العيون .. لغـــةٌ و سحــــرٌ

[Kamal Mahsoub]

/ (/ />


سحر فيهما أو لغة يكتنفها الغموض قل فيهما ما تشاء
فستبقى العينان لغزا لن يتمكن أحد من فهمه ولا التفكير طويلا فيه
و لن يقوى على مقاومته أقوى الرجـــــال عقلا ولا اشدهم صلابة و تماسكا



/ (/ />

بحر أم سحر أم لغة مطلسمة لا يعى ترجمتها إلا كل حصيف ؟ أو كل من نال تصريح الإقامة فيهما ، من منكم تحمل إطالة النظر فى عين تحادثه ، أو فى عين حملت دروبا و متاهات و طرقات ؟ يا ويل من نال منها سهام اللحظ فبات فى حيرته دون مأوى ، لا يرتضى بأى ملاذ إلا هما ..


قال ابن الرومي:
نظرت فأقصـــــدتْ الفؤاد بطرفـهـا ** ثم انثنت عني فكـــــدتُ أهيمُ
ويلاه إن نظرتْ وإن هي أعرضت ** وقع السهــــــام ونزعهن أليمُ


لا عجب إن كانت العيون أول ما يتغزل فيه العاشق ، و أكثر ما استرعى انتباه الشعراء و مؤلفاتهم ، و يا ويح من لم تصبه العين فى قلبه ، ذلك صاحب القلب المتجمد المتبلد الذى يفتقر إلى أقل مراتب الإنسانية ..
ما هو السر الذى يكمن فيهما حتى يكون لهما هذا التأثير العميق ، و ما هى الحيلة فى الخلاص من نظرة عين قد يهيم بها العاشق وجدا و يقضى ساعات الليل فى ألم و فكر و حيرة محدثا طيف الحبيب و عينيه ، ليتنا نحرص و نحذر و نفكر ألف مرة قبل أن ننظر فيهما ، فلربما كان وقع النبال أخف من وقع السهام المتطايرة منهما تطارد الرجال على قوتهم لتجعل منهم أسرى يستحبون البقاء بين أجفانهما .




*********

/ (/ />

حتى و إن اختلفت ألوانها و اختلفت سهام اللحظ منهما فالنتيجة واحده ، و هى الوقوع فى الأسر بل و تمنى الإقامة فيه مدى الحياة ، مع الشعور بأنه لا حرية إلا فيهما ، و لا انتصار إلا بينهما ، و دائما النصر لهما و لكن الويل لو كان النصر عليك و ليس لك ، فلا حيلة لديك لو كان انتصارهما ضد بقائك و إقامتك .




***********


/ (/ />

مرآة القلب و الروح ، و المترجم الأول لكل ما حاك فى الصدر أو اعتمل فى النفس من حب و بغض و امل و ألم و حيرة و دهشة ، لكن من القادر على فك الطلاسم ؟ حتى لو كنت أحكم الرجال و أكثرهم امتلاكا للعقل و الفراسة ، لن تستطيع ان تفهم تلك اللغة إلا بإرادة صاحبتها ، هى وحدها من تستطيع تعليمك لغتها و تمنحك مفتاح حل تلك الألغاز التى وجب عليك حينما ترها أمامك ان تعى ان ذلك إبلاغ بما تريد أن تقوله لك دونما لغة ، فمن ذا الذى يقدر على فهم عيون امرأة إلا من عاش فيهما .




**************



/ (/ />

ألا تستحق كل ما قيل فيها ؟ ألا تستحق اللقب الأقوى بين أسلحة الفتك على اختلافها ؟ بلى تستحق ، و أين من يقدر على الفرار و يلجأ إلى أقاصى الجبال و المغارات أو الأنفاق الأرضية ليختبئ من تلك الأسلحة ؟ سرعان ما سيعود بنفسه مكبلا يديه بيديه حتى لا يفارق و لو كانت نفسه تحدثه بأنه سيبقى طوال عمره فى حيرة و تيه فسيرد عليها القلب قائلا أن فيهما النجاة من كل تيه و حيرة .




*************


/ (/ />

كن كما شئت وحدك ، كن عاصفا ، كن ممطرا ، كن فارسا و محاربا ، لكن أمام العينين لا تكن إلا متأملا ، هادئا ، ضع من يديك السيف بغمده و القوس بكنانة سهامه ، ضع الحراب و الدروع و قف صامتا فالصمت فى حرم الجمال جمال .




/ (/ />

قالوا عن العيون


الشاعر محمد بن سعيد البوصيري

من رأيه أن العيون الجميلة هي ما تأتي على طبيعتها، من غير أن يدخل بها الكحل مثل عيون الغزلان فيقول:
لا تحسبوا كحل الجفون بزينةٍ … إن المها لم تكتحل بالإثمد


**

الشاعر محمد بن أبي العباس الأبيوردي
و هو شاعر من شعراء العصر العباسي، وصف العيون الكحيلة بأنها أكثر عيون تقدر على فتنته و سحر من ينظر إليها فقال:
رمتني بسهمٍ ريشه الكحل بالردى … وأقتل ألحاظ الملاح كحيله


**

وأكد الشاعر ابن هانئ الأندلسي

و هو يصف جمال عيون محبوبته

بان كل ما فيها من جمال و سحر هو من خلق اللـه و ليس بسبب التكحل فيقول:
حسبوا التّكحل في جفونك حليةً … تاللــه ما بأكفهــم كحـلوك


**

الشاعر إيليا أبو ماضي

وصف جمال العيون السوداء بأنه لا يقاومه أي قلب و من يراها يقع في شباك هيامها فقال في وصفها:
ليت الذي خلق العــيون السوداء … خــلق القوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سـحـرهـا … ما ودّ مالك قلبه لو صــــــــيدا
عَـوذْ فؤادك من نبال لحاظــها … أو مـتْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم … كنت امرءاً خشن الطباع بليدا

**
ابن الرومى في وصف العيون الفاترةوصفها بأنها ضرب في الدلال فقال فيهم:
يسبي العقول بمقلةٍ مكحولةٍ … بفتور غنجٍ لا فتور نعاس.

**

الشاعر المصري احمد شوقي
لم يشتكي من التعب و الحب، لكن أكثر ما اشتكى منه عيون محبوبته الفاترة فجعلها قصيدته فقال في وصفها:
أداري العيون الفواتر ساجيا … وأشكو لها كيد إنسانها ليا

**

الشاعر صفي الدين الحلي فقال:

كفي القتال.. وفكي قيـــد أســراكِ *** يكفيك ما فعلتْ بالناس عيناكِ
كلت لحاظـك ممـا قـد فـتـكـت بنــا *** فمن ترى في دمِ العشاق أفتاكِ
كملتْ أوصاف حسنٍ غير ناقصةٍ *** لو أن حسنكِ مقرون بحسناكِ

**

أما الشاعر جرير فأبدع حين قال:

إن العيون التي في طرفهــا حـــور *** قتلننا ثم لم يحيين قتـــــــلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به *** وهن أضعف خلق **** إنسانا


**

شكسبير

أي شعر يفوق عيني المرأة في السحر!




/ (/>