعامل سندس على انها بنتى ، و هى كمان اقتنعت انى باباها ، كانت سعادة غادة ما تتوصفش لما سندس تسألها هو بابا هاييجى امته ، و لما تشوفنى و انا داخل من الباب و تيجى جرى عليا تحضننى و تقول بابا جه ، كانت غادة تبص لها و تبص لى و تقولى بينى و بينها انا فرحتى لسندس انها لقيت بابا فى حياتها اكبر من فرحتى لنفسى بيك يا هانى ، صدقنى مش هاعرف اوصفلك انا اد ايه كنت حزينة لما باشوفها محرومة من الكلمة دى ، ربنا ما يحرمناش منك أبدا يا حبيبى ، و تفضل لنا طول العمر سندنا و شجرتنا اللى بتضلل علينا ، كنت ليهم كل شئ هما الاتنين ، و كانوا عندى اغلى الناس ، و الاحساس اللى كنت باعيشه معاهم كان اقوى بكتير من انى اتكلم عنه ..
كنت باحاول اعيشهم فى المستوى اللى يليق بيهم ، لكنى كنت دايما باحس بألم فى عيون غادة لما كنت باديها اى فلوس ، كانت تقولى انا شغلى موفرلى الحياة اللى باتمناها و اكتر و انت كفاية عليك ايجار الشقة دى و العفش الجديد ، كنت افهمها انى عايش معاهم و انى باكل و اشرب و انام معاهم يعنى ده بيتى و انا المتكفل بيه ، لكن هى كانت بتاخد يادوب على اد مصاريفى انا و طلباتى انا ، ماكانتش بتصرف جنبه منهم على بنتها او على نفسها ، كنت اروح الشقى الاقيها اشترت لى بيجامة جديدة او طقم داخلى جديد او بدلة جديدة و ماكنتش فاهم انها بتحوش لى الفلوس اللى انا باديهالها علشان تردهالى بالشكل ده من غير ما اقدر ارفض ، كانت بتعمل كده علشان ماتحسش قدام نفسها انها بتاخد من حقوق بيتى و اولادى و قالتهالى فى مرة ( كفاية انى باخدك منهم فى اوقات كتيرة ، لكن انا ما اقدرش استحمل غيابك عنى ، فخلينى استحمل اللى اقدر عليه و هو انى ما اخدش حاجة هما اولى بيها ) ، اتعلمت على ايديها كل يوم دروس و حكم ، و هى ماعاشتش فى الدنيا زى ما انا عشت ، لكنها كانت فاهمة الدنيا اكتر بكتير من اللى انا افهمه ..
و بدات فى حياتى كلها امشى على خطواتها و على دروسها اللى كنت باتعلمها يوم بعد يوم ، و فى الوقت اللى كنت شايف نفسى انى خلاص اتغيرت و بقيت الانسان الجديد ده ، الدنيا قدمت لى الاختبار الاصعب و الاقوى ، و كأنها بتقولى شوف هاتقدر تصمد و لا مش هاتقدر ، شوف نفسك على حقيقتها لما تلاقى حاجة هاتنغص عليك حياتك و تقل متعتك و تهدد كيانك ، و الدنيا كانت واثقة ان انا مهما حاولت اكون انسان ، لازم تخرج منى الدناءة فى اى وقت ، بس لما تكون ظروفها مهيأة ، و اللى انا ماكنتش شايفه جوه نفسى وقتها من قذارة و دناءة و ندالة بدأ يظهر فى لحظة لما رجعت فى يوم فتحت الباب لقيت سندس بتلعب فى الصالة و لقيت غادة نايمة فى السرير مش قادرة تتحرك ، اتخضيت و قلقت عليها و لما طلبت اجيب لها دكتور
قالت لى :-
= لا يا هانى ماتجيبش دكتور ، انا هابقا كويسة ماتتعبش نفسك
- طب ما تحكى لى فيه ايه حاسة بايه
= يا هانى ، يا حبيبى ماتشغلش بالك بقا خلاص انا مرهقة بس شوية
و من غير ما تلاحظنى طلبت دكتور ، و لما جه لقيتها فى حالة ثورة و انفعال و بتهاجمنى انى استدعيته و فهمت سبب ثورتها دى بعد شوية لما قالى انها حامل ، طول الفترة اللى فاتت و انا مش واخد بالى اننا ماعملناش اى احتياطات ، و لا كان فى دماغى انى احترس ، كنت باتعامل زى ما انا متعود مع الأشكال القذرة اللى كنت بانام معاهم قبل كده ..
