افنان
06-22-2018, 11:15 PM
"س"
"س" هي واحده من قريباتي .. ولدت سنة 1962 في موسكو وقت ان كان والدها يعمل هناك ..
لها شقيقة واحدة تصغرها ب 3 سنوات تزوجت قبلها سنة 1985 م من ضابط بحري ينتمي لاسرة عريقة في العسكرية..
"س" جميلة خمرية بضه شعرها اسود ناعم جميل .. مشكلتها عرج خفيف ناجم عن اصابه في حادث وهي صغيرة .. وهذا ما اخر زواجها ..
وقتها كان وصول الفتاة الى عمر 23 عام يعتبر تأخر في سن الزواج ..
حضرت عرس اخت "س" بصفتي ابنة عمة ابلغ من العمر 10 سنوات .. رأيت سهير زكي ترقص فصعدت على المسرح وشاركتها الرقصة وسط تصفيق وتشجيع الحضور .. وقتها لم يكن المعازيم يرقصون في الافراح ولا العروس ولا العريس .. الكل يجلس انيقين متأنقات وكأنهم في دار الاوبرا ... فبدا ما فعلته صرعه جديدة مسليه ..
كانت "س" مأزومة بالتأكيد فها هي شقيتقتها الصغرى تزف وهي ما زالت تنتظر ..
كان بيت خالي والد "س" محط تجمع العائلة فهو الاكبر بين 3 اخوات .. نتجمع في بيته في الاعياد والمناسبات ونقضي ايام هناك فنشئت بيني وبين "س" صداقه عميقه رغم فارق السن الذي يصل الى 13 عاماً ..
وسائل التسلية في تلك الايام كانت محدودة ... التلفزيون الذي يأخذ قيلولة بين الظهر والعصر وينام مبكراً منتصف الليل .. اشرطة الفيديو كاسيت المحدودة .. الراديو او الاستماع الى الاغاني على اشرطة الكاسيت او الاسطوانات القديمة .. الكتب من مكتبة عمي الضخمة ثم مناقشة ما طالعناه .. واخيراً لعب الورق من شايب او بصرة .
رأيت ذان يوم بنت خالي "س" وهي تفتح باب الحمام على واحد من اقاربنا الصغار وهو يستحم وتنظر بفضول !!
كان الامر كما يلي : هو يستحم ويبدو انه لم يغلق باب الحمام كما يفعل الكثير من الاطفال .. هي فتحت الحمام .. رأته .. لم تنسحب وفضلت التمعن فيما ترى .. انا هناك في الركن انظر لها بفضول بدوري ...
ادركت بعد سنوات ان الفضول كان يقتلها لترى وتعرف .. فالامر يشغل بالها بالتأكيد خصوصا بعد زفاف اختها الصغرى .. وقتها لم يكن الامر سهل .. يكفي الان اي فضوليه ان تكتب عن ما تريد ان تراه في محرك البحث وان ترى وتتأمل براحتها ..
مر الامر بسلام ولم يتحدث الصغير وان بدا عليه الانزعاج والحيرة من الحادث واعتقد انه تعلم اغلاق باب الحمام منذ تلك الليلة ..
*********************************** *****
مرة اخرى رأيت "س" ملتصقه بجوار واحد من اقربائنا الذكور في عمر المراهقه يصغرها بسنوات عديدة وهو يقرأ .. كانت تداعب شعر رأسه وهو منسجم كقط لطيف ويواصل القراءة ببراءه .. اثار المشهد تعجبي وتأملي ولم افهم كالعادة الا بعد سنوات ..
كانت "س" قتبله موقوته بالمعنى الحرفي للكلمة .. لدرجة ان واحده من خالاتي استشاطت غضباً ذات مره عندما رأتها نائمه وباب غرفتها مفتوح .. كان ثوبها قد ارتفع لاعلى وظهر فخذاها للعيان .. واحد من ابناء الخالات كان متخشب على باب الغرفة ..
امه ضبطته .. اغلقت الباب .. ثم قرعته بعنف .. سمعتها تقول لزوجها همساً في الهاتف انها ستأخذ اولادها وتغادر فهي لا تريد ان ترى احدهم قد فقد صوابه وهو فوق "س" !!
