احمد رشوان
07-16-2018, 08:50 AM
لحظات الألم – والأمل
قصة قصيرة
عند البوابة استقبلته اشعة الشمس الحارقة – اغمض عينه حتى يستطيع ان يرى – ها هي نسائم الحرية التي اشتاق اليها كثيرآ – أخيرآ عاد للحياة بعد رحلة استمرت خمس سنوات بمقبرة السجن – قرر ان تكون خطوات عودته للديار محاكمة لمن وضعة خلف القضبان – يتذكره جيدآ – انه كان احب انسان الى نفسه – لم يسبق ان اختلفا في أي شيء – كان حاديه وملهمه – ايام الرغد علمه كيف يتمتع بالحياة وكل ملذاتها – لاينسى ليالي السهرات الحمراء التي كان يعدها له – لم يكن ليفوته شيء – كان خبيرآ بكل انواع الملذات – يتذكر الاصدقاء الذين كانوا يعاملونه كملك متوج على عرش الرجولة والكمال – نهم بشراهة من كافة متع الحياة حتى نضبت موارده – وعندما ادارت الدنيا ظهرها له فارقه كل اصدقاء المنفعة – الا هو – لم يتركه يواجه مزلة الفقر وحده – بل كان يقدم له العون كلما احتاجه – وعندما زادت الامور سوءآ – علمه كيف يجني الاموال عن طريق النصب على الشركات والاهالي معتمدآ على سمعته المالية السابقة وسمعة اسرته الضاربة في العراقة – يعلم جيدآ ان صديقه المحبوب كان يستفيد من تلك الاموال – للحق لم يطالب يومآ بحصة من ارباح عمليات النصب الت كانت من تخطيطه – بل كان يتمتع فقط بصحبته ومشاركته ملزاته بعدما عادت الاموال تجري بين يديه – لايعرف كيف سيلقى صاحبه – هل سيلومه لانه كان السبب في دخوله السجن ؟ ام يغفر له لانه يعلم ان كان يريد اسعاده – اخرجته من ذكرياته وافكاره اصوات السيارات عندا وصل للطريق العام – اشار لاحداها – بطريق العودة انشغل عن التفكير بمتابعة مستحداثات المدينة التي فارقها من خمس سنوات – بالموقف العام – شدته رائحة المأكولات الشعبية التي هاجمته من احد المحلات العتيقة - بالمحل اكل بنهم اسد جائع – لم يعر نظرات الزبائن المستهجنة للباسه وشعره الاشعث التفاتا – في الجهة المقابلة للمحل لمح صالون رجالي للحلاقة – لحسن الحظ كان الصالون خاليآ من الزبائن – بأشارة من يده ودن حرف فهم الحلاق انه يريد اخفاء سنوات الالم عن محياه – احترم الحلاق على غير عادة ابناء مهنته رغبة الزبون في الصمت – بدأت اصابع الحلاق تقوم بعملها – احس بخدر يسري في اوصاله – اعادة انامل الحلاق المتباطئة شريط الذكريات للعمل – ولكن هذه المرة اختطفته ذكريات السجن المؤلمة – اهانات وسباب وكيف كان يخدم حثالة المجتمع حتى يدرأ اذاهم – كيف ذاق الذل وهو كان يومآ العزيز الذي يخدم – ذكريات المهانة والذل فصلت في حيرته بشأن صديقة الذي قذفه في هذه الهاوية – هربت كل شفاعة للصديق امام قطار الذكريات المؤلمة – في هذه الاثناء – القى احدهم التحية على الحلاق وجلس انتظارآ لدوره في الحلاقة – لم يرد سامي التحية – وسلم نفسه مرة اخرى لقذارة الذكريات – افاق على رزاز الكلونيا الرخيصة التي قذفها اللحلاق في وجهه – نعيمآ – قالها الحلاق اعلانآ بنهاية مهمته – مد سامي يده بجنهات دسها بجيب الحلاق – التفت ليغادر الصالون – شلت خطواته عينه التي تفاجئت بالرجل الآخر بالصالون – انه هو – نعم – انه هو صديقه المحبوب الذي رماه في ظلمة السجون – نفس العيون الخبيثة الباسمة بسخرية وهي تضع له السم في العسل – تذكر الآم جسده المبرحة بعد علقة من احد المساجين رفض سامي غسل ملابسه الداخلية وضحكات المساجين عليه عندما أمره زعيم السجن بالرقص للمساجين كالنساء – زاد من غضبة اتسامة السخرية التي مازالت ترتسم على وجه صديقه – في لحظة خاطفة انتزع المقص من يد الحلاق – هجم على صديقه بكل غل وكراهية ومذلة سنوات السجن – توالت ضربات سامي على كل جسد الصديق السابق وسط صرخات الحلاق وبعض المارة الذين افزعهم المشهد – توالت الضربات بسرعة وقوة لم يستطع احد معها انتزاع المقص من يد سامي حتى خارت قواه وسقط مغشيآ عيه من فرط الاجهاد ---------
لايعرف كم مر عليه من الوقت وهو غائب عن الوعي – كل ما يعرفه – انه عندما افاق وجد نفسه محاطآ من بعض رجال الشرطة والكثير من المارة والدماء تغرق يديه وقطرات منها على ارض المحل
مد الضابط يده لسامي بالاساور الحديدية – وكأنه يحمل على كاهله كل جبال الدنيا وقف سامي بمواجهة الضابط والدموع تملاء عينيه – هاهو يعود للسجن مرة اخرى بعد ساعات قليلة – نظر الحلاق لسامي برثاء ثم التفت للضابط قائلآ – خلاص يابيه – سماح علشان خاطري – وان كان ع المرايا اللي كسرها – انا مسامحه وربنا يعوض عليا