- حامل ؟؟
= آه حامل يا هانى
- طب ليه ؟
= يعنى ايه ليه؟
- يعنى ليه ماخدتيش بالك اننا لحد دلوقتى ما نقدرش نخرج للناس و نقولهم اتفضلوا ابننا اهه
= ناس مين اللى نخرج لهم و يشوفوه ، ماهم شايفين سندس و هى بتقولك يا بابا و كل الناس فى العمارة فاهمين اننا متجوزين و لا انت تقصد ايه يا هانى ؟
- اقصد اللى اقصده ، هاتكتبيه باسم مين ده لما يخرج للدنيا
= بإسم مين ؟ هو كل اللى يهمك ان اسمك ما يتحطش جنب اسم ابنى و ابنك ؟
- غادة ماتحوريش كلامى ، انا كل اللى اقصده انى عندى ظروف اجتماعية تخلينى زى الشخصيات العامة والعين عليا و باقدم اقرار الذمة المالية كل سنة و باكتب فيه اسماء اولادى و اسم امهم .. مش شخص نكرة محدش هايبص عليه و لا هايهتم بيه خلف او ما خلفش زيـ......
= كمل ، زيى !! مش كده
- غادة انا .....
= هانى ، انت عاوز تقول ايه ؟ عاوزنى اتخلص منه ؟
- طبعا يا مدام ، و لا انتى مش عارفه المصيبة اللى احنا فيها دلوقتى
= مدام !!
- غادة مش وقت الملاحظات دى دلوقتى
= فعلا يا هانى مش وقت اى ملاحظات جنب اللى انا شايفاه ده
- ايه هو اللى انتى شايفاه
= شايفة الانسان الرقيق اللى من اول يوم قابلته و هو بيعاملنى بمنتهى الانسانية و الحب بيتحول قدام عينيه لحالة من الثورة و الغضب لمجرد انه شاف ان ارتباطى بيه بقا فيه شئ هايكتفه و يهز صورته قدام الناس اللى هو بيراعى مشاعرهم و بيدوس بسببهم على مشاعرى
- غادة افهمينى لو سمحتى ، انتى عارفة وضعى الاجتماعى كويس ، حاجة زى دى ممكن تهد البيت اللى بنيته و تدمر حياتى و حياة اولادى ، اقول ايه لعمر و مريم لما يلاقولهم اخ انا خلفته فى الــحـ....
= كمل يا هانى ، خلفته فى الحرام ، مش كده ، ايوة يا هانى ابننا هايبقا ابن حرام ( و سيطرت عليها حالة من هيستريا البكاء المرير و النحيب ) حبنا كله كان حرام ، مقابلاتنا كانت حرام ، ليالينا كلها كانت حرام فى حرام ، حتى وجودى هنا فى الشقة دى اللى انت جبتهالى حرام ، ماتقولش حاجة لولادك يا هانى ، و لو سألوك فى يوم قولهم كانت غلطة انى عرفت واحده اسمها غادة ، و غلطت معاها .. قولهم اللى معاها ده مش ابنى و ابقا انكره و انا مش هاحاول اثبت او اقف قدامك اقول انه ابنك ، ابقا قولهم انها زى ما عرفتنى اكيد عرفت حد غيرى و خلفت منه .. قولهم انها ست لعبيه و ماتعرفش تحافظ على كرامتها و لا شرفها قولهم كده يا هانى قولهم قولهم ، و ارتفع صوتها و على صراخها و هى بتردد الجمل دى لحد ما فقدت الوعى تماما ..
