وسام الكمال
06-02-2018, 05:25 PM
الحب والغفران
كنت امشي في شارع قصر النيل .. اسحب بيدي اليمنى صغيرتي وبيدي اليسرى صغيري .. لا ارى ما امامي .. دموع حمقاء زجاجيه تجمعت في عيني وابت ان تسيل منها ..
حاول الكثيرون والكثيرات ممن تعرفوا علي استيقافي للسلام او القاء التحيه ولكني تجاهلتهم ..
شكلي المضطرب وابنائي الذين كنت اسحبهم خلفي ربما جعلهم كل ذلك يعذروني .. ثم ان الناس سنة 1992 كانوا اكثر لطفاً من الان .. حقاً كانوا اكثر لطفاً ..
شعرت بمدى ارهاق الصغيرين من سحبي اياهم بهذه الطريقة ومن طول الطريق .. فاشرت الى تاكسي وعدنا الى البيت ..
------------------------------------------------------------
قبل ذلك بساعتين كنت ازور شقيقتي الصغرى ومعي اولادي .. حملت الهدايا كالمعتاد وقدمت لها ما تيسر معي من المال فتقبلته شاكره ..
على مائدة الغداء حضر زوجها الذي لم يكن يطيقني وان كان يطيق مالي وهداياي !!
قال ابن شقيقتي بعفوية : انا بحب افلامك يا طنط امبارح شفت فيلم ليكي بس زعلت علشان البطل باسك !!
شعرت بالاضطراب وانا انظر لصغاري .. أحمد صغير في الخامسه ولا يفقه شيء .. دينا ذات الثماني عشرا ربيعاً كانت المشكلة فنظرتها كانت تحمل شيء من الالم الذي لا احتمله ...
قالت شقيقتي وهي تزغد صغيرها من تحت الطاولة : بيحطوا لوح قزاز يا حبيبي بين البطل والبطلة هههه شغل افلام ..
ثم وضعت معلقة ممتلئة بالخضار والارز في فمه لتسده ..
رماني زوج شقيقتي بنظرة ناريه وقام وهو يقول : يتوب علينا ربنا !!
بعد الغداء ومع فناجين الشاي وبينما الاولاد والبنات مشغولين بامورهم بعيداً وشقيقتي تراقب صينية البسبوسة في الفرن كانت فرصة زوج اختي ..
- ابنك احمد دلوقتي خمس سنين .. منظرك وانتي بتبصي ليه بخوف لما الواد المفعوص اتكلم عن البوسه هو عنوان مستقبلك معاه .. لما يكبر ويبقى راجل وشنبه يخط حتواجهيه ازاي بافلامك واللي فيها من بوس واحضان ولبس قصير وشفاف وحموم علني !!
- ما سهام قالت كله تمثيل وخدع
- هه خدع !! بقولك ابنك حيبقى راجل مش عيل تضحكي عليه بكلمتين !! انا بتكسف لما تيجي تزورينا من كلام الجيران !!
قلت وانا اقوم بعصبيه : ومش بتنكسف ليه من اللي بجيبه معايا !!
رد بهدوء : ده شيء بينك وبين اختك وانا محبش قطع صلة الرحم ..
اتجهت بعصبيه الى حيث الاولاد والبنات في لحظة خروج شقيقتي من المطبخ .. لاحظت عصبيتي واضطرابي ..
- خير مااااالك !!
- مافيش انا ماشيه ..
سحبت الاولاد بعصبيه ونزلت من الشقه وصوتها يلاحقني وهي تستحلفني بكل غالي ان ابقى ثم دعت على من نكد علي وعليها ..
تجاهلت سيارتي امام باب البيت ومشيت تجاه وسط البلد وانا اسحب صغاري .. كنت اريد ان امشي .. امشي فقط
-----------------------------------------------------------
في مساء نفس اليوم جأني امر عمل من الريجسير ينبهني بموعد تصوير في مساء الغد في فيلمي الاخير ..
لم يكن لدي رغبه حقيقيه في الذهاب ..
امر العمل ازعجني .. يتضمن رقم المشهد والملابس المكررة التي يستحيل التصوير دون ان ارتديها (يسمونها راكور) وكانت مجرد قميص نوم !!
المخرجين يعلمون اني احب اخلاء البلاتوه اثناء تصوير تلك المشاهد .. ويعرفون اني متطلبه لا احب اي حركه خلف الكاميرا وانا امثل ..
