كس رجالي
07-03-2020, 01:40 AM
الزمن
لو أتيح لكم السفر عبر الزمن.. أي زمن ترغبون بزيارته؟.. او ربما البقاء و العيش فيه..
ربما تظنون إنني قد جننت.. لقد جن أخيرا و من الأفضل ايداعه مصحة الأمراض العقلية بسرعة قبل أن يؤذي نفسه.. أو من حوله.....
ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذه الخواطر.. فلست أنا من تلك النوعية من البشر.. ممن يحملون قلما و مذكرات لتدوين حياتهم البائسة..عشت حياتي في صمت أحاول ان أدفع اليوم.. كل يوم.. لنهايته..
شارفت علي إنهاء مشروع حياتي.. آلة الزمن.. باقي فقط بضع قطع طلبتها من دولة أخرى لتركيبها في آلتي.. قطع تافهة لكنني آثرت احضارها من دول مختلفة حتي لا أثير الشبهات.. فالسلطات لا ترحم.. ربما هم يرتابون بالفعل.. ربما تم تركيب كاميرات هنا أو هناك لمراقبتي.. هل ينظر مذيع النشرة في اتجاهي أم هي مصادفة.. لن اهتم الآن فقد شارفت علي الهروب من واقعي المشؤوم..
هل أعود الي ماضي أنا.. ربما أحمل معي صحفا بها نتائج المباريات و اشترك في مسابقات و رهانات عديدة و أجني أموالا طائلة.. ربما أهب نفسي لخدمة دولة ما من الدول المتحاربة و أطلعها علي نتيجة الحرب و معاركها.. ربما أطلع هتلر علي طريقة صنع القنبلة النووية.. صمت عقلي للحظة مفكرا.. هل أنا بهذا السوء؟؟!! مع القوة المطلقة التي تمنحها لي هذه الآلة لابد من قدر معقول من المسئولية و الا لتحولت آلتي الي سلاح لا يرحم..
تخيلت آلتي في يد تاجر مخدرات او قاتل محترف.. اذا أراد قتل شخص ما ما عليه الا ان يسافر الي الماضي السحيق و يقتل ربما الجد الرابع او الخامس لهذا الشخص.. بهذه السهولة.. أعرف ربما شخصا او شخصين بحاجة الي هذة الخدمة.. تأملت يدي الملطخة بالدماء و هززتها بسرعة نافضا هذه الفكرة من رأسي..
اتصلت علي شركة الشحن.. لقد وصلت القطع الناقصة و هي الآن في الطريق مع مندوب التوصيل.. نهضت مسرعا و اغلقت خلفي باب الغرفة بإحكام.. لابد أن لا يعرف أي شخص بهذه الآلة مهما حدث..
فتحت الباب لأتفقد شقق جيراني.. هدوء مطبق يخيم علي البناية.. تتهادي إلي بعض اصوات الشجار البعيدة من الدور العلوي.. لابد أنه هشام و زوجته.. تزوجوا حديثا و مازالوا يحاولون التأقلم علي الحياة الجديدة.. اغلقت الباب و انتظرت..
لابد أنه قد مرت ساعة علي الأقل فقد غفوت في الكرسي.. دق الباب ثانية ليعود عقلي بكامل طاقته إلي العمل فورا.. نهضت متألما و فتحت الباب.. شاب في العشرين ربما معه صندوقين صغيرين.. وقعت له علي إيصال الإستلام و رفعت عيني فوجدته ينظر إلي بريبة.. هل هو معهم؟؟ هل فتح الصناديق و عرف ما بها؟؟ هل ارتعشت يدي و هي تعطيه المبلغ المكتوب؟؟.. الحمد لله أن هذه العملية لم تأخذ الا دقيقتين علي أقصي تقدير و إلا لتوقف قلبي من فرط الإنفعال..
لم يفتني أن انظر من شباك غرفتي المغلق جزئيا لأراه يغادر مسرعا.. إن بعض الظن إثم.. هل أصبحت مريضا بالشك إلى هذه الدرجة.. هل من الحكمة أن تكون أول آلة زمن في التاريخ في يد مريض نفسي؟؟؟!!..
لا يوجد وقت لهذا الهراء.. خطأ واحد بسيط من الممكن أن يؤدي الي عواقب وخيمة.. ربما أفقد حياتي أو أسوأ.. هل هناك ما هو أسوأ؟؟ طبعا.. تخيلت رحلة بلا عودة الي عصر الديناصورات أو وقوعي في يد المغول أو محاكم التفتيش الإسبانية.. سرت قشعريرة باردة علي عمودي الفقري.. لا.. لا يمكن أن يكون حظي بذلك السوء أبدا..