حاولت افوقها ما عرفتش ، اتصلت بنفس الدكتور تانى لانه كان عارف انها حامل و اكيد هايراعى ده و لما وصل و عمل لها اللازم بابص على سندس لقيتها فى حالة رعب و بكا على مامتها ، كل ده انا السبب فيه ، انا اللى ما فكرتش خالص و لا عملت حساب اى شئ ، لا فى البداية فكرت ، و لا فى لحظة المناقشة راعيت مشاعرها ، كنت باتكلم بمنتهى القسوة ، بعد ما كنت باتكلم عن علاقتى بيها بكل الحب ، خليتها تحس انها علاقة فاسدة فى اطار منبوذ مايليقش بحالتى انا الاجتماعية و نسيت انها فى ورطة اكبر بكتير منى انا ، ازاى قدرت اقول الكلام اللى قلتهولها فى لحظة غصب و انفعال و اخليها تقف عريانه قدام نفسها و قدامى لما واجهتها باللى كنت باحاول اهرب منه بينى و بين نفسى ..الدكتور طمننى و طلب منى الاستعانة بحد يراعيها هى و بنتها و رشح لى واحده كانت بتشتغل عنده فى العيادة و اتصل بيها علشان تفضل جنبهم .. و انا اخدت سندس اخفف عنها شوية و خرجت بيها من البيت ..
فاقت غادة لقيت نفسها فى السرير و لقيت جنبها ممرضة ، وكان اول شئ سألت عليه هو انا ، قالت لها فين هانى ؟ ردت عليها الممرضة الاستاذ هانى بعد ما جاب لك الدكتور و اطمأن عليكى طلب منى اجى افضل جنبك و اتابعك لحد ما تخفى و تبقى زى الفل ، و كان سؤال غادة التانى عن سندس ، قالت لها نايمة فى اوضتها ، الاستاذ هانى خرجها شوية بعد ما الدكتور نزل و رجع بيها نايمة .. ارتاحى انتى دلوقتى يا مدام غادة و ما تقلقيش ، استاذ هانى قال انه راجع بعد ساعة ..
و عدت الساعات و الأيام و انا ما رجعتش ، فات اسبوع و اتنين و انا كل اللى باعمله انى باستقبل تليفونات الممرضة تبلغنى باحوالهم و خلاص ، و غادة ماحاولتش حتى تتصل بيا لانها كانت خايفة انى اكمل وصلة الغضب و الندالة اللى كنت فيها ، ماكنتش عارف و لا شايف غير مصلحتى انا و بس ، نسيت الحب و الكلام اللى فضلت اغنى بيه و اردده لما حسيت ان كل ده ممكن يأثر على بيتى واولادى .. و لما طلبت من الممرضة انها تيجى تاخد منى فلوس لغادة و بنتها ، رجعت لى بيهم تانى بعد شوية و هى بتقولى مدام غادة بتقولك متشكرين ، احنا معانا اللى مكفينا ، و بتبلغك انها بقت كويسة و هاترجع تانى شقتها القديمة و بتشكرك على كل اللى انت عملته معاهم ..
حسيت وقتها بحجم الجريمة اللى انا ارتكبتها ، لا دى جرايم مش جريمة واحدة ، من البداية ، كانت فى حالها عايشة فى احزانها و بتحاول تخرج منها ، و بعد ما خرجت و ارتاحت و حست بسعادة و لو وهمية ، سحبتها منها بمنتهى الندالة ، و رجعتها تانى تقضى بقية حياتها فى الخوف اللى عرفته من يوم ما اتولدت ، كان ليها حق تخاف من بكرة ، مهما حاولت اطمنها ، كان قلبها حاسس و شايف اللى انا ما اعرفش اشوفه ، و لا كان ممكن هاشوفه طول ما انا كنت فى غيبوبة و مصدق انى بقيت انسان تانى ، الطبع الدنئ يا صاحبى لما بيتمكن من انسان مش سهل يسبه ، و انا طول عمرى منقوع فى الدناءة و الخسة .. و بمجرد ما اتعرضت لاول هزة رجعت انكشف تانى على حقيقتى قدام نفسى اللى عرفتها طول عمرى ، و لقيت حياتى فى كفة ، و الحب اللى عشته مع غادة و غاده نفسها فى كفة ..