مقابل ذلك هم يعرفون اني ارتدي كل ما يطلب مني بدون اي تحفظ .. اتصور تحت الدش .. في البانيو .. على شاطيء البحر .. في السرير .. اي مكان انا موجودة ..
ذات مره احضر لي المنتج ثياب بحر بنفس لون بشرتي وطلب مني ارتدائها تحت الدش .. بدوت عاريه في الفيلم وانا لست عاريه .. من يركز قليلاً سيرى لباس البحر .. انقذتني الرقابه وحذفت المشهد برغم انهم تيقنوا من ارتدائي لشيء ما !!
لا امانع في تبادل القبل مع الممثلين .. عندما طلب مني مخرج ان استحسن قبلة احدهم واقول بابتذال بعدها : اللــــــــــــــه عسل .. فعلت رغم تقززي !!
انا لا ارفض اي شيء .. انا نجمة .. افلامي تحقق ايرادات ضخمه .. جمهوري يحبني .. رجال ونساء .. فانا بالرغم من كل شيء ممثلة موهوبه بالفطرة ..
-------------------------------------------------------
رفضت انهاء الفيلم .. احدث رفضي ضجه وانزعاج كبير في دوائر لم اتخيل انها تنزعج لواحده مثلي ..
قرر المخرج الاستعانه بدوبلير بديله تشبهني .. استخدم اللقطات العامه الواسعه .. صورها من ظهرها في اللقطات المقربه .. استعان بارشيفي لاستكمال بعض اللقطات .. ركب حوارات بصوتي من افلامي القديمه ..بذل مجهود كبير لينقذ الفيلم ومنتجه من الافلاس !!
ولكني لم اتراجع عن قراري ..
بعد اقل من شهرين توفت ممثله موهوبة صغيرة لم تتجاوز الثلاثين الا بعامين .. كانت قد توقفت عن التمثيل مثلي منذ شهور ..
فادركت انني على الطريق الصحيح ..
انا مريضة بالقلب منذ ان كنت في العشرينات من عمري .. حياة السهر والتدخين والشرب اصابتني بازمات متلاحقه ..
اريد ان ارتاح قليلاً ..
افتتح محل بيع زهور .. لا لا .. افتتح محل تصميم ديكورات .. اللعنه انا لا اجيد الا التمثيل !!
------------------------------------------------------------------------
بالرغم من كل الضغوطات التي مورست معي لم اعود للتمثيل ..
ومرت ثلاث سنوات .. زوجت صغيرتي دينا .. اشترى عريسها شقة تواجه شقتي .. لم تبتعد كثيراً اذاً ..
النجومية ادمان ولقد استطعت المرور بفترات الانسحاب اللعينة وتخلصت منها .. زوج ابنتي تولى ادارة مدخراتي القليله ونماها بسهولة ..
احمد كبر .. عمره الان ثماني سنوات .. والده يزوره كل خميس .. اما والد دينا فكان يكتفي بارسال مصروفاتها ويراها في الاعياد وبالكاد حضر زفافها ..
يراني احمد احياناً في التلفاز .. رقابته المتشددة باتت اكثر تسامحاً مع افلامي !!
سيأتي يوم ويفهم اني ابتعدت من اجله .. اتمنى ان لا ارى تلك النظرة التي رأيتها ذات يوم في عيون دينا ترتسم على عينيه .. اريده ان يفتخر بي .. لا لا .. اريده ان يحبني .. لا اريد ان يعيره احد بي .. انا ام رائعه .. انا ام رائعه يا صغيري !!
--------------------------------------------------------------------------
رمضان - شتاء 1997
تناولت السحور مع أحمد ودينا وزوجها .. ادينا الفرض ..
ذهبت الى مخدعي واستلقيت .. اشعر براحه وصفاء عجيبين .. لا احمل هم أحمد ولا دينا ..
الماضي نسيته بكل الامه واحزانه وزيجاته وافلامه واضواءه ونجوميته ..
المستقبل يتلخص في أحمد ودينا واحلامي الصغيرة التي لم تتحقق ربما سوف تتحقق فيهم ..
لم اعد ابالي فانا مطمئنه ..
اعلم انني من الصعب ان أُنسى ..
لن ينساني الناس .. وانا احب حبهم لي .. سيغفرون لي وسيغفر لي صغيري كما غفرت لي دينا ..
لعل هذا الحب والغفران ابقى من تلك النجمه التي لمعت لفترة ..
غمرني شعور بالطمأنينه والسلام ..
وغفوت مرة اخرى واخيرة وانا اسبح في بحر هادئ الشطئان تظللني فيه سحب من الحب والغفران ..