أحمد حسين
1984
قصة قصيرة
عند البوابة استقبلته اشعة الشمس الحارقة – اغمض عينه حتى يستطيع ان يرى – ها هي نسائم الحرية التي اشتاق اليها كثيرآ – أخيرآ عاد للحياة بعد رحلة استمرت خمس سنوات بمقبرة السجن – قرر ان تكون خطوات عودته للديار محاكمة لمن وضعة خلف القضبان – يتذكره جيدآ – انه كان احب انسان الى نفسه – لم يسبق ان اختلفا في أي شيء – كان حاديه وملهمه – ايام الرغد علمه كيف يتمتع بالحياة وكل ملذاتها – لاينسى ليالي السهرات الحمراء التي كان يعدها له – لم يكن ليفوته شيء – كان خبيرآ بكل انواع الملذات – يتذكر الاصدقاء الذين كانوا يعاملونه كملك متوج على عرش الرجولة والكمال – نهم بشراهة من كافة متع الحياة حتى نضبت موارده – وعندما ادارت الدنيا ظهرها له فارقه كل اصدقاء المنفعة – الا هو – لم يتركه يواجه مزلة الفقر وحده – بل كان يقدم له العون كلما احتاجه – وعندما زادت الامور سوءآ – علمه كيف يجني الاموال عن طريق النصب على الشركات والاهالي معتمدآ على سمعته المالية السابقة وسمعة اسرته الضاربة في العراقة – يعلم جيدآ ان صديقه المحبوب كان يستفيد من تلك الاموال – للحق لم يطالب يومآ بحصة من ارباح عمليات النصب الت كانت من تخطيطه – بل كان يتمتع فقط بصحبته ومشاركته ملزاته بعدما عادت الاموال تجري بين يديه – لايعرف كيف سيلقى صاحبه – هل سيلومه لانه كان السبب في دخوله السجن ؟ ام يغفر له لانه يعلم ان كان يريد اسعاده – اخرجته من ذكرياته وافكاره اصوات السيارات عندا وصل للطريق العام – اشار لاحداها – بطريق العودة انشغل عن التفكير بمتابعة مستحداثات المدينة التي فارقها من خمس سنوات – بالموقف العام – شدته رائحة المأكولات الشعبية التي هاجمته من احد المحلات العتيقة - بالمحل اكل بنهم اسد جائع – لم يعر نظرات الزبائن المستهجنة للباسه وشعره الاشعث التفاتا – في الجهة المقابلة للمحل لمح صالون رجالي للحلاقة – لحسن الحظ كان الصالون خاليآ من الزبائن – بأشارة من يده ودن حرف فهم الحلاق انه يريد اخفاء سنوات الالم عن محياه – احترم الحلاق على غير عادة ابناء مهنته رغبة الزبون في الصمت – بدأت اصابع الحلاق تقوم بعملها – احس بخدر يسري في اوصاله – اعادة انامل الحلاق المتباطئة شريط الذكريات للعمل – ولكن هذه المرة اختطفته ذكريات السجن المؤلمة – اهانات وسباب وكيف كان يخدم حثالة المجتمع حتى يدرأ اذاهم – كيف ذاق الذل وهو كان يومآ العزيز الذي يخدم – ذكريات المهانة والذل فصلت في حيرته بشأن صديقة الذي قذفه في هذه الهاوية – هربت كل شفاعة للصديق امام قطار الذكريات المؤلمة – في هذه الاثناء – القى احدهم التحية على الحلاق وجلس انتظارآ لدوره في الحلاقة – لم يرد سامي التحية – وسلم نفسه مرة اخرى لقذارة الذكريات – افاق على رزاز الكلونيا الرخيصة التي قذفها اللحلاق في وجهه – نعيمآ – قالها الحلاق اعلانآ بنهاية مهمته – مد سامي يده بجنهات دسها بجيب الحلاق – التفت ليغادر الصالون – شلت خطواته عينه التي تفاجئت بالرجل الآخر بالصالون – انه هو – نعم – انه هو صديقه المحبوب الذي رماه في ظلمة السجون – نفس العيون الخبيثة الباسمة بسخرية وهي تضع له السم في العسل – تذكر الآم جسده المبرحة بعد علقة من احد المساجين رفض سامي غسل ملابسه الداخلية وضحكات المساجين عليه عندما أمره زعيم السجن بالرقص للمساجين كالنساء – زاد من غضبة اتسامة السخرية التي مازالت ترتسم على وجه صديقه – في لحظة خاطفة انتزع المقص من يد الحلاق – هجم على صديقه بكل غل وكراهية ومذلة سنوات السجن – توالت ضربات سامي على كل جسد الصديق السابق وسط صرخات الحلاق وبعض المارة الذين افزعهم المشهد – توالت الضربات بسرعة وقوة لم يستطع احد معها انتزاع المقص من يد سامي حتى خارت قواه وسقط مغشيآ عيه من فرط الاجهاد ---------
لايعرف كم مر عليه من الوقت وهو غائب عن الوعي – كل ما يعرفه – انه عندما افاق وجد نفسه محاطآ من بعض رجال الشرطة والكثير من المارة والدماء تغرق يديه وقطرات منها على ارض المحل
مد الضابط يده لسامي بالاساور الحديدية – وكأنه يحمل على كاهله كل جبال الدنيا وقف سامي بمواجهة الضابط والدموع تملاء عينيه – هاهو يعود للسجن مرة اخرى بعد ساعات قليلة – نظر الحلاق لسامي برثاء ثم التفت للضابط قائلآ – خلاص يابيه – سماح علشان خاطري – وان كان ع المرايا اللي كسرها – انا مسامحه وربنا يعوض عليا
أحمد حسين
1984