طب ازاى اقدر ارجع غادة تانى للأمان بعد ما طعنتها فى مقتل ، و ازاى اقدر ارجع تانى للاحساس بالامان مع نفسى و من نفسى اللى كرهتها و مابقيتش عاوز اعرفها و لا قادر ابص لنفسى فى مراية و انا شايف انسان حقير قدامى ماعندهوش ادنى درجات الوفاء بالعهد و لا مراعاة مشاعر الانسانة اللى حبتنى و حطت كل ثقتها فيا و استأمنتنى على نفسها و حياتها و عاشت فى ضلى أيام قليلة كانت بتمثل لها كل الحياة .. ازاى هاقدر اصحح كل الاوضاع دى و ازاى هاعرف ، طب مش كل مشكلة و ليها حل ؟ احاول اقنعها تانى تتخلص من الجنين لحد ظروفنا ما تتعدل شوية ، اروح اقنعها تانى علشان نفضل مع بعض ، اروح لها افهمها ان انا كنت غضبان بس شوية و اتفاجئت لانى ماكنتش عامل حسابى ، و حتى لو هاترفض اننا نستمر تانى مع بعض مش مهم ، المهم انى احاول اخفف عنها آلامها و احسسها انى هافضل واقف جنبها ، و قررت انى اروح لها شقتها القديمة ..
خبطت على الباب مرة و اتنين و تلاتة ، محدش رد عليا ، رجعت تانى يوم ، مفيش رد ، حاولت اتصل بيها ، مفيش رد ، اتجننت ، احترت اعمل ايه ، روحت لها الشغل ، قالولى انها مش بتيجى بقالها مدة طويلة و محدش عارف يوصل لها . فات عليا شهر بحاله و انا بادور عليها زى المجنون ، لدرجة انى سافرت بنى سويف اسأل خالها عليها بحجة انى موظف فى المعاشات و محتاج منها بعض البيانات ، لقيته مش فاكر حتى عنوانها القديم ، رجعت تانى و انا مش شايف قدامى ، دخلت البيت و انا حالتى النفسية فى منتهى السواد ، لا طايق ابص لحد و لا ارد على حد ، روحت حضانة سندس اشوفها هناك قالولى انها بقالها فترة مش بتيجى ، اسودت الدنيا فى وشى زيادة و حسيت انى مش قادر اقف على رجلى و الارض مش شايلانى ، رجعت على الكافيه اللى قعدنا فيه انا و غادة اول مرة ، و هناك لاول مرة عرفت معنى الحنين ، و دموعى نزلت بدون سيطرة عليها ، بقيت امشى فى الشوارع ابص فى كل الوشوش جايز الاقيها ، كنت باروح اول كل شهر لمدة يومين او تلاتة على المكان اللى هى بتقبض منه المعاش يمكن اشوفها ، لكن برضه كل الامال اتبددت فى انى الاقيها ، فكرت انى انزل اعلان فى الجرايد او اعلق لها يافطة فى الشوارع اطلب منها تسامحنى و تغفرلى كل كلامى و قسوتى معاها ، لكن ما قدرتش ، خوفى على حياتى من تانى هددنى و خلانى اتراجع .. يا ترى ايه العمل و انا خلاص مش عارف ارتاح و لا عارف افكر و لا حتى اخد بالى من بيتى و اولادى اللى كنت بادعى انى خايف على مصلحتهم .. بقيت تايه امشى فى الشوارع من غير غرض و لا هدف الا انى الاقيها ، شوية بالعربية و شوية على رجلى ، و كل ليلة احاول انام و دموعى اللى تصحينى ..
آهٍ ، و حر الآه يكــــوى أضلعى .. كيف الكرى و النار تعلو مضجعى
بالأمس كان الدمع عبدا خاضعا .. و اليــــوم عتقا يا دمـوعى سارعى