٢
يكاد رأسي أن ينفجر تحت وطأة التفكير.. لابد أن أقوم بتركيب القطع حالا قبل أن أجن.. هل أكلت شيئا منذ الصباح.. لا أعتقد.. و لكني لست أشعر بأي جوع.. يزداد صوت الشجار ارتفاعا.. لا أعرف لماذا يتزوج البعض.. هل هي الحاجة الفسيولوجية لشريك؟؟ هل هي الرغبة في عدم الموت وحيدا؟؟ لا أعرف.. و لا أعتقد إني سأعرف يوما ما.. فقد تخطيت عامي الأربعين هذا الشهر و لم أشعر قط برغبة في الزواج.. ربما هو الخوف من الارتباط.. الخوف من الإنفصال.. الخوف من المجهول.. لن أعرف أبدا..
يتردد أذان المغرب مؤذنا بقرب انتهاء اليوم.. لم أكن متدينا يوما ما.. كنت دوما متشككا.. راغبا في الإيمان و التصديق لكن أجد نفسي عاجزا عن الوقوف بين يدي خالقي.. نعم انا اؤمن بوجود خالق لهذا الكون المنمق الفسيح.. لكن.. دق جرس الهاتف.. لابد أنها سلمي تريد معرفة اذا كنت مازلت حيا.. أين كنت أنا.. نعم كنت أفكر في الخالق المبدع.. هل أعود بالزمن لأشهد نشأة الكون.. فكرة رائعة.. حتي يطمئن قلبي.. حتي أري بعيني بداية الخلق.. لا أعتقد أن الخالق يخضع لنفس قوانين الفيزياء.. هو من خلق تلك القوانين أصلا..
شارفت على الإنتهاء.. و لكن.. كان أبي دوما يقول لي أن النوم سلطان.. يأمر فيطاع.. سأحاول أن أنام قليلا بعد تركيب بعض البراغي.. بطني تصرخ جوعا.. أكلت رغيفا بجبن و شربت قليلا من الماء و وضعت رأسي علي المخدة.. هل أقوم غدا بتجربة الآلة؟؟ معرفتي بالتاريخ ليست ضحلة اطلاقا فقد قرأت العديد من كتب المؤرخين كمحاولة مني لإختيار وجهتي القادمة.. التاريخ البشري مأساوي نوعا ما.. حروب و دمار و قتل في أغلب حقباته.. هدأ صوت الشجار.. هدأت كل الأصوات من حولي.. ساد السكون.. السكووووون..
لو أتيح لكم السفر عبر الزمن.. أي زمن ترغبون بزيارته؟.. او ربما البقاء و العيش فيه..
ربما تظنون إنني قد جننت.. لقد جن أخيرا و من الأفضل ايداعه مصحة الأمراض العقلية بسرعة قبل أن يؤذي نفسه.. أو من حوله.....
ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذه الخواطر.. فلست أنا من تلك النوعية من البشر.. ممن يحملون قلما و مذكرات لتدوين حياتهم البائسة..عشت حياتي في صمت أحاول ان أدفع اليوم.. كل يوم.. لنهايته..
شارفت علي إنهاء مشروع حياتي.. آلة الزمن.. باقي فقط بضع قطع طلبتها من دولة أخرى لتركيبها في آلتي.. قطع تافهة لكنني آثرت احضارها من دول مختلفة حتي لا أثير الشبهات.. فالسلطات لا ترحم.. ربما هم يرتابون بالفعل.. ربما تم تركيب كاميرات هنا أو هناك لمراقبتي.. هل ينظر مذيع النشرة في اتجاهي أم هي مصادفة.. لن اهتم الآن فقد شارفت علي الهروب من واقعي المشؤوم..
هل أعود الي ماضي أنا.. ربما أحمل معي صحفا بها نتائج المباريات و اشترك في مسابقات و رهانات عديدة و أجني أموالا طائلة.. ربما أهب نفسي لخدمة دولة ما من الدول المتحاربة و أطلعها علي نتيجة الحرب و معاركها.. ربما أطلع هتلر علي طريقة صنع القنبلة النووية.. صمت عقلي للحظة مفكرا.. هل أنا بهذا السوء؟؟!! مع القوة المطلقة التي تمنحها لي هذه الآلة لابد من قدر معقول من المسئولية و الا لتحولت آلتي الي سلاح لا يرحم..
تخيلت آلتي في يد تاجر مخدرات او قاتل محترف.. اذا أراد قتل شخص ما ما عليه الا ان يسافر الي الماضي السحيق و يقتل ربما الجد الرابع او الخامس لهذا الشخص.. بهذه السهولة.. أعرف ربما شخصا او شخصين بحاجة الي هذة الخدمة.. تأملت يدي الملطخة بالدماء و هززتها بسرعة نافضا هذه الفكرة من رأسي..