كنت امشي في شارع قصر النيل .. اسحب بيدي اليمنى صغيرتي وبيدي اليسرى صغيري .. لا ارى ما امامي .. دموع حمقاء زجاجيه تجمعت في عيني وابت ان تسيل منها ..
حاول الكثيرون والكثيرات ممن تعرفوا علي استيقافي للسلام او القاء التحيه ولكني تجاهلتهم ..
شكلي المضطرب وابنائي الذين كنت اسحبهم خلفي ربما جعلهم كل ذلك يعذروني .. ثم ان الناس سنة 1992 كانوا اكثر لطفاً من الان .. حقاً كانوا اكثر لطفاً ..
شعرت بمدى ارهاق الصغيرين من سحبي اياهم بهذه الطريقة ومن طول الطريق .. فاشرت الى تاكسي وعدنا الى البيت ..
------------------------------------------------------------
قبل ذلك بساعتين كنت ازور شقيقتي الصغرى ومعي اولادي .. حملت الهدايا كالمعتاد وقدمت لها ما تيسر معي من المال فتقبلته شاكره ..
على مائدة الغداء حضر زوجها الذي لم يكن يطيقني وان كان يطيق مالي وهداياي !!
قال ابن شقيقتي بعفوية : انا بحب افلامك يا طنط امبارح شفت فيلم ليكي بس زعلت علشان البطل باسك !!
شعرت بالاضطراب وانا انظر لصغاري .. أحمد صغير في الخامسه ولا يفقه شيء .. دينا ذات الثماني عشرا ربيعاً كانت المشكلة فنظرتها كانت تحمل شيء من الالم الذي لا احتمله ...
قالت شقيقتي وهي تزغد صغيرها من تحت الطاولة : بيحطوا لوح قزاز يا حبيبي بين البطل والبطلة هههه شغل افلام ..
ثم وضعت معلقة ممتلئة بالخضار والارز في فمه لتسده ..
رماني زوج شقيقتي بنظرة ناريه وقام وهو يقول : يتوب علينا ربنا !!
بعد الغداء ومع فناجين الشاي وبينما الاولاد والبنات مشغولين بامورهم بعيداً وشقيقتي تراقب صينية البسبوسة في الفرن كانت فرصة زوج اختي ..
- ابنك احمد دلوقتي خمس سنين .. منظرك وانتي بتبصي ليه بخوف لما الواد المفعوص اتكلم عن البوسه هو عنوان مستقبلك معاه .. لما يكبر ويبقى راجل وشنبه يخط حتواجهيه ازاي بافلامك واللي فيها من بوس واحضان ولبس قصير وشفاف وحموم علني !!
- ما سهام قالت كله تمثيل وخدع
- هه خدع !! بقولك ابنك حيبقى راجل مش عيل تضحكي عليه بكلمتين !! انا بتكسف لما تيجي تزورينا من كلام الجيران !!
قلت وانا اقوم بعصبيه : ومش بتنكسف ليه من اللي بجيبه معايا !!
رد بهدوء : ده شيء بينك وبين اختك وانا محبش قطع صلة الرحم ..
اتجهت بعصبيه الى حيث الاولاد والبنات في لحظة خروج شقيقتي من المطبخ .. لاحظت عصبيتي واضطرابي ..
- خير مااااالك !!
- مافيش انا ماشيه ..
سحبت الاولاد بعصبيه ونزلت من الشقه وصوتها يلاحقني وهي تستحلفني بكل غالي ان ابقى ثم دعت على من نكد علي وعليها ..
تجاهلت سيارتي امام باب البيت ومشيت تجاه وسط البلد وانا اسحب صغاري .. كنت اريد ان امشي .. امشي فقط
-----------------------------------------------------------
في مساء نفس اليوم جأني امر عمل من الريجسير ينبهني بموعد تصوير في مساء الغد في فيلمي الاخير ..
لم يكن لدي رغبه حقيقيه في الذهاب ..
امر العمل ازعجني .. يتضمن رقم المشهد والملابس المكررة التي يستحيل التصوير دون ان ارتديها (يسمونها راكور) وكانت مجرد قميص نوم !!
المخرجين يعلمون اني احب اخلاء البلاتوه اثناء تصوير تلك المشاهد .. ويعرفون اني متطلبه لا احب اي حركه خلف الكاميرا وانا امثل ..
مقابل ذلك هم يعرفون اني ارتدي كل ما يطلب مني بدون اي تحفظ .. اتصور تحت الدش .. في البانيو .. على شاطيء البحر .. في السرير .. اي مكان انا موجودة ..