*********************************** *****
اخيراً خطبت "س" لمهندس شاب وسيم من اسره ميسوره .. كان يهيم بها حباً وهي تستحق بالتأكيد ..
تمت الخطبة في منزلنا لان زوجة خالي كانت خائفه من حسد الجيران او شيء من هذا القبيل ..
كان من الواضح ان ام العريس ليست راضيه عن عرج "س" .. فطلبت رغم يسرهم ان تشارك اسرة "س" في ثمن الشبكة !!
كان طلب غريب ومهين ولكن خالي وزوجته وافقوا ..
"س" كانت سعيدة فلم تشعر بشيء ولم تدع اي معكر يشوب صفو سعادتها في تلك الايام .. خروجات ونزهات وشاب وسيم تتعلق في كتفيه في النادي وامام صاحباتها ..
كانت تغازله بصراحه امامنا فيحمر وجهه .. تقول له ان عمتي (امي) اشترت لها قمصان نوم لو رأيتها على سيطير صوابك!!
فيحمر وجهه خجلاً بينما امي وزوجة خالي و"س" يضحكن بسعادة وكأن ما تقوله طبيعي لا يخجل احد ..
في عصر يوم صيفي دق جرس باب شقتنا فذهبت لافتح الباب .. وجدت شاب وسيم بشارب اصفر يسأل عن والدي او والدتي وفي يده ظرف منتفخ ..
عندما اخبرته انهم غير موجودين .. سألني اذا كان هناك في البيت من هو اكبر مني فنفيت .. ظهر عليه الضيق للحظات ثم قال بعد ان حسم امره فيما يبدو :
- انظري بلغي والدك ووالدتك .. هذا هو المبلغ الذي دفعه والد "س" في شبكة ابنته .. والدة خطيبها تقول لكم ان كل شيء قسمة ونصيب .. عرفتي ما ستقولين ؟!!
قلت والدموع بدات تتجمع في عيني وتضغط عليها بشدة : عرفت !!
اعطاني الظرف وهو ينظر الى عيني باستغراب ثم ذهب ..
كنت ابكي على ما سيصيب صديقتي "س" من حزن .. هكذا وبلا مقدمات من الواضح ان الام انتصرت وانهت الامر ..
عندما عاد ابي وامي اخبرتهم بالامر .. غضبت امي ووصفت تلك الحماه بقسوة القلب واتصلت بها وادهشني هدوئها وقت الاتصال .. حاولت ان تثنيها عن الامر .. قالت ان الولد بيحب البنت وان البنت كويسه وهايله ولا يعيبها عرج خفيف .. قالت انت ستقضين على زيجه رائعه لابنك وستحرمينه من سعادته .. ثم قالت في النهاية بتسليم : نعم كل شيء قسمة ونصيب !!
*********************************
تحملت امي مسؤلية ابلاغ الخبر المؤلم لشقيقها وزوجته .. سحبتني معها وذهبنا الى منزلهم في الزمالك ..
كانت امي تزفر طول الطريق وهي تصف الحماه بالقاسية معدومة الرحمة وصفات اخرى من الصعب كتابتها هنا ..
عندما وصلنا وصتني امي بالا احكي شيء لـ "س" لانها ستمهد للامر مع خالي ..
استقبلتني "س" بالاحضان واخذتني الى غرفتها لتريني ملابس جديدة اشترتها .. شعرت وقتها ان عمري تضاعف عدة مرات من الحزن على صديقتي العزيزة "س" .. سينقلب كل هذا الفرح الى مأتم في قلبها الغض !!
بعد قليل ظهر خالي ومعه امي وزوجته .. نادتني امي وقالت اننا سنذهب الان .. حاولت "س" استبقائنا ولكن امي اعتذرت باعذار مختلقه ..
كان وجه خالي يشي بما يحمله من اخبار مزعجه وقد برزت تجاعيد لم اراها في وجهه من قبل .. اما زوجته فكان وجهها جامد مثل تمثال مصبوب بلا اي تعابير ..