اتصلت علي شركة الشحن.. لقد وصلت القطع الناقصة و هي الآن في الطريق مع مندوب التوصيل.. نهضت مسرعا و اغلقت خلفي باب الغرفة بإحكام.. لابد أن لا يعرف أي شخص بهذه الآلة مهما حدث..
فتحت الباب لأتفقد شقق جيراني.. هدوء مطبق يخيم علي البناية.. تتهادي إلي بعض اصوات الشجار البعيدة من الدور العلوي.. لابد أنه هشام و زوجته.. تزوجوا حديثا و مازالوا يحاولون التأقلم علي الحياة الجديدة.. اغلقت الباب و انتظرت..
لابد أنه قد مرت ساعة علي الأقل فقد غفوت في الكرسي.. دق الباب ثانية ليعود عقلي بكامل طاقته إلي العمل فورا.. نهضت متألما و فتحت الباب.. شاب في العشرين ربما معه صندوقين صغيرين.. وقعت له علي إيصال الإستلام و رفعت عيني فوجدته ينظر إلي بريبة.. هل هو معهم؟؟ هل فتح الصناديق و عرف ما بها؟؟ هل ارتعشت يدي و هي تعطيه المبلغ المكتوب؟؟.. الحمد لله أن هذه العملية لم تأخذ الا دقيقتين علي أقصي تقدير و إلا لتوقف قلبي من فرط الإنفعال..
لم يفتني أن انظر من شباك غرفتي المغلق جزئيا لأراه يغادر مسرعا.. إن بعض الظن إثم.. هل أصبحت مريضا بالشك إلى هذه الدرجة.. هل من الحكمة أن تكون أول آلة زمن في التاريخ في يد مريض نفسي؟؟؟!!..
لا يوجد وقت لهذا الهراء.. خطأ واحد بسيط من الممكن أن يؤدي الي عواقب وخيمة.. ربما أفقد حياتي أو أسوأ.. هل هناك ما هو أسوأ؟؟ طبعا.. تخيلت رحلة بلا عودة الي عصر الديناصورات أو وقوعي في يد المغول أو محاكم التفتيش الإسبانية.. سرت قشعريرة باردة علي عمودي الفقري.. لا.. لا يمكن أن يكون حظي بذلك السوء أبدا..
٢
يكاد رأسي أن ينفجر تحت وطأة التفكير.. لابد أن أقوم بتركيب القطع حالا قبل أن أجن.. هل أكلت شيئا منذ الصباح.. لا أعتقد.. و لكني لست أشعر بأي جوع.. يزداد صوت الشجار ارتفاعا.. لا أعرف لماذا يتزوج البعض.. هل هي الحاجة الفسيولوجية لشريك؟؟ هل هي الرغبة في عدم الموت وحيدا؟؟ لا أعرف.. و لا أعتقد إني سأعرف يوما ما.. فقد تخطيت عامي الأربعين هذا الشهر و لم أشعر قط برغبة في الزواج.. ربما هو الخوف من الارتباط.. الخوف من الإنفصال.. الخوف من المجهول.. لن أعرف أبدا..
يتردد أذان المغرب مؤذنا بقرب انتهاء اليوم.. لم أكن متدينا يوما ما.. كنت دوما متشككا.. راغبا في الإيمان و التصديق لكن أجد نفسي عاجزا عن الوقوف بين يدي خالقي.. نعم انا اؤمن بوجود خالق لهذا الكون المنمق الفسيح.. لكن.. دق جرس الهاتف.. لابد أنها سلمي تريد معرفة اذا كنت مازلت حيا.. أين كنت أنا.. نعم كنت أفكر في الخالق المبدع.. هل أعود بالزمن لأشهد نشأة الكون.. فكرة رائعة.. حتي يطمئن قلبي.. حتي أري بعيني بداية الخلق.. لا أعتقد أن الخالق يخضع لنفس قوانين الفيزياء.. هو من خلق تلك القوانين أصلا..
شارفت على الإنتهاء.. و لكن.. كان أبي دوما يقول لي أن النوم سلطان.. يأمر فيطاع.. سأحاول أن أنام قليلا بعد تركيب بعض البراغي.. بطني تصرخ جوعا.. أكلت رغيفا بجبن و شربت قليلا من الماء و وضعت رأسي علي المخدة.. هل أقوم غدا بتجربة الآلة؟؟ معرفتي بالتاريخ ليست ضحلة اطلاقا فقد قرأت العديد من كتب المؤرخين كمحاولة مني لإختيار وجهتي القادمة.. التاريخ البشري مأساوي نوعا ما.. حروب و دمار و قتل في أغلب حقباته.. هدأ صوت الشجار.. هدأت كل الأصوات من حولي.. ساد السكون.. السكووووون..