ذات مره احضر لي المنتج ثياب بحر بنفس لون بشرتي وطلب مني ارتدائها تحت الدش .. بدوت عاريه في الفيلم وانا لست عاريه .. من يركز قليلاً سيرى لباس البحر .. انقذتني الرقابه وحذفت المشهد برغم انهم تيقنوا من ارتدائي لشيء ما !!
لا امانع في تبادل القبل مع الممثلين .. عندما طلب مني مخرج ان استحسن قبلة احدهم واقول بابتذال بعدها : اللــــــــــــــه عسل .. فعلت رغم تقززي !!
انا لا ارفض اي شيء .. انا نجمة .. افلامي تحقق ايرادات ضخمه .. جمهوري يحبني .. رجال ونساء .. فانا بالرغم من كل شيء ممثلة موهوبه بالفطرة ..
-------------------------------------------------------
رفضت انهاء الفيلم .. احدث رفضي ضجه وانزعاج كبير في دوائر لم اتخيل انها تنزعج لواحده مثلي ..
قرر المخرج الاستعانه بدوبلير بديله تشبهني .. استخدم اللقطات العامه الواسعه .. صورها من ظهرها في اللقطات المقربه .. استعان بارشيفي لاستكمال بعض اللقطات .. ركب حوارات بصوتي من افلامي القديمه ..بذل مجهود كبير لينقذ الفيلم ومنتجه من الافلاس !!
ولكني لم اتراجع عن قراري ..
بعد اقل من شهرين توفت ممثله موهوبة صغيرة لم تتجاوز الثلاثين الا بعامين .. كانت قد توقفت عن التمثيل مثلي منذ شهور ..
فادركت انني على الطريق الصحيح ..
انا مريضة بالقلب منذ ان كنت في العشرينات من عمري .. حياة السهر والتدخين والشرب اصابتني بازمات متلاحقه ..
اريد ان ارتاح قليلاً ..
افتتح محل بيع زهور .. لا لا .. افتتح محل تصميم ديكورات .. اللعنه انا لا اجيد الا التمثيل !!
------------------------------------------------------------------------
بالرغم من كل الضغوطات التي مورست معي لم اعود للتمثيل ..
ومرت ثلاث سنوات .. زوجت صغيرتي دينا .. اشترى عريسها شقة تواجه شقتي .. لم تبتعد كثيراً اذاً ..
النجومية ادمان ولقد استطعت المرور بفترات الانسحاب اللعينة وتخلصت منها .. زوج ابنتي تولى ادارة مدخراتي القليله ونماها بسهولة ..
احمد كبر .. عمره الان ثماني سنوات .. والده يزوره كل خميس .. اما والد دينا فكان يكتفي بارسال مصروفاتها ويراها في الاعياد وبالكاد حضر زفافها ..
يراني احمد احياناً في التلفاز .. رقابته المتشددة باتت اكثر تسامحاً مع افلامي !!
سيأتي يوم ويفهم اني ابتعدت من اجله .. اتمنى ان لا ارى تلك النظرة التي رأيتها ذات يوم في عيون دينا ترتسم على عينيه .. اريده ان يفتخر بي .. لا لا .. اريده ان يحبني .. لا اريد ان يعيره احد بي .. انا ام رائعه .. انا ام رائعه يا صغيري !!
--------------------------------------------------------------------------
رمضان - شتاء 1997
تناولت السحور مع أحمد ودينا وزوجها .. ادينا الفرض ..
ذهبت الى مخدعي واستلقيت .. اشعر براحه وصفاء عجيبين .. لا احمل هم أحمد ولا دينا ..
الماضي نسيته بكل الامه واحزانه وزيجاته وافلامه واضواءه ونجوميته ..
المستقبل يتلخص في أحمد ودينا واحلامي الصغيرة التي لم تتحقق ربما سوف تتحقق فيهم ..
لم اعد ابالي فانا مطمئنه ..
اعلم انني من الصعب ان أُنسى ..
لن ينساني الناس .. وانا احب حبهم لي .. سيغفرون لي وسيغفر لي صغيري كما غفرت لي دينا ..
لعل هذا الحب والغفران ابقى من تلك النجمه التي لمعت لفترة ..
غمرني شعور بالطمأنينه والسلام ..
وغفوت مرة اخرى واخيرة وانا اسبح في بحر هادئ الشطئان تظللني فيه سحب من الحب والغفران ..