*********************************
رغم كل احزان هاله واحباطها واللعنات التي صبتها على حماتها وحظها العاثر تمكنت من تجاوز الامر في النهاية ..
هي جميلة وشابه وكلما ذهبنا الى النادي او اماكن النزهه مثل القناطر الخيرية او اهرامات الجيزة او المعمورة كانت تلفت انظار الشبان .. لمحات الرثاء لعرجها االخفيف الظاهر كانت محسوسه لكن هذا لم يمنع لمعات الاعجاب بجمالها في عيون الشباب والرجال ..
بعد شهور خطبت "س" لمصري مهاجر يعيش في كندا .. تم الزواج بسرعه وبكيت كثيراً وانا اودعها وهي ذاهبه الى المطار .. خلعت من رقبتها قلادة والبستني اياها .. وقالت هذه هديتي لكي يوم زفافك .. ثم بكت مثلي .
*********************************
لم ارى "س" الا بعد 10 سنوات في كندا .. فعندما كانت تزور مصر كنت اكون خارج مصر والعكس صحيح .. لا تواصل بيننا على الاطلاق طوال 10 سنوات .. فلا انترنت ولا sms والاتصالات صعبه ..
عندما رأيتها كانت هي هي .. وزنها زاد قليلاً ولكن ليس لدرجة السمنة .. قالت لي :
- كبرتي يا بنتي وادورتي واحلويتي
احمر وجهي لان زوجها كان معنا .. قضيت ايام في ضيافتها مع امي وامها قبل ان انتقل الى المجمع الجامعي حيث اتيت لحضور كورس تبادل دراسي ..
لم تكن "س" خجوله .. ذات مره طلبت من زوجها امامنا ان يصعد معها الى فوق لكي تنال حقها !!
امها ضحكت بسعادة .. امي ظهر عليها الاستياء .. زوجها ظهر عليه الخجل .. انا استعدت ذكرياتي القديمة وما كنت تفعله مع الصبيان وخطيبها الاسبق فلم استغرب شيء .
*********************************** ***
مرت سنوات طويلة اخرى وذهبت لزيارتها في شقتها بالقاهرة حيث قدمت في زيارة سريعه ومعها بنتيها منذ ايام .. كالعادة اكدت لي ان احلويت اكتر وانني كلما تقدمت في السن ازددت جمالاً ..
اشتكت لي من برودة الجو في كندا .. قالت لي اتمنى العودة الى مصر وان اعيش في هذه الشقة وان تدرس بناتي هنا ..
لامتني على عدم توافقي مع زوجي .. وهددتني وهي تمزح انها ستأخذ القلادة التي اهدتني اياها منذ ربع قرن اذا لم اتصالح مع زوجي .. وكانت ولا زالت القلادة تحلي نحري ..
كانت ستسافر في اليوم التالي الى كندا ..
قضينا وقت لطيف وغادرت شقتها بعد منتصف الليل .. ودعتني عند باب الشقه امسكت بيدي بقوة واحتضنتني وبكينا بالطبع .. سحيت قطعة بسكويت ويفر من سله بجوار الباب واعطتني اياها وقالت : مثلما كنت اعطيكي وانتي صغيرة ..
*********************************** **
بعد شهور سمعت بالخبر المؤلم ... سيارة "س" انزلقت في واحد من شوارع الضاحية التي تعيش بها .. هناك لا ينيرون الشوارع الجانبية مثلما نفعل في الشرق .. الامطار والتجلد وقلة الضوء جعل عجلة القيادة تفلت منها .. انقلبت السيارة .. البنات كن في المقعد الخلفي لم ينالهم سوء ..
"س" رحلت فور وقوع الحادث ..
بكيتها كثيراً وما زلت ابكي وانا اكتب هذه السطور .. بكيت وانا اتذكر الحلو قبل المر ..
"س" ما زالت قلادتك على نحري .. وما زالت الورقة المفضضه التي تحوي بكسويتة الويفر موجودة بين ضفتي كتاب من كتبي التي طالعناها معاً ذات صيف من سنة 1985...
لعلكي الان في مكان افضل .. كلنا سنكبر ولكن انتي ستظلين صغيره ..
********************************
"س" هي واحده من قريباتي .. ولدت سنة 1962 في موسكو وقت ان كان والدها يعمل هناك ..
لها شقيقة واحدة تصغرها ب 3 سنوات تزوجت قبلها سنة 1985 م من ضابط بحري ينتمي لاسرة عريقة في العسكرية..
"س" جميلة خمرية بضه شعرها اسود ناعم جميل .. مشكلتها عرج خفيف ناجم عن اصابه في حادث وهي صغيرة .. وهذا ما اخر زواجها ..
وقتها كان وصول الفتاة الى عمر 23 عام يعتبر تأخر في سن الزواج ..
حضرت عرس اخت "س" بصفتي ابنة عمة ابلغ من العمر 10 سنوات .. رأيت سهير زكي ترقص فصعدت على المسرح وشاركتها الرقصة وسط تصفيق وتشجيع الحضور .. وقتها لم يكن المعازيم يرقصون في الافراح ولا العروس ولا العريس .. الكل يجلس انيقين متأنقات وكأنهم في دار الاوبرا ... فبدا ما فعلته صرعه جديدة مسليه ..
كانت "س" مأزومة بالتأكيد فها هي شقيتقتها الصغرى تزف وهي ما زالت تنتظر ..
كان بيت خالي والد "س" محط تجمع العائلة فهو الاكبر بين 3 اخوات .. نتجمع في بيته في الاعياد والمناسبات ونقضي ايام هناك فنشئت بيني وبين "س" صداقه عميقه رغم فارق السن الذي يصل الى 13 عاماً ..
وسائل التسلية في تلك الايام كانت محدودة ... التلفزيون الذي يأخذ قيلولة بين الظهر والعصر وينام مبكراً منتصف الليل .. اشرطة الفيديو كاسيت المحدودة .. الراديو او الاستماع الى الاغاني على اشرطة الكاسيت او الاسطوانات القديمة .. الكتب من مكتبة عمي الضخمة ثم مناقشة ما طالعناه .. واخيراً لعب الورق من شايب او بصرة .
رأيت ذان يوم بنت خالي "س" وهي تفتح باب الحمام على واحد من اقاربنا الصغار وهو يستحم وتنظر بفضول !!
كان الامر كما يلي : هو يستحم ويبدو انه لم يغلق باب الحمام كما يفعل الكثير من الاطفال .. هي فتحت الحمام .. رأته .. لم تنسحب وفضلت التمعن فيما ترى .. انا هناك في الركن انظر لها بفضول بدوري ...
ادركت بعد سنوات ان الفضول كان يقتلها لترى وتعرف .. فالامر يشغل بالها بالتأكيد خصوصا بعد زفاف اختها الصغرى .. وقتها لم يكن الامر سهل .. يكفي الان اي فضوليه ان تكتب عن ما تريد ان تراه في محرك البحث وان ترى وتتأمل براحتها ..
مر الامر بسلام ولم يتحدث الصغير وان بدا عليه الانزعاج والحيرة من الحادث واعتقد انه تعلم اغلاق باب الحمام منذ تلك الليلة ..
*********************************** *****
مرة اخرى رأيت "س" ملتصقه بجوار واحد من اقربائنا الذكور في عمر المراهقه يصغرها بسنوات عديدة وهو يقرأ .. كانت تداعب شعر رأسه وهو منسجم كقط لطيف ويواصل القراءة ببراءه .. اثار المشهد تعجبي وتأملي ولم افهم كالعادة الا بعد سنوات ..
كانت "س" قتبله موقوته بالمعنى الحرفي للكلمة .. لدرجة ان واحده من خالاتي استشاطت غضباً ذات مره عندما رأتها نائمه وباب غرفتها مفتوح .. كان ثوبها قد ارتفع لاعلى وظهر فخذاها للعيان .. واحد من ابناء الخالات كان متخشب على باب الغرفة ..
امه ضبطته .. اغلقت الباب .. ثم قرعته بعنف .. سمعتها تقول لزوجها همساً في الهاتف انها ستأخذ اولادها وتغادر فهي لا تريد ان ترى احدهم قد فقد صوابه وهو فوق "س" !!
*********************************** *****
اخيراً خطبت "س" لمهندس شاب وسيم من اسره ميسوره .. كان يهيم بها حباً وهي تستحق بالتأكيد ..
تمت الخطبة في منزلنا لان زوجة خالي كانت خائفه من حسد الجيران او شيء من هذا القبيل ..
كان من الواضح ان ام العريس ليست راضيه عن عرج "س" .. فطلبت رغم يسرهم ان تشارك اسرة "س" في ثمن الشبكة !!
كان طلب غريب ومهين ولكن خالي وزوجته وافقوا ..
"س" كانت سعيدة فلم تشعر بشيء ولم تدع اي معكر يشوب صفو سعادتها في تلك الايام .. خروجات ونزهات وشاب وسيم تتعلق في كتفيه في النادي وامام صاحباتها ..
كانت تغازله بصراحه امامنا فيحمر وجهه .. تقول له ان عمتي (امي) اشترت لها قمصان نوم لو رأيتها على سيطير صوابك!!
فيحمر وجهه خجلاً بينما امي وزوجة خالي و"س" يضحكن بسعادة وكأن ما تقوله طبيعي لا يخجل احد ..
في عصر يوم صيفي دق جرس باب شقتنا فذهبت لافتح الباب .. وجدت شاب وسيم بشارب اصفر يسأل عن والدي او والدتي وفي يده ظرف منتفخ ..
عندما اخبرته انهم غير موجودين .. سألني اذا كان هناك في البيت من هو اكبر مني فنفيت .. ظهر عليه الضيق للحظات ثم قال بعد ان حسم امره فيما يبدو :
- انظري بلغي والدك ووالدتك .. هذا هو المبلغ الذي دفعه والد "س" في شبكة ابنته .. والدة خطيبها تقول لكم ان كل شيء قسمة ونصيب .. عرفتي ما ستقولين ؟!!
قلت والدموع بدات تتجمع في عيني وتضغط عليها بشدة : عرفت !!
اعطاني الظرف وهو ينظر الى عيني باستغراب ثم ذهب ..
كنت ابكي على ما سيصيب صديقتي "س" من حزن .. هكذا وبلا مقدمات من الواضح ان الام انتصرت وانهت الامر ..
عندما عاد ابي وامي اخبرتهم بالامر .. غضبت امي ووصفت تلك الحماه بقسوة القلب واتصلت بها وادهشني هدوئها وقت الاتصال .. حاولت ان تثنيها عن الامر .. قالت ان الولد بيحب البنت وان البنت كويسه وهايله ولا يعيبها عرج خفيف .. قالت انت ستقضين على زيجه رائعه لابنك وستحرمينه من سعادته .. ثم قالت في النهاية بتسليم : نعم كل شيء قسمة ونصيب !!
*********************************
تحملت امي مسؤلية ابلاغ الخبر المؤلم لشقيقها وزوجته .. سحبتني معها وذهبنا الى منزلهم في الزمالك ..
كانت امي تزفر طول الطريق وهي تصف الحماه بالقاسية معدومة الرحمة وصفات اخرى من الصعب كتابتها هنا ..
عندما وصلنا وصتني امي بالا احكي شيء لـ "س" لانها ستمهد للامر مع خالي ..
استقبلتني "س" بالاحضان واخذتني الى غرفتها لتريني ملابس جديدة اشترتها .. شعرت وقتها ان عمري تضاعف عدة مرات من الحزن على صديقتي العزيزة "س" .. سينقلب كل هذا الفرح الى مأتم في قلبها الغض !!
بعد قليل ظهر خالي ومعه امي وزوجته .. نادتني امي وقالت اننا سنذهب الان .. حاولت "س" استبقائنا ولكن امي اعتذرت باعذار مختلقه ..
كان وجه خالي يشي بما يحمله من اخبار مزعجه وقد برزت تجاعيد لم اراها في وجهه من قبل .. اما زوجته فكان وجهها جامد مثل تمثال مصبوب بلا اي تعابير ..
*********************************
رغم كل احزان هاله واحباطها واللعنات التي صبتها على حماتها وحظها العاثر تمكنت من تجاوز الامر في النهاية ..
هي جميلة وشابه وكلما ذهبنا الى النادي او اماكن النزهه مثل القناطر الخيرية او اهرامات الجيزة او المعمورة كانت تلفت انظار الشبان .. لمحات الرثاء لعرجها االخفيف الظاهر كانت محسوسه لكن هذا لم يمنع لمعات الاعجاب بجمالها في عيون الشباب والرجال ..
بعد شهور خطبت "س" لمصري مهاجر يعيش في كندا .. تم الزواج بسرعه وبكيت كثيراً وانا اودعها وهي ذاهبه الى المطار .. خلعت من رقبتها قلادة والبستني اياها .. وقالت هذه هديتي لكي يوم زفافك .. ثم بكت مثلي .
*********************************
لم ارى "س" الا بعد 10 سنوات في كندا .. فعندما كانت تزور مصر كنت اكون خارج مصر والعكس صحيح .. لا تواصل بيننا على الاطلاق طوال 10 سنوات .. فلا انترنت ولا sms والاتصالات صعبه ..
عندما رأيتها كانت هي هي .. وزنها زاد قليلاً ولكن ليس لدرجة السمنة .. قالت لي :
- كبرتي يا بنتي وادورتي واحلويتي
احمر وجهي لان زوجها كان معنا .. قضيت ايام في ضيافتها مع امي وامها قبل ان انتقل الى المجمع الجامعي حيث اتيت لحضور كورس تبادل دراسي ..
لم تكن "س" خجوله .. ذات مره طلبت من زوجها امامنا ان يصعد معها الى فوق لكي تنال حقها !!
امها ضحكت بسعادة .. امي ظهر عليها الاستياء .. زوجها ظهر عليه الخجل .. انا استعدت ذكرياتي القديمة وما كنت تفعله مع الصبيان وخطيبها الاسبق فلم استغرب شيء .
*********************************** ***
مرت سنوات طويلة اخرى وذهبت لزيارتها في شقتها بالقاهرة حيث قدمت في زيارة سريعه ومعها بنتيها منذ ايام .. كالعادة اكدت لي ان احلويت اكتر وانني كلما تقدمت في السن ازددت جمالاً ..
اشتكت لي من برودة الجو في كندا .. قالت لي اتمنى العودة الى مصر وان اعيش في هذه الشقة وان تدرس بناتي هنا ..
لامتني على عدم توافقي مع زوجي .. وهددتني وهي تمزح انها ستأخذ القلادة التي اهدتني اياها منذ ربع قرن اذا لم اتصالح مع زوجي .. وكانت ولا زالت القلادة تحلي نحري ..
كانت ستسافر في اليوم التالي الى كندا ..
قضينا وقت لطيف وغادرت شقتها بعد منتصف الليل .. ودعتني عند باب الشقه امسكت بيدي بقوة واحتضنتني وبكينا بالطبع .. سحيت قطعة بسكويت ويفر من سله بجوار الباب واعطتني اياها وقالت : مثلما كنت اعطيكي وانتي صغيرة ..
*********************************** **
بعد شهور سمعت بالخبر المؤلم ... سيارة "س" انزلقت في واحد من شوارع الضاحية التي تعيش بها .. هناك لا ينيرون الشوارع الجانبية مثلما نفعل في الشرق .. الامطار والتجلد وقلة الضوء جعل عجلة القيادة تفلت منها .. انقلبت السيارة .. البنات كن في المقعد الخلفي لم ينالهم سوء ..
"س" رحلت فور وقوع الحادث ..
بكيتها كثيراً وما زلت ابكي وانا اكتب هذه السطور .. بكيت وانا اتذكر الحلو قبل المر ..
"س" ما زالت قلادتك على نحري .. وما زالت الورقة المفضضه التي تحوي بكسويتة الويفر موجودة بين ضفتي كتاب من كتبي التي طالعناها معاً ذات صيف من سنة 1985...
لعلكي الان في مكان افضل .. كلنا سنكبر ولكن انتي ستظلين صغيره ..